قصبٌ لِناي الرُّعاة

الكَرمةُ ذاتُها
والعنبُ الذي تخمَّرَ
في سواعدِ العُمّالِ وفي الوحدةِ
التي قتلتْ غُرف النَّومِ
بِلا امرأةٍ
أوْ مُخدِّرٍ منَ القِنَّبِ أوِ الأحلامِ البائِدةِ
ذاتَ جبلٍ فقدتُ نِصفي
وفي صيفِ الكلماتِ غنِمتُ شهدَ عسلٍ
وجُرذانِ الفراغِ
هناكَ في سُكنى الجَبلِ
قريباً منَ اللهِ
بعيداً منَ العدالةِ
بقيتُ مُوزَّعاً بينَ قلبينِ
جوعُ الرَّحمِ
وحجَرٌ لا يتحرَّكُ معَ العاصفةِ
الحلمُ لا يبدأ مِنْ جديدٍ
والحديقةُ تبتعدُ في موتِها بين البَحرِ والحافةِ
يا أبي تُذكِّرُني
بِندباتِ الطينِ في راحةِ اليدِ
تذكِّرني بغربةِ النَّخيلِ
وضجَرِ الواحاتِ
أُعاشِرُ التِّيهَ رفيقاً في عيونِ نساء القريةِ
ووجوهاً تختبرُ الأرضَ
في إيقاعاتِ الأقدامِ
نَبضي مازالَ يتلعثمُ قليلاً
يفرَحُ لانفتاحِ نافذة على قوسِ قُزَحٍ
ويحزنُ
لقططٍ دهستْها العرباتُ
أذكرُكَ- في غيابِك-
بامرأة كانتْ تغزلُ الأملَ كل صباحٍ
في سوق العبيدِ
أُذكِّرُكَ ببصمةِ الطِّينِ في يدي
وصَرختِكَ في وجهي من بعيدٍ
وأنا أقطفُ التِّينَ خلسةِ
منْ كَرمةِ الجَبلِ
انا الجنوبيُّ
كلُّما بحثتُ عنْ سُلالتي
غرَّرَ بي الحشدُ، بلعتُ لِساني
وغيَّرتُ الطَّريقَ
لوْ سَألتني يا أبي عَنْ اسمي
لقلتُ: حجرٌ مكتوبٌ في بئرٍ
لوْ سألتني عنكَ، ماذا تركتَ، لقلتُ: صورتكَ في جدارٍ
لوْ سألتني عن رَحمِ الرأفةِ
لقلتُ: حريرٌ صامتٌ
ولو سألتني عنْ سِيرتي لقلتُ:
سيجارةٌ تحترقُ في يدٍ من كثرةِ التدخينِ
وثمالةُ كاسٍ
من ماء الحياةِ أسهرُ بها مع منبوذين
في عزيبِ الرعاةِ
ونطردُ الوقتَ من يومِنا ككلبٍ.


الكاتب : جمال أماش

  

بتاريخ : 11/10/2024