في الوقت الذي تسعى فيه الدولة المغربية جاهدة إلى جعل المدن المغربية مدنا بلا صفيح، أقدم أحد المكترين بجنان بوهلال، على مستوى مقاطعة جنان الورد، على الاستيلاء على قطعة أرضية هامة، وفي «غضون الليل» حيث «هجع الناس للنوم»، أقام مجموعة من الأكواخ القصديرية ضاربا بعرض الحائط كل القوانين الجاري بها العمل، ومتحديا أصحاب الأرض والسلطات المحلية، جاعلا منها دكاكين لبيع الخبز اليابس وأغراض أخرى…
مشهد شائن مسيء للمنطقة ومشوه لكل جمالية، كان من المفروض أن تقوم الجماعة والسلطات المحلية بتصحيحه ومطالبة المخالف بهدم تلك الأكواخ القصديرية التي شوهت المنظر العام للمنطقة، خصوصا وأن جنان بوهلال لا تفصله عن مقاطعة جنان الورد سوى الطريق الرئيسية المؤدية لباب عجيسة، ورغم الشكايات التي رفعها المالكون للقيادة سابقا، فإن الوضعية لازالت على حالها، مما جعل عددا من المعنيين والمتتبعين يطرحون علامات استفهام حول الجهة التي سمحت بوقوع هذا الاختلال، بل ووفرت له الحماية واحتضنته ضدا عن كل القوانين؟
وغير خاف أن منطقة الجنانات عرفت زحفا إسمنتيا وبناءات عشوائية من طرف منهشين عقاريين حيث انهارت في السنوات الماضية عدة عمارات مخلفة قتلى وخسائر مادية. وفي إحدى الزيارات السابقة التي قام بها الراحل الملك الحسن الثاني إلى فاس، لاحظ ما تعرفه المدينة من زحف إسمنتي على أراضي الجنانات التي كانت تزود فاس بالخضر والفواكه، فاستدعى أعضاء المجلس البلدي المشكل آنذاك سنوات السبعينات من حزب الاستقلال الذي كان يرأس المجلس والاتحاد الاشتراكي الذي كان يشكل معارضة قوية، وخلال هذا الاستقبال سأل صاحب الجلالة أعضاء المجلس عن حاجيات ومتطلبات مدينة فاس، فانبرى المستشار الاتحادي ذ محمد بنسعيد شافاه الله قائلا.. «يا مولاي إن مدينة فاس كعروس فاتنة ترتدي أجمل حللها ولكنها مع الأسف متمنطقة بحزام قصديري فأدرك جلالته ما يقصده المستشار الاتحادي ومنذ تلك الفترة أعطيت التعليمات لمحاربة مدن القصدير المحيطة بفاس» .
وتم التخطيط لبرنامج يتوخي تحسين ظروف حياة المواطنين بأحياء هامشية هي الجنانات، وسهب الورد، والمسيرة، وزواعة السفلى، ودوار البركاني، ودوار الحاج ادريس، والمنطقة الشمالية، بالإضافة إلى عدد من الجيوب الصفيحية بطريق ايموزار، وهكذا تم تعزيز السكن الاجتماعي بفاس بغلاف مالي يقدر ب 140 ألف درهم لانجاز 9600 وحدة منخفضة التكاليف، وأسند المشروع لشركة العمران بمبادرة منها ومن خلال عقد شراكات بين القطاعين الخاص والعام ، كما استفادت فاس من دعم مالي هام سنة 2011 من طرف وزارة الإسكان والتعمير والتنمية المجالية بما قدره 622مليون درهم .
ويبقى السؤال المطروح اليوم، هل حقق البرنامج هدفه أي مدينة بلا صفيح ؟ الجواب نعم لقد اختفت أكثر من 90 في المائة من الدواوير الصفيحية بفاس بفضل المجهودات الجبارة التي بذلت من طرف السلطات والمنتخبين والمواطنين .لكن يبقى على سلطات فاس، خاصة بالجنانات والأحياء الهامشية، التي تمت هيكلتها الحرص على ما تحقق من منجزات والضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه العودة إلى الأحياء الصفيحية، سيما وأن فاس من المدن التي سيقام فيها كأس العالم لسنة 2030.