في خضم النقاشات وردود الفعل التي أعقبت الإعلان عن المقترحات التي وافق عليها المجلس العلمي الأعلى لتعديل مدونة الأسرة، نظمت منظمة النساء الاتحاديات، يوم الجمعة 27 دجنبر 2024، ندوة صحفية بأحد فنادق الدار البيضاء، تمت خلالها مناقشة أبرز هذه المقترحات، التي تهدف إلى تكييف المدونة مع الواقع الاجتماعي والاقتصادي الحديث.
الندوة التي حضرتها كل من مريم جمال الإدريسي، المحامية بهيئة الدار البيضاء، وعتيقة الوزيري، المحامية بهيئة الرباط، والأستاذة الجامعية سعاد بنور عضوات منظمة النساء الاتحاديات، سيرت فقراتها الكاتبة الوطنية لمنظمة النساء الاتحاديات حنان رحاب، التي أكدت في بداية تدخلها على أهمية التعديلات المقترحة على مدونة الأسرة، واعتبرت أن التفاعل مع هذه التعديلات مسألة ضرورية، مشيدة بالمنهجية التشاورية التي تم اعتمادها في إعدادها. معلنة أن المنظمة ستواصل جهودها بتنظيم ندوات في مدن مغربية أخرى للتوضيح والنقاش ونقل وجهات النظر إلى الصحافة والرأي العام.
وأكدت مداخلات عضوات منظمة النساء الاتحاديات أن التعديلات المقترحة تتضمن نقاطًا إيجابية، أهمها التعديل الخاص بالحضانة، الذي يعكس تطورات تضمن حقوق الأمهات وتحمي مصالح الأطفال.وفي هذا الصدد أوضحت مريم جمال الإدريسي أن الحفاظ على الحضانة عند الأم دون إسقاطها عند بلوغ الطفل السابعة، هو تعديل إيجابي يعكس تغييرات ضرورية طالبت بها النساء الاتحاديات لسنوات، وأضافت أن المنظمة توافق على هذه النقطة التي تصب في مصلحة الطفل والأسرة بشكل عام.
كما خلصت إلى أن الحضانة ليست فقط حقا أو نعمة تحصل عليها الأم لكنها مسؤولية تقتضي توفير بيئة سليمة للأطفال وضمان استقرارهم النفسي والاجتماعي، ما يجعل هذه التعديلات خطوة مهمة نحو تنظيم حياة الأسرة المغربية.
النقطة الثانية التي وجدت قبولا وموافقة عند منظمة النساء الاتحاديات تتعلق بالولاية القانونية، وفي تدخلها حول الموضوع قالت عتيقة الوزيري المحامية بهيئة الرباط إن موضوع الولاية كان من بين أولويات المنظمة، حيث انطلقت مطالبها من المشاكل التي تواجهها النساء بعد الطلاق، وأوضحت أن الأمهات غالبا ما يقمن بمختلف احتياجات الأطفال، لكنهن يواجهن عرقلة في المصالح الإدارية التي تفرض عليهن الرجوع إلى الأب، حتى لو كان بعيدا جغرافيا أو يقضي عقوبة سجنية.
واعتبرت المتدخلة أن التعديلات الجديدة في هذا المجال إيجابية، مؤكدة أن المنظمة تدعمها بشكل كامل لكونها تصب في صالح النساء والأطفال على حد سواء، وتخفف من المعاناة الناتجة عن تعقيد الإجراءات الإدارية.
من جهتها تطرقت سعاد بنور إلى النظام المالي المتعلق بمختلف الجوانب المالية أثناء قيام العلاقة الزوجية وبعد انتهائها مؤكدة أن منظمة النساء الاتحاديات تثمن هذا الإصلاح الجديد معتبرة أن تيسير إجراءات النفقة بعد الطلاق من الأمور التي يجب الاشتغال عليها .
كما عبرت المتدخلات عن ارتياح المنظمة من المقترح الخاص بالهبة بالنسبة للفتيات الوارثات وأيضا ما يخص العمل المنزلي بالنسبة للنساء متمنية أن تكون الصياغة القانونية واضحة حتى لا يتم الالتفاف على هذا المطلب، بالإضافة إلى مقترح التوارث بين المسلمين وغير المسلمين.
من جهة أخرى تطرقت المتدخلات إلى تلك المغالطات التي عجت بها وسائل التواصل الاجتماعي خصوصا في الجانب المالي والأسئلة المطروحة التي أصبحت حديث الكبير والصغير واعتبرن أن على الجميع الوقوف في وجهها وفي وجه الإشاعات التي تهدف إلى تأليب الرأي العام .
أما بخصوص بعض المقتضيات التي لا توافق عليها المنظمة فيتعلق الأمر بطريقة استخلاص النفقة التي فيها إشكال كبير وصعوبة التنفيذ معتبرة أن على المشرع إعفاء الحاضنات من كل هذه المساطر المعقدة والحديث عن مفهوم الإلزام والاقتطاع من المنبع مشددة على وقوفها ضد الإكراه البدني الذي لا يصب في مصلحة الأم الحاضنة أو مصلحة الأبناء.
ودعت المنظمة في شخص كاتبتها الوطنية إلى ضرورة إيجاد هيئة موازية للقضاء تراقب صلة الرحم بين الأب وأبنائه لأن من حق الأبناء التمتع بحنان الأب ووجوده في كل مراجل حياتهم بعيدا عن المشاكل الناشئة بين الوالدين.
تزويج القاصرات والاستثناء الذي جاء في المقترح الخلاص بسن الزواج كان من بين النقط التي رفضتها المنظمة بشكل قاطع معتبرة أن الإبقاء على هذا الاستثناء هو أمر غير مفهوم، وأكدت في هذا الصدد عتيقة الوزيري أن مطلبنا في المنظمة كان دائما مؤسسا على الواقع وعلى الجوانب القانونية معتبرة أن هناك تناقضا عند كل من يدافع عن هذا الاستثناء مشددة في تدخلها أن هذه النقطة سوداء وسلبية وغير مقبولة.
من جهتها اعتبرت سعاد بنور في ما يخص إثبات النسب أن عدم الأخذ بالخبرة الجينية في إثبات النسب لا يصب في المصلحة الفضلى للطفل الذي عليه أن يعيش مواطنة كاملة بغض الطرف إن كان ابنا ناتجا عن علاقة زواج أو غير ذلك، مبرزة أن هذا المقترح يحول دون ذلك، حيث سيصبح الأطفال غير الشرعيين بموجبه دون حماية من المجتمع .
و بخصوص التعدد أكدت المتدخلات أن هناك تخوف من توسع القضاء في الشروط التي سيصبح بموجبها التعدد قانونيا لدى المطالب به، وأكدن أنه كلما كان هناك استثناء كلما كان هناك مجالات واسعة للتأويل و التعويم ولذا أكدت المنظمة رفضها لهذا المقترح .
وفي الختام أكدت الكاتبة الوطنية لمنظمة النساء الاتحاديات أن المنظمة في العموم مع إعلان النوايا المتمثل في مقترحات التعديلات التي ستعرض أمام البرلمان وأن المنظمة مع استمرار النقاش والحوار الهادئ وتقريب وجهات النظر في المسائل الخلافية، واعتبرت الندوة فرصة لتسليط الضوء على هذه التعديلات، مع التأكيد على أهمية الحوار المجتمعي ومشاركة المنظمات النسائية لضمان تحسين وتطوير مدونة الأسرة بما يعزز المساواة ويحمي حقوق الأطفال ويحافظ على الأسرة المغربية التي هي أساس المجتمع، كما أكدت المنظمة أن موقفها ينبع دائما من الالتزام العميق بالدفاع عن حقوق كل مكونات المجتمع في إطار مشروع حداثي ديموقراطي يجعل من المساواة وحماية الأسرة إحدى ركائزه الأساسية .