الدعوة إلى إعادة تحديد مفهوم الإعلام الرياضي وتكوين جيل جديد
قادر على استيعاب التحولات الكبرى في أنماط التعبير
سلط المشاركون في الندوة الوطنية، التي احتضنها المركز الثقافي بطانطان، يوم الجمعة الماضي، الضوء حول دور ومكانة الإعلام الوطني في مواكبة رهان المملكة لإنجاح مونديال 2030، حيث أوصى المشاركون في هذه الندوة، التي شهدت حضور جمع من الصحافيين المغاربة والعرب (العراق، الأردن، السودان وموريتانيا)، بضرورة إعادة تحديد مفهوم الإعلام الرياضي، بناء على التطور الذي يشهده المجال وأدواره محليا ووطنيا ودوليا، وأساسا الرقمي منه، وكذا التركيز على التكوين والتكوين المستمر من قبل المعهد العالي للإعلام والاتصال) باعتماد من المؤسسات والجمعيات الرياضية (بشراكات مع المؤسسات الرياضية والحكومية).
وتضمنت توصيات هذه الندوة، المنظمة من طرف فرع النقابة الوطنية للصحافة الرياضية بجهة كلميم واد نون، بشراكة مع الجمعية المغربية للصحافة الرياضية، بمناسبة جائزة واد نون الوطنية الكبرى للصحافة والإعلام، ضرورة التأسيس للزمن الجديد للإعلام الرياضي المستوعب للتحولات الكبرى، التي حدثت على مستوى أنماط التعبير، مع التشديد على الحاجة الملحة لفرض التكوين والتكوين المستمر لتجويد الإعلام الرياضي بكل مفاصله، وكذا جعل الإعلام الرياضي في صلب استراتيجية تطوير وهيكلة الإعلام الوطني. وأيضا توفير الاستثمارات الكافية لتمكين المغرب من قنوات إعلامية ذات جاذبية عالية لمواكبة المونديال.
ومن بين التوصيات أيضا، التشديد على إطلاق تكوينات نوعية لتهييء صحافيين رياضيين قادرين على مواكبة الأحداث الرياضية الكبرى، وفي طليعتها كأس العالم لكرة القدم 2030، وتنظيم البيت الصحفي الرياضي بغاية تحقيق إعلام رياضي متماسك، لأنه شرط من شروط النجاح في كسب رهان مونديال 2030.
ودعا المشاركون كذلك إلى اعتماد تخطيط إعلامي جماعي رصين، مع تعزيز الثقافة الرياضية والكفاءة التقنية المهنية العالية والتمكن من المهارات التكنولوجية وامتلاك اللغات لدى الجيل الجديد من الإعلاميين، فضلا عن المطالبة باستثمار كأس العالم لإشاعة صورة جيدة عن المغرب، وتوظيف الإعلام الرياضي ليكون دعامة أساسية في إنجاح كأس العالم.
وحث المشاركون على أهمية تشكيل جبهة إعلامية وطنية تجعل من الإعلام المغربي مصدرا للمعلومة وليس مستهلكا فقط، بالإضافة إلى الاستثمار في النقل الأخضر والقيام بحملة إشعاعية على مستوى عدة دول للتعريف بتنظيم المغرب للمونديال، واعتماد التكنولوجيا بالمدن المغربية التي ستحتضن المباريات وتحويلها إلى مدن ذكية.
وخلال هذه الندوة، تطرق الزميل بدر الدين الإدريسي، رئيس الجمعية المغربية للصحافة الرياضية، في مداخلته التي حملت عنوان: “مونديال 2030.. تأسيس لإعلام رياضي جديد”، إلى طابع الراهنية، الذي يسائل الإعلام الوطني عن ممكناته في مواكبة رهان المملكة لإنجاح مونديال 2023، لأن الإعلام الرياضي بشكل خاص مطالب بمواكبة استعدادات المملكة لتنظيم هذا الحدث الرياضي العالمي بالاشتراك مع إسبانيا والبرتغال، مشيرا إلى أن الإعلام يشكل أحد أقوى رافعات التحضير المثالي لهذا الحدث الرياضي الضخم، ولذلك يتعين عليه أن يكون في أتم الجاهزية على المستوى المهني واللوجستي ليس فقط في مواكبة هذا الحدث الكروي الكوني ولكن في المساهمة في إنجاح تنظيمه.
وبعد أن استعرض منصف اليازغي، الباحث في السياسات الرياضية، في مداخلته التي همت الإرث الذي سيخلفه تنظيم المغرب لمونديال 2030، المحطات الخالدة في تاريخ كرة القدم المغربية بدءا من سنة 1906، وكذا ترشيحات المملكة لاحتضان المونديال منذ أن تولدت الفكرة في ذهن عبد الرزاق مكوار سنة 1970، والحلمة التي استهدفته حينها، حيث اعتبر غالبية المغاربة أن الرجل بالغ في الحلم، الذي أصبح حقيقة بتوالي السنين، وكذا أسباب التأخر في نيل شرف التنظيم، رغم أن المغرب كان سباقا إلى الرشيح، عربيا وإفريقيا.
وتناول اليازغي في مداخلته إلى المكاسب التي ستتحقق للمغرب من هذا التنظيم، حيث سيربح 14 سنة من التنمية، لأنه سيحقق في ظرف ست سنوات ما يجب أن يجنيه في ظرف 20 عاما.
وتناول عبد اللطيف بن صفية، مدير المعهد العالي للإعلام والاتصال بالرباط، استراتيجية المعهد الإعلامية لمواكبة هذا الحدث الرياضي العالمي، الذي تتعدى أهميته مباريات كرة القدم، لأنه نموذج مجتمعي يتطلب التأسيس لعقلية جديدة.
ودعا بن صفية إلى ضرورة تأهيل الجيل الجديد من الصحافيين لمواكبة هذا الحدث الرياضي الكوني، وبالتالي تغيير العقلية السائدة حاليا بغاية الانسجام مع استحقاقي 2025 و 2030، وهذا لا يمكن أن يتحقق إلا باشتغال جميع الفاعلين في مجال التكوين الإعلامي، بشكل جماعي، لإنتاج إعلاميين مؤهلين عبر تغيير مناهج التكوين ومضامينه.
وتطرق وليد كبير، الإعلامي والناشط السياسي الجزائري، إلى أبعاد وآثار تنظيم المغرب للمونديال على المحيط العربي والإقليمي والإفريقي، حيث ستتعزز مكانة المغرب دوليا، وستتقوى علاقاته مع الدول العربية والإفريقية، كما ستشهد المملكة طفرة نوعية في جلب الاستثمارات وخاصة على مستوى البنيات التحتية، وتطوير القطاع السياحي، متأسفا في الوقت ذاته على تضييع بلده الجزائر لفرصة مواكبة هذا الحدث الرياضي الكوني، والمشاركة في هذه المشروع / الحلم.
واعتبر محمد بودن، الخبير في الشؤون الدولية المعاصرة، أن المغرب بتنظيمه مونديال 2030 التشارك مع إسبانيا والبرتغال، سيدخل نادي دول المستقبل، حيث سترتفع نسبة النمو بأكثر من نقطتين، كما سيستفيد أيضا جواز السفر المغربي، الذي ستحسن ترتيبه عالميا، إضافة إلى التأثير الإيجابي على تداول الدرهم.
وأشار بودن إلى أن التوقعات تشير إلى إمكانية استقطاب المغرب لـ 30 مليون سائح سنة 2030، وبالتالي ستكون فرصة للملكة كي تبرز إمكانياتها ومؤهلاتها في مختلف القطاعات، الأمر الذي سيخلق إشعاعا دوليا للمغرب، الذي سيكل احتضانه للمونديال فرصة كبيرة للاستثمار في مستقبل الأمة المغربية.
وشهدت هذه هذا الندوة تكريم شخصيات إعلامية ورياضية وأكاديمية.