مليكة الزخنيني: لا حديث عن الدولة الاجتماعية دون مجتمع حداثي ديمقراطي متضامن
محمد جدري: مجهود الحكومة غير كامل في تنزيل مشروع الحماية الاجتماعية
بدر الزاهر الأزرق: المغرب عرف البعد الاجتماعي الحقيقي مع حكومة عبد الرحمان اليوسفي
أكدت مليكة الزخنيني، عضو الفريق الاشتراكي- المعارضة الاتحادية بمجلس النواب، أنه لا يمكن الحديث عن الدولة الاجتماعية دون ربطها بالمجتمع الحداثي الديمقراطي المتضامن، باعتبار أن سمة التضامن ركيزة أساسية من ركائز الدولة الاجتماعية وأحد شروطها الرئيسية.
وأضافت الجامعية الزخنيني التي كانت تلقى مداخلة في ندوة نظمها فرع اكدال الرياض لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بمقر الحزب اكدال الرباط، أول أمس، أن تنزيل مشروع الدولة الاجتماعية يثير العديد من المشاكل والتعثرات، خاصة أن ذلك يتم عبر أياد ليبيرالية، والتي رجحت أن تصل إلى ليبيرالية متوحشة، في إحالة على تجربة أوربا الشمالية التي عرفت الدولة الاجتماعية بقيادة ليبيرالية مطوقة التي تطورت إلى أن وصلت إلى تجربة ليبيرالية متوحشة.
وتساءلت النائبة الاشتراكية، في هذا السياق، هل المملكة المغربية تسعى لاستعادة هذه التجربة التي أقفلتها أوربا الشمالية في الزمن الماضي، مستحضرة السياق العالمي والوطني، الذي لا يمكن أن يسمح بذلك، ولا يمكن للتاريخ أن يعيد نفسه، مبرزة أن جائحة كوفيد 19، أظهرت أنه لا بديل عن الدولة القوية العادلة، وهذا شعار كان حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية قد رفعه، إذ بدا واضحا أن الدولة كانت مطالبة بتدبير الأزمة بما فيها القطاع العام والقطاع الخاص، وأضحت سيادة الدولة قوية من أجل تأمين أمن مواطنيها وحمايتهم على جميع المستويات.
وشددت النائبة الزخنيني على أن المجتمع المغربي قادر على حماية مشروعه الاجتماعي المتضامن المرتبط بالمشروع الحداثي الديمقراطي المتضامن الذي يتبناه حزب الاتحاد الاشتراكي، مسجلة في نفس الوقت، أنه لا يمكن تصور تنزيل الدولة الاجتماعية وتحقيقها في ظل الانحسار وغياب الديمقراطية.
ومن جانبه، في مداخلة له بنفس المناسبة، سجل الخبير الاقتصادي محمد جدري أن هذه الحكومة محظوظة وتوفر لها ما لم يتوفر لغيرها من الحكومات منذ أربعين سنة، مستعرضا عناصر القوة المساعدة من أجل النجاح في مهامها، حيث أنها لأول مرة حكومة مصغرة بتحالف ثلاثي له أغلبية مطلقة مركزية بالإضافة لأغلبية جهوية وإقليمية، حيث تترأس أغلب المجالس الإقليمية والجماعات الترابية الكبرى والمجالس الجهوية، ثم إنها حكومة متكونة فقط من ثلاثة أحزاب، في المقابل لها معارضة غير متجانسة، ما يوفر لها هامشا كبيرا من المناورة، فضلا عن أن هناك قابلية المغاربة للتوفر على نفس إصلاحي.
وانتقد جدري الحصيلة الحكومية على مستوى الحماية الاجتماعية، واصفا التنزيل الذي تقوم به الحكومة على أرض الواقع بالمجهود غير الكامل، إذ استعرض العديد من الإشكالات في عمليات التنزيل المتعلقة بمجال التأمين على المرض، حيث لم يتم مراجعة التعرفة المرجعية الوطنية منذ 2003، كما أن هناك “لوبي” الدواء المتحكم في هذا الواقع الذي يحول دون خروج الدواء الجنيس.
كما توقف الخبير جدري عند عدد من الملفات الاجتماعية التي تعرف هي الأخرى عددا من المعيقات من أجل تنزيلها التنزيل السليم، بداية من السجل الاجتماعي وملف التعويضات العائلية والتأمين عن المرض والتعويضات عن المعاش والتعويض عن البطالة (الشوماج)، ثم عن أنظمة صناديق التقاعد التي تتجه نحو الإفلاس، فضلا عن برنامج الدعم المباشر للسكن الذي يعرف في الأجرأة عدة عراقيل انطلاقا من رخصة تسليم السكن المحددة في سنة 2024، وما أسماه بالصمت البنكي المتعلق بالقرض، وإشكالية التمويل.
كما قدم بدر الزاهر الأزرق، أستاذ جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، مداخلة في هذا اللقاء، أكد فيها بعد استعراضه السياقات الدولة والوطنية التي جاء فيها مفهوم الدولة الاجتماعية، أن المغرب عرف البعد الاجتماعي مع حكومة التناوب التي قادها الراحل عبد الرحمان اليوسفي، مشددا على أن ما نعيشه اليوم قد بدأ فيه النقاش منذ عشرين سنة حيث تم وضع التصورات الأولى مع حزب الاتحاد الاشتراكي والعهد الجديد كالمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، مصالحة سياسية توجت بتجربة الإنصاف والمصالحة، وفسح المجال للتفكير في الجانب الاجتماعي.
وشدد الجامعي الزاهر على أن من بين أهم الآليات تلك التي تهم مشروع الحماية الاجتماعية، والتي من الضروري وضعها هي آليات التتبع والتقييم، مؤكدا في نفس الوقت أن عمليات التنزيل المتعلقة بهذا الورش الكبير تهم الفاعل الحكومي والفاعل الحزبي والمواطن نفسه.