في يومهم العالمي الذي يحتفى به الثلاثاء 12 ماي من كل سنة
تخلّد أسرة التمريض يومها العالمي هذه السنة، يوم الثلاثاء 12 ماي 2020 ، على إيقاع التعبئة الكاملة لمواجهة الجائحة الوبائية لفيروس كورونا المستجد، التي أكدت الأدوار الأساسية لهذه الفئة التي تتوزع مهامها، والتي كان لها الفضل الكبير منذ القدم في تطوير المنظومة الصحية في كل الدول، ومن بينها بلادنا، من خلال الإسهامات في البدايات في البرنامج الوطني للتلقيح، وفي البرامج الصحية المختلفة، وصولا إلى التكفل بالمرضى المصابين بفيروس كوفيد 19، انطلاقا من أخذ العيّنة وصولا إلى مصالح الإنعاش وغرف العناية المركزة بالنسبة لبعض الحالات.
ممرضون وممرضات، عرّضوا ويعرّضون أنفسهم للخطر في كل لحظة وحين، أثناء تأمين النقل الصحي، وفي مزاولتهم لمهام التخدير والإنعاش، وأثناء الولادة، واليوم فارقوا أسرهم وأحبابهم، ولبوا نداء الواجب في مواجهة كورونا وعدواها، ورقم كل المعيقات، الذاتية والموضوعية، تسلحوا بالابتسامة لكي يمنحوها لغيرهم، وتابعنا كيف تحول العديد منهم إلى داعم نفسي للمرضى، خاصة الصغار. منهم من حمل قيثارته ليعزف بها مسليا طفلا مريضا، وغيره لم يمنعه توجسه وألمه من أن يتحول إلى بهلوان، وغيرهم نظموا حفلات أعياد ميلاد، واللائحة طويلة لمبادرات نبيلة، طبعت الابتسامة وأدخلت الفرحة في قلوب المرضى، علما بأن مصدرها قد يكون هو في أمسّ الحاجة إلى من يسعده ومن يعزز ثقته ويمنحه الأمل في مواجهة خطر، بتعويض يبعث على المرارة؟
في اليوم العالمي للممرضات والممرضين، تمنح «الاتحاد الاشتراكي» مرّة أخرى الكلمة لبعض ممثلي هذه الفئة، للتعبير عن انشغالاتهم واستعراض مطالبهم، في انتظار تحقيق الإنصاف والعدالة، وتحديد دائرة الاختصاصات، وإيلاء أسرة التمريض المكانة التي تستحقها، التي يجب تعزيز صفوفها بجنديات وجنود آخرين، لأنه لم يعد من المقبول أن يظل الوضع على ما هو عليه، بنفس الكيفية التي كان عليها قبل زمن الجائحة الوبائية، ومن غير المستساغ أن يتواصل ما بعد كورونا.
الممرضون ما بين الواجب المهني والأخطار المهنية «كوفيد 19 نموذجا»
* مصطفى جعى: تعتبر العلاجات التمريضية العصب الأساسي للخدمات الصحية، حيث تشكل الكثافة المهنية في دول المعمور بأكثر من60 %من مجموع العاملين، كما أن الخدمات المقدمة قد تصل في التخصصات إلى أكثر من 80 % كتخصص الصحة النفسية والتخدير والقبالة، على اعتبار أن أقرب المهنيين للمريض هو الممرض بل أن المحدد الأساسي للاستفادة من الخدمات الصحية مرتبط في تطبيقها بالإطار التمريضي، مما يعني أن نجاح أو فشل السياسات والاستراتيجيات الصحية في شقها التطبيقي متعلق بمدى إشراك رجال ونساء التمريض في بلورة هذه السياسات.
معطى التقطته منظمة الصحة العالمية منذ عشرات السنين، وكانت توصي بإيلاء أولوية كبرى للعلاجات التمريضية والحفاظ على مقدميها ضد الأخطار التي تواجههم أثناء القيام بعملهم، فالأطر التمريضية تواجه عدة أخطار وتهديدات وبنسبة مرتفعة مقارنة بأي مهني صحي آخر، إذ تتحدث بعض الإحصائيات عن نسبة 1 إلى 2 % من الإصابات ببعض الأمراض المتنقلة عن طريق التعرض للدم، كالتهاب الكبد والسيدا، كما أن العديد من الممرضين عرضة للإصابة بداء السل وبوتيرة متكررة، على غرار حادثة إصابة 11 ممرضا وطبيبا بهذا المرض بأحد مستشفيات مراكش سنة 2018.
وإلى جانب ما سبق تنضاف الأخطار المرتبطة ببعض التخصصات الصعبة، كالتخصص في الصحة النفسية، فالأخطار متعددة وصعبة ولم يتم التعامل معها بجدية في إطار منظومة منصفة تعترف بخصوصية القطاع ونوعية الخدمة العمومية . ومع ظهور وانتشار وباء كوفيد 19 بالعالم اتجهت الأنظار إلى مهنيي الصحة ومن ضمنهم الممرضين، وأصبح الكل ينظر إليهم كأحد جنود الصف الأمامي، فكل تضحية وخدمة تعني إنقاذ مريض وخطوة نحو القضاء على الوباء.
ولأن أي معركة لابد لها من ضحايا، فقد شهدت المعركة خسارة العديد من الأطر التمريضية حيت تقدر نسبة الإصابات في بعض التقارير أن 9 % من المصابين بإيطاليا من مهني الصحة نصفهم ينتمون إلى أسرة التمريض، في حين أشارت تقارير أخرى إلى نسبة 14 % من مجموع المصابين من مهني الصحة على رأسهم الممرضون.
أما في المغرب فقد تجاوز عدد المصابين بمرض كورونا في فئة مهنيي الصحة 60 مصابا، ممن تم الكشف عنهم، ولا يزال العديد منهم يعمل ويمكن أن يكون حاملا للفيروس دون أن يعلم في ظل عدم ظهور العلامات السريرية ونقص أدوات الحماية، كما تم تسجيل ثلاث وفيات تغمدهم لله برحمته وتقبلهم من الشهداء.
إن الممرضين ملزمين بالقيام بالواجب المهني والإنساني والأخلاقي نظرا لطبيعة مهنتهم، لكنهم في المقابل لا يجدون اعترافا من الدولة بمجهوداتهم وتضحياتهم، بينما كل التوصيات الدولية تدعو لإنصافهم، وعلى رأسها منظمة الصحة العالمية التي جعلت سنة 2020 كسنة للتمريض والقبالة، مما يحتم الاستثمار في هذه الفئة وتكوينها وإنصافها في التعويض والحماية من الأخطار. ولعل ما يقع اليوم من مواقف شجاعة وحسّ مهني وتضحية في مواجهة كورونا، يجعل الدولة ملزمة وبدون ترد بإنصاف وحماية هذه الفئة التي تعتبر الثروة الصحية الجديدة.
التمريض إشكالية منظومة بأكملها في حاجة إلى وقفة تأمل ونقاش واسع
* زينب البهي: يستقبل العالم اليوم العالمي للممرض تحت وطأة وباء وجائحة كونية يلعب فيها الجسم التمريضي دورا هاما ومحوريا، علما بأن الحديث عن التمريض بالمغرب يطرح العديد من التحديات والرهانات في ظل تناسل إشكالات عديدة واختلالات تحولت في كثير من الأحيان إلى قاعدة وليس استثناء، لأن مجرد الحديث عن إمكانية تحسين جودة العرض الصحي يعد طموحا بعيد المنال، في ظل غياب إطار قانوني ينظم المهن التمريضية ويربط المسؤولية بالمحاسبة، التي لا يمكن لها أن تتحقق بدون إرادة سياسية يفترض أن تتفاعل مع المؤشرات الهزيلة للخريطة الصحية، وضعف بنياتها ومواردها البشرية، وتدني خدماتها وتباينها بين القطاع العمومي والخاص، بشكل يحدّ من الفوارق ويضمن التكامل والفعالية، ويمكّن المواطن في المداشر والحواضر من حق الولوج إلى المرفق الصحي دون عقبات مسطرية ومالية، غالبا ما تضطره إلى تأجيل طلبه في العلاج والتعايش مع العلل والأمراض تحت تأثير الفقر وممارسات غير شفافة، تكرّس الإحساس بالحيف وتسيء إلى كل الجهود المبذولة.
إن الرصد الموضوعي للقطاع الصحي ببلادنا يمكننا من الوقوف على الاهتراء البيّن للمنظومة الصحية و لأعطابها الكبرى التي تعود لعقود من الزمن، مما يشير إلى أن المدخل الأساسي للإصلاح يكمن في الجرأة والإرادة الحقيقية باعتبار أن الصحة اليوم عالميا هي الضامن الأساسي لاستمرار المجتمعات الإنسانية والمدخل الأساس لتقدمها ونهضتها، مما يعيد من ترتيبها الفعلي ضمن أولويات السياسات العمومية لارتباطها الوثيق بحاجيات المجتمع الأساسية غير القابلة للتأجيل أو التقشف، حيث تعد من الحقوق الأساسية التي ينص عليها الدستور والمواثيق الدولية.
وإن كان ما قد سبق أن اشرنا إليه في وضع صحي يتسم نسبيا بالاستقرار والتوازن، فكيف يمكن أن يتحول ذلك في وضع صحي موبوء يتسم بوجود جائحة تهدّد الوجود البشري وتستنفر كل الطاقات والموارد والتخطيط واليقظة وما إلى ذلك، لا شك أن كل ما أسلفنا ذكره سيأخذ طابع الاستعجالية والمصيرية، إذ لابد من وقفة حقيقية مع الذات لتشخيص أعطاب الماضي ولاستدراك النقص الحاصل والتقصير في استحقاق القطاع والمنظومة بأكملها لعناية خاصة ولرد اعتبار ضمن السياسات العمومية لمسايرة الطلب وإكراهات المرحلة التي أفرزت وضعا مأزوما، تتجلى نتائجه الأولية في النقص الحاد في الموارد البشرية وسوء توزيع المنشآت الصحية وضعف وسائل العمل والتجهيزات وصعوبة الولوج إليها ومحدودية بنيات الاستقبال، فضلا عن غياب تصور متكامل يضمن حدود ممارسة المهن الطبية والتمريضية والواجب المهني، مما يتيح آفاقا واسعة لتقييم وتنويع العرض الصحي، ولن يتأتى ذلك بالطبع وسط الفراغ القانوني الحالي الذي ترك مساحات شاسعة لمظاهر وتجليات غريبة عن الرسالة النبيلة لهذه المهن، واجتهادات لا تتأسس على منطق معقول، تحضر فيها في كثير من الأحيان المزاجية وتغيب فيها الضوابط والمساطر المفترض أن تكون حكما وضامنا لحقوق الجميع، إلا أن الوصول إلى هذا المبتغى لم يتجاوز بعد حدود الآمال والمتمنيات، بالنظر إلى أن التجاذبات والنقاشات الجانبية المؤطرة برغبة في تحقيق مصالح فئوية ضيقة أكدتها التحركات الأخيرة في أكثر من مستوى نقابي ووزاري لوضع مشروع جديد وأرضية نموذجية، وحيث أن حدة الخلاف بين وجهات نظر المتدخلين تتسع كلما تعلق الأمر بوضع قانون ينظم المهن التمريضية على وجه الخصوص، ووضع مصنف للكفاءات الذي لا يزال حبيس الرفوف، وفي غياب هيئة لفئة تشكل ركيزة أساسية ودعامة حقيقية لهذا القطاع ألا وهي الممرضين . وبين هذا وذاك يجود إجماع حول ضعف المناصب المالية المخصصة للقطاع، وندرة معاهد التكوين في المهن التمريضية، وشح الميزانية المرصودة للنهوض بالبحث العلمي وعدم التوازن في انتشار وتوزيع المنشآت الصحية بكافة مستوياتها الجامعية والإقليمية والحضرية والقروية، والارتقاء بأداء استراتيجيات حيوية، في مقدمتها الاهتمام بالعنصر البشري الذي يشكل عنصر إقلاع المنظومة.
يتبين مما سبق أن التمريض إشكالية منظومة بأكملها في حاجة إلى وقفة تأمل ونقاش واسع تغيب فيه الحسابات الضيقة والأبعاد السياسية وتحضر المصلحة العامة لفئة عانت الكثير من الحيف والظلم. فئة تقف اليوم وقفة الجندي البطل المقدام لمواجهة خصم واحد وخطر يؤرق الجميع ويكاد يهدد بقاء البشرية، تقف في الصف الأول وتلتصق التصاقا بطوليا بالخطر غير آبهة بما عانته من حيف وما تزال، فكيف يعقل في دستور 2011 الذي نادى بالمساواة وتكافؤ الفرص نجد ثغرة كبيرة في كون الممرض الذي يعرض حياته بشكل مستمر للخطر يتقاضى تعويضا هزيلا عن هذا الخطر، والذي لا يبرح مكانه منذ تعيينه إلى حين تقاعده، في حين ينعم فيه غيره بالترقي في نفس التعويض وبفارق شاسع كأن لسان حال المشرع يقول أن حياة الممرض أهون.
إن المشاريع والأوراش التي تعيشها بلادنا بدء من إصلاح وجهوية موسعة وتخليق الحياة العامة وتنمية، لن تقوم لها قائمة في تقديري، في مجتمع مريض وبيئة معلولة، وبالتالي وجب تمكينها من الآليات اللازمة للتفاعل مع هذه الأوراش وتحقيق الانطلاقة المرجوة للنموذج التنموي الذي نطمح إليه، التي تبقى معلقة على مدى نجاعة الترسانة القانونية القادرة على تنزيل سليم لسياسة صحية عادلة وبمواصفات تتجاوب مع تطلعات المغاربة، وفي مقدمتهم العاملين بالقطاع، ولن نبالغ إذا قلنا أن الصحة اليوم أولوية وهي كذلك منذ الأزل مادام أن العقل السليم في الجسم السليم، وكل تقدم وتنمية لن تجد لها طريقا إلا بمجتمع سليم خال من المرض والعلة، فيجب أن نجعل من الصحة المجال الأنسب للاستثمار الذي ينطلق بداية من العنصر البشري. و كل عام و أسرة التمريض بخير عبر أرجاء المعمور.
مرافعة من أجل هيئة وطنية للممرضات والممرضين
* زهير ماعزي: راسلني أحد معارفي في الشبكة الاجتماعية المهنية لينكدن قائلا: مرحبا، أنا ممرض فرنسي سأنتقل للعيش في مدينة وجدة، وأريد أن أحدث عيادة تمريضية، أرجو أن تساعدني بخصوص الإجراءات الإدارية خصوصا ما يتعلق بالاتصال بالهيئة المهنية؟
أجبته : آسف، في المغرب لا توجد هيئة مهنية للممرضين.
أجاب: غير معقول، كيف يتم تنظيم المهنة إذن؟
مساحة اللامعقول تتمدد في زماننا الكوروني. خوفنا الجماعي يتمدد إلى البؤر الصناعية والمدارس وكل أماكن التجمعات البشرية. الآن، لنتخيل مشهدا معاكسا، لدى المغاربة هيئة تنظم جميع الممرضين، وتتواصل مع ممرضي الصحة المهنية في المقاولات وتزودهم بجميع المستجدات من أجل احترام الإجراءات الاحترازية، ربما كما قادرين على تفادي كارثة العرائش أو روزامور قبلها، ربما كنا قادرين على توعية أطفال المدارس الخاصة بأساليب الوقاية لتجنب التعفنات التنفسية، لكن الأكيد أننا كنا سنعبئ جيشا حقيقيا من الممرضين، ليس في المستشفيات العمومية فقط، بل في المصحات الخاصة والعيادات التمريضية والمقاولات والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية.. طبعا هذا لم يحدث، ونتمنى أن نتدارك في القادم من الأيام والمحن.
ما يضير حكومتنا المحترمة لإنشاء هيئة وطنية تنظم مهنة التمريض وتسمع صوتها، وتمنح الإذن بمزاولة المهنة، وتراقب العيادات التمريضية، وتحارب أشكال المزاولة غير القانونية، وتساهم في تعزيز أخلاقيات التمريض والتكوين المستمر، وتتعامل مع شكايات المواطنين في حالة الخطأ المهني؟ ألن تساعد الدولة في الضبط والأمن الصحي وتعزيز الصحة وحمايتها؟
لماذا تتمنع حكومتنا، علما أنها ستربح كثيرا من هذه الهيئة ولن تصرف عليها درهما بما أنها ذاتية التمويل؟
إن استراتيجية «هي فوضى» جعلتنا نخسر الكثير، لا على مستوى استخلاص الضرائب من مزاولة المهنة في القطاع الخاص، ولا على مستوى تقوية مساهمة هذه المهنة في امتصاص بطالة الشباب أو محاربة البطالة المقنعة، دون الحديث عن كلفة سوء جودة العلاجات ولا على العائد الاقتصادي من وراء الاستثمار في العناية التمريضية.
نحن في حاجة عاجلة لإسماع صوت التمريض وتعزيز أدواره في الصحة والتنمية. المواطن في حاجة لهيئة تمثل التمريض، خصوصا في ظل عدم وجود جمعيات خاصة بهم أو تواجدهم في الصفوف الخلفية مع فئات أخرى في جمعيات غير منفتحة أو مناطقية أو ذات تأثير محدود أو محدودة المصداقية.
من هي تلك الفعاليات غير المواطنة التي تريد احتكار التكلم باسم الممرضين؟ أو تروج لصعوبات وأكاذيب قانونية غير حقيقية؟ أو تقترح فخا إداريا غير عملي وغير قابل للتطبيق يضم جميع مهنيي الصحة من الأطر المتوسطة من أجل ربح الوقت؟ المنطق يقول أن كل هيئة مهنية تنظم مهنة واحدة لا مهنا متعددة، هذا يشبه دس السم في العسل، سم لا يقتل لكنه يصيب بالشلل، بينما الحقيقة الغائبة أن القابلات الشجاعات والذكيات في الطريق الصحيح لتأسيس هيئتهن، وكذلك المروضون الطبيون والمساعدون الاجتماعيون وغيرهم.. وفي الأخير، سيؤسس الجميع هيئاتهم التي تنظم مهنهم، وسيبقى الممرضون في قاعة الانتظار فيما يشبه سيناريو درامي لحبيبة تركها خطيبها ليلة العرس لتكتشف أنها في علاقة حب من طرف واحد، لكنها تضحك بعد ذلك بشكل جنوني لأنها ليس المرة الأولى ولأنها لا تتعلم أبدا من أخطائها.
الجدير بالذكر، أن القانون رقم 43.13 المتعلق بمزاولة مهنة التمريض ينص في مادته 38 على إنشاء هيئة مهنة للممرضين، كما نصت عليها الاستراتيجيات الصحية المتعاقبة، وبالتالي، فقد أصبح إحداث الهيئة المهنية للممرضين والممرضات التزاما قانونيا وسياسيا على الحكومة الوفاء به، ويكفي كل هذا الهدر الزمني.
كتجارب مقارنة، تضم أغلب الدول هيئات خاصة بالممرضين تسهر على تمثيل المهنيين وتنظيمهم ومنح تراخيص العمل في الأمور التقنية، وكذا إسماع صوتهم في الأمور التي تهمهم والتي تعنى بالشأن الصحي بشكل عام، وقد تناط بها صلاحيات شبه قضائية عبر الزجر في حالة الممارسات المشينة للمهنة، وحمايتها من المتطفلين عليها ممن قد يتسببون في بعض الأضرار الصحية للمواطنين التي قد تصل إلى حدّ الوفاة لا قدر الله، كما ستكون هذه الهيئة بنك معطيات يسهل إدماج الممرضين في القطاع الخاص في أنظمة الحماية الاجتماعية وغيرها. حتى على المستوى الوطني، هناك العديد من التجارب لهيئات مهنية كهيئة الأطباء وهيئة الصيادلة وهيئة أطباء الأسنان، فرغم أنها مهن متقاربة وتتخرج من نفس كلية الطب والصيدلة إلا أن هيئاتها منفصلة من أجل التدقيق في جميع الأمور التي تهم المهنة بكيفية محكمة، وهذا النموذج المتعدد الأصوات هو الملائم حاليا.
بالنسبة لنا في حملة التمريض الآن- فرع المغرب، فنحن نفكر كونيا ونمارس محليا، ونتبع المرجعيات الدولية والتعريف الدولي للتمريض كما سنّه المجلس الدولي للتمريض وأقره قانون المزاولة، ونحيي مساهمة الممرضين المغاربة في المغرب والعالم في التصدي لجائحة كوفيد -19 خاصة وفي دعم الصحة والسلم الاجتماعي عامة، وندعو إلى تنفيذ توصيات التقرير الدولي حول حالة التمريض في العالم بمناسبة اليوم العالمي للصحة 7 أبريل، وإلى أن يشكل ورش الهيئة الوطنية للتمريض أساس احتفال المغرب بعام 2020 سنة دولية للكادر التمريض والقبالة كما أقرته منظمة الصحة العالمية.
أخيرا، مغرب جلالة الملك محمد السادس، يحتاج ممرضا مغربيا جديدا يساهم في النموذج التنموي الجديد، وتطوير العناية التمريضية عبر تعزيز مساهمتها في تحسين النتائج الصحية والتنمية الاقتصادية ورأب الفوارق الاجتماعية بين الجنسين والأمن العالمي، كما برهنت على ذلك تقارير دولية وأممية، والمغاربة يستحقون مؤسسة مهنية تساهم في حماية حق المواطنين والمواطنات في علاجات تمريضية مناسبة، جيدة وآمنة للجميع. بالنسبة لنا في الحملة، مقترحاتنا التشريعية جاهزة وثم تجويدها بالخبرة القانونية اللازمة، فهل تملك الحكومة الإرادة السياسية لفعل مربح للجميع؟