فَواصل مِن الذاكرة

1

كَمَا الرِّيح ،
تُهَدهِدُ ذاكرتـي…
مددتُ يدي،
إلى جنان الشوق
أقطفُ من بستان عمري
كل همسات أحزان الصبا
يَكْفِي أَنْ تَمُرَّ مِنْ خَلْفِي
غَمَامَة…
أَتَذَكرُ أنِّي طِفْـل
أَصْنَعُ زورقِـي
مِنْ دَمْعٍ قصائِـدي
أَحْمِل نَعشاَ شَمْسِياَ
عَلَى كَتِفـي
وَأَمْشِي . .
فَوْق سَفِينَة أَحْلاَمِي
يَتْبَعُنِي ظِلِّي . . .
أَخْلَع نَعْلِـي
فِي زَحَمَه الصَّمْـت
وَأَسْمَعْ مَا يُوحَى إِلَيَّ
مِن تَراتيل الْهَذَيَـان .

2

مساءُ مِن الغيم،
والعُشبِ اليابِس،
والغُبـار.
مسـاءٌ،
يَشْتَكِي غُرْبَته،
ضبـابٌ…
يُحاصرني مِن كل الجهات.
مَتَى سَتَدْخُل الشَّمْس غُرْفَتِي ،
عَبْرَ نَافِذَةٍ طاعنة في السن،
مَنْ يُشَارِكَنِي غوَايَة جَسَدِي
حِينَمَا أَشْتَهِي تُفَّاحَة امْرَأَة ،
فِي لَيْلَةٍ بدْرِية،

فِي ذروة الوصل،
أرْسم أريكتِي
من أغصان
الحُقول المزركشة
مَنْ يُشْعَل فوانِيس
غرْفَة ذاكرتِـي…
حَيْث تَلَمَّع أَحْلَام الطُّفُولَة
عَلَى أسطُحِ التّلاَل…

3

أَنَا مَحْضٌ مَطَر خَفِيفِ
يَغْسِل نُدُوبَ وَجْهِي
مِنْ لَوْنٍ الرَّمَادِ…
مَنْ يَرَانِي…
أَقُودُ صَدَى جَسَدِي
هائِجـاً…
أُوقِظُ أَجْرَاس الْمَدِينَة
فأبتلعُ خيبتِـي.
آه…
أجْفلُ مِن بُخار الْمِرْآة …
تُـرَى،
مَنْ يَعْصِمُنِي مِنْ جَفَاءِ ذاكرتِي
أَيّة إبْرَة وَشَمٍ …
تَخيطُ سَتَائِـر اللَّيْل
تَملأُ تجاعِيد الظلام وَجهي…
بِغُبَار الْقَصَائِد
مِنْ دُونِ مَطَر…


الكاتب : شفيق الإدريسي

  

بتاريخ : 09/12/2022