في ندوة نظمتها «جمعية الطفل» بأكَادير : تجنيد الأطفال بتندوف في العمليات العسكرية جريمة حرب ضد الانسانية

 المنتظم الدولي مطالب بمساءلة الجزائر عن الجرائم التي تقع فوق ترابها

في ندوة نظمتها جمعية الطفل بأكَادير، زوال يوم الجمعة 4 نونبر2022، أكد الأستاذ المحامي والحقوقي، الحسين بكار السباعي، أن تجنيد الأطفال بتندوف في العمليات العسكرية يعد جريمة حرب ضد الانسانية، تمنعها كل الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، وميثاق الأمم المتحدة وميثاق حقوق الانسان والعهدان الدوليان الخاصين بالحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وأشار السباعي إلى أن هذا التجنيد متعمد في حق الأطفال الصحراويين المحتجزين بتندوف، وأنه ممنوع أيضا بموجب الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل لسنة 1989، وبموجب مبادئ فانكوفر ومبادئ باريس لحقوق الإنسان، مشددا على أن القرار رقم 2601 لمجلس الأمن قد أدان التجنيد العسكري للأطفال وطالب الدول باتخاذ الاجراءات اللازمة لوضع حد لهذه الجريمة ضد الإنسانية التي تنكرها كل مقتضيات القانون الدولي وحقوق الانسان والمعاهدات والاتفاقيات الدولية.
لكن للأسف الشديد وبمباركة جزائرية وفوق أراضيها، يضيف السباعي، نهجت جبهة البوليساريو أسلوبا رخيصا ومسارا خسيسا باستغلالها لأطفال مخيمات تندوف القاصرين، حين انتزعتهم من أسرهم بالقوة، كي تزج بهم في تداريب عسكرية وتجبرهم على حمل العتاد والأسلحة التي لا تناسب بنيتهم الجسمية، مما يهدد سلامتهم البدنية ويزيد من معاناتهم النفسية. بين أنه سرعان ما تم اكتشاف جريمتها الشنعاء في حق الطفولة المغتصبة أمام المنتظم الدولي من خلال ما تروجه لنفسها عبر إعلامها وأبواقها هنا وهناك في إطار التحريض على الكراهية والعنف، بحيث تم الترويج لمجموعة من الأشرطة المرئية التي  توثق لتجنيد الأطفال ودفعهم إلى حمل السلاح.
وهو ما اعتبره الفاعل الحقوقي بكار السباعي، جريمة دولية وخرقا للقانون الدولي الذي يحظرإشراك الأطفال في النزاعات المسلحة بموجب الفقرة الثانية من المادة 77 من برتوكول جنيف لعام1977، والمادة 38 من اتفاقية حقوق الطفل لعام 1989، والبروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل بشأن إشراك الأطفال في النزاعات المسلحة لعام 2000، مؤكدا أن جميع الاتفاقيات الدولية الموقعة تمنع إشراك الأطفال الذين لم يبلغوا بعد سن الثامنة عشر في الأعمال العدائية.
وقال السباعي في الندوة التي نظمت أيضا لتكريمه: «إن المغرب ومن خلال سفيره بالأمم المتحدة عمر هلال سبق أن نبه لهذا العمل الإجرامي الذي تقوم به جبهة بوليساريو،أثناء اجتماع للجنة 24 للاَمم المتحدة المنظم السنة الماضية بالدومينكان حيث دق السفير المغربي ناقوس الخطر، وطالب بالتدخل العاجل بالتدخل الدولي لمنع هذه التصرفات اللإنسانية المغتصبة لحق الطفولة.
كما طالب المنتظم الدولي بإدانة الجبهة الانفصالية لقيامها بتجنيد أطفال والزج بهم في تداريب عسكرية شاحنة إياها بالكراهية والعداء والإرهاب، مما يشكل خرقا للقانون الدولي والاتفاقيات الدولية بل شدد على ملاحقة ومتابعة قيادة جبهة البوليساريو،خاصة أنه صادر عن جهة غير معترف بها دوليا وتقوم بهذه الأفعال الإجرامية وفق تراب دولة الجزائر التي هي عضو بالأمم المتحدة . وأوضح في ذات الندوة أن  جبهة البوليساريو تستمر إلى يومنا هذا  في نهج إجرامها في حق أطفال المخيمات دون احترام للقانون الدولي وحقوق الانسان. ويتأكد ذلك حين عمدت أن يكون ممن يستقبلون المبعوت الأممي دي ميستورا في زيارته لتندوف،أطفال أبرياء بلباس عسكري وهم يحملون بنادق كلاشنكوف، في الوقت الذي كان مكانهم الطبيعي والحقيقي هو المدرسة وليس التدريب العسكرية الشاقة.
وقال السباعي إن هذا الوضع يحتم على المنظمات الحقوقية الوطنية والدولية إثارة انتباه لجنة الأمم المتحدة لحقوق الطفل إلى الوضعية المأساوية للأطفال المحتجزين في مخيمات تندوف، في خرق سافر لكل الأعراف والقوانين،ودفع الجزائر المحتضنة لجبهة البوليساريو على أراضيها أن تتحمل كامل المسؤولية أمام المجتمع الدولي،ولهذا يتعين مساءلتها لأن استغلال هؤلاء الأطفال يتم فوق التراب الجزائري. كما أن الجبهة تقوم بتدريبهم على استخدام السلاح وإدراجهم في مناورات عسكرية ضاربة بعرض الحائط بكل المعاهدات الدولية.
وقد تأكد مؤخرا هذا الفعل الجرمي المرتكب في حق الطفولة الصحراوية المحتجزة بتندوف، يقول السباعي، حينما أشرف زعيم جبهة «البوليساريو» على تخرج دفعة جديدة من أطفال عسكريين بمخيمات تندوف، وقام بترحيلهم إلى كوبا للتدريب العسكري والتكوين الإيديولوجي، من أجل استخدامهم في ارتكاب أعمال إرهابية وشن هجمات انتحارية وأعمال التجسس وزرع المتفجرات ضد المملكة المغربية (وطنهم الأم).
وأضاف أن هناك تقارير تشير إلى أن الجبهة الانفصالية لم تقتصر على تجنيد الأطفال الصحراويين المحتجزين، بل تقوم قياداتها بزجهم بهم في أعمال شاقة وإجبارهم على خوض مناورات عسكرية وفصلهم عن أهاليهم وتربيتهم على التحريض والعنف وثقافة الكره.
وختم الأستاذ والمحامي من هيئة أكَادير،مداخلته بقوله: «على الجزائر أن تتحمل مسؤوليتها كاملة أمام المجتمع الدولي تجاه ما يقع بتندوف، ويتعين على المنتظم الدولي مساءلتها عن هذه الجرائم المرتكبة في حق الطفولة لأن استغلال هؤلاء الأطفال المجندين يتم فوق ترابها وفي مخيم للمحتجزين الذي أقدم مخيم في التاريخ والذي لا يمكن وصفه الا بسجن كبير ترتكب فيه أبشع الجرائم ضد الانسانية».
هذا وتجدر الإشارة إلى أن الندوة التي عقدتها جمعية صوت الطفل بأكادير، مساء يوم الجمعة الماضي، تأتي في سياقين وهما الاحتفاء بذكرى مرور 47 سنة على المسيرة الخضراء المظفرة، وتكريم الأستاذ المحامي الحقوقي والباحث الإعلامي الحسين بكار السباعي من قبل ذات الجمعية نظرا لما قدمه من خدمات كثيرة لها. بل كان دائما السند القوي لها في كل مرافعاتها أثناء مثولها كطرف مدني مدافع عن حقوق الطفل والمرأة على حد سواء،كما جاء في كلمة رئيسة الجمعية فاطمة عريف،عند افتتاح هذه الندوة التي عقدت بمقر اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بأكَادير.


الكاتب : عبد اللطيف الكامل

  

بتاريخ : 08/11/2022