ضربات الشمس، الصعقة الحرارية، «الغرق الجاف» وغيرها .. مخاطر تهدد سلامة مرتادي الشواطئ والمسابح

 

قد يفارقون الحياة بعد 24 ساعة إذا ما لم يتم الانتباه إلى أعراضها والتعامل معها بشكل مستعجل

 

تعرف الشواطئ والمسابح، الخاصة منها والعامة، إقبالا كبيرا خلال فصل الصيف هربا من درجات الحرارة المرتفعة وبحثا عن فترات استجمام ولعب وراحة كذلك، مما يجعل منها وجهة مفضلة للأسر بصغيرها وكبيرها. إقبال يرى عدد من الأطباء والمختصين في الصحة العامة أنه يجب أن يكون مؤطرا لتفادي كل الحوادث التي يمكن أن تقع والتي قد تحوّل لحظة المتعة والاستجمام إلى لحظة قلق وحزن وآلام، إذا لم يتم اتخاذ كل الاحتياطات الضرورية، انطلاقا من كيفية التعامل مع أشعة الشمس وتفادي تبعاتها وصولا إلى السباحة والارتماء في حضن الماء، الذي لا يجب أن يكون فجائيا وأن يتم في الفضاءات المسموح فيها بالسباحة، إلى جانب أخذ كل التدابير الوقائية لتفادي حالات الغرق «التقليدية» منها التي يعرفها الجميع والتي تكون آنيا، أو ما يعرف بـ «الغرق الجاف» وإن كان هذا التعبير ليس طبّيا لكنه متداول بين فئات بعينها، والذي يكون بعديا، وكذا لعدم الإصابة بـ «الصعقة الحرارية» وغيرها من الحوادث الأخرى، التي قد يجهل الكثير من الناس طبيعتها وأعراضها وتبعاتها؟
حوادث «استثنائية» لكنها تظل واردة في كل وقت وحين، إذ أكد البروفيسور ياسين حفياني، الاختصاصي في الإنعاش والتخدير في تصريح لـ «الاتحاد الاشتراكي» على أن من بينها ما يعرف بـ «الغرق الجاف»، وهو المصطلح الذي يتواصل استعماله تجاوزا، رغم أن منظمة الصحة العالمية لم تعد تعمل به لكونه غير دقيق وله حمولة بوقع صادم، والذي يعتبر من حوادث الغرق التي تصيب الأشخاص من كل الأعمار، لكن يبقى الأطفال هم الأكثر عرضة لها. وأبرز الخبير الصحي أن هذا النوع يشكل نسبة 2 في المئة من مجموع حوادث الغرق بشكل عام، والتي تعتبر ثالث سبب للوفيات الناجمة عن الإصابات غير المتعمدة في العالم، وهو ما يمثل نسبة 7 في المئة من مجموع الحوادث المميتة التي تندرج في هاته الخانة. وأوضح الكاتب العام للجمعية المغربية للأم والطفل في تصريحه للجريدة أن هناك حوادث أخرى قد يتعرض لها المصطافون، كما هو الشأن بالنسبة للصعقة الحرارية، مشيرا إلى أن الكثير من الأشخاص، صغارا وكبارا، يبقون تحت أشعة الشمس لمدة طويلة، مستلقين على الرمال أو يلعبون، وفي لحظة من اللحظات يتجهون نحو الماء الذي يكون باردا ويرتمون في أحضانه علما بأن درجات حرارة جسمهم تكون مرتفعة، فيكون هناك فرق بينهما، يؤدي إلى هبوط حاد في الضغط الدموي الذي قد ينتج عنه فقدان للوعي الذي قد يكون للحظة وجيزة أو لمدة طويلة، وعندما يسترجع الشخص وعيه تكون كمّية من الماء قد تسرّبت إلى رئتيه عن طريق القصبات الهوائية، وهو ما قد يؤدي لاحقا إلى مشاكل قد تكون طفيفة وقد تكون خطيرة، حسب وضعية وحالة كل شخص.
ونبّه البروفيسور حفياني، إلى أنه في الحالتين معا، وكذلك عندما يكون الأطفال يتراشقون بالماء مع بعضهم البعض أو يقوم أحدهم بدفع ورمي الآخر وسط المياه، فإن كميات منها قد تتسرّب عن طريق الفم إلى القصبة الهوائية ومنها إلى الرئتين، وحتى عندما تقع حالات للغرق ويتم إنقاذ أصحابها من طرف السباحين المنقذين وعناصر الوقاية المدنية؛ الذين يقومون إلى جانب كافة السلطات الأخرى بمجهود كبير لكي يمر موسم الاصطياف في أحسن الأحوال؛ يقول الكاتب العام للجمعية المغربية للأم والطفل فإن نفس الأمر يقع، وقد يغادر المعنيون بالأمر المسبح أو الشاطئ ويعودون إلى المنزل، دون أن يكونوا على وعي بأن الماء الذي تسرّب إلى الرئتين قد تترتّب عنه تبعات قد تكون وخيمة وجد صعبة في بعض الحالات كالوصول إلى مرحلة القصور في التنفس والتسبب في الوفاة أحيانا.
ودعا الأستاذ المختص في التخدير والإنعاش الوالدين والأسر بشكل عام، إلى الانتباه متى ظهرت أعراض على الأطفال الذين كانوا في البحر أو المسبح وغيرهم من أفراد الأسرة، من قبيل السعال الذي يكون ناتجا عن هيجان القصبة الهوائية أو الرئتين بفعل الماء المتواجد فيهما الذي يكون «راكدا»، والذي قد يؤدي إلى ارتفاع في درجات الحرارة، إضافة إلى علامات أخرى من قبيل التقيؤ، الارتخاء والرغبة في النوم التي قد تكون غير طبيعية، مشيرا إلى أن الأمر قد يتطور إلى قصور في التنفس الناتج عن نفس الوضع، كما قد تلاحظ زرقة على الجسم. وشدّد المتحدث على أنه يجب الانتباه لكل هاته الأعراض والتعامل معها بشكل جاد، حتى وإن بدت خفيفة وبسيطة، والاستشارة مع الطبيب لتفادي الوصول إلى مضاعفات أكبر، مؤكدا على أن الوقاية تبقى خير من العلاج، وهو ما يعني أن يكون الأطفال مرافقين بأشخاص راشدين والسباحة في الأماكن المسموح بها والتي تكون تحت المراقبة، وأن يكون مستوى المياه فيها غير مرتفع للتغلب عليه في حالة الإعياء وغيرها من الاحتياطات التي تسمح بقضاء وقت جيد والعودة إلى المنزل بشكل آمن وسليم.


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 24/07/2023