قصص قصيرة

المتسولة

على قارعة الطريق نبتت امرأة، وراءها شجرة أوكاليبتوس، وأمامها صحن قصديري أبيض وخمس دمعات، المرأة ترتدي (حق الله )، حين يقف أمامها رجل تبكي عشر دمعات وتتأوه: ( مات في السربيس ) كان ( مخزني ).
لم يمرض سوى أسبوع، فجاء القايد، قال له: (نوض )، ( ناض ) ارتدى الكبوط و الفيستة والبرودكان، حياه تحية مخزنية، وحمل زجاجة ماء، قال لي: ممكن هذه الأخيرة!
فعلا كانت الأخيرة، جاءت فيه ( حجرة ) كان المتظاهرون يهتفون: بغينا الخدمة!
كانت ( خدمة ) زوجي هي أن يخدم في المتظاهرين، عصاه المطاطية و ( برودكانو ) الخشن والحمى التي جعلته لا يدري ما يفعل! حين جاءت فيه ( الحجرة ) قال لهم الشاف : ( هزوه )، كنت أنا في المطبخ أطبخ اللوبية البيضاء.
في ثوبها الأبيض، قال لها الرجل الذي وضع عملة معدنية في الصحن الأبيض: ( الله يرحمو). بكت فتناول منها ثلاث دمعات وضعها في منديل ورقي، قال لها: ( دمع ساخن )! قالت له: ( أنا التي تعرف من أين جاء هذا الدمع ).
وقفت السطافيط، نزل المخزني، قال لها:( وجدنا زوجك مع المتظاهرين)!

الحمام التقليدي

القصة التي كتبتها فاطمة استلهمتها من غرفة الحمام الداخلية، وهي الغرفة التي تقول جميع النساء اللواتي يقصدن الحمام التقليدي: غرفة إزالة الأوساخ و طلاء الصابون البلدي.
فاطمة تقول في قصتها: لبست الشورط لأني لا أحب الاستحمام بالتبان، فهو يجعل الشيطان يتفرج علي، لأن المذكر الوحيد الذي يستطيع أن يتسلل الى حمام النساء هو إبليس! وأنا لا أحب إبليس لأنه كان سببا في ما نحن فيه الآن، كنا في الجنة نعوم بالماء البارد ونستلقي تحت الأشجار، لا نحتاج الى ( الطيابات ) و الصابون البلدي.
المرأة التي شاهدتني وأنا أغرف الماء من الجفنة الإسمنتية المستطيلة، قالت لي: ألست من المدينة، فنساء المدينة لا يستحممن بالشورط!؟
لم تعجبني ملاحظتها، وأعطيتها ( باللور )! و حملت سطلي وتوجهت الى ( القنت ) و بركت! كنا أكثر من خمس نساء وثلاثة أطفال صغار، اللغط قوي، و الصراخ من حرارة الماء الساخن جعل الأطفال يئنون !
قالت لي المرأة التي تبدو أنها من الجنوب: ( نحك ليك وتحكي ليا ).
لم تعجبني الفكرة، لكن ظهري بعيد عن يدي و أنا يجب أن أحكه، قالت لي : ( تمغطي )!
كان الكيس يمشي فوق ظهري بسرعة مثيرة، وكانت المرأة تغني أغنية شجية، تبينت من ترديدها لها أنها تتحدث عن الغربة في المدينة، ما أعجبني في المرأة أنها لم تتجاوز حك ظهري، قالت لي: ( على سلامتك ).
سكبَت الماء على جسدي، و مدت الكيس إلي و انسحبت الى مكانها.
أنهيت المرحلة الأولى من الاستحمام، ثم انتقلت الى مكان المرأة، مدت إلي كيسها، و تمددت كنخلة أسقطتها الريح. دسست يدي في الكيس، و بدأت أحك ظهرها الذي تخشب بفعل شمس بائدة، قالت لي: أنا جئت من الجفاف و جلدي يحتاج الى الترطيب وضحكت! حككت وحككت، كلما تعاملت مع ظهرها، كانت تتلوى كخذروف فوق سطح محدودب، قالت لي: ( باركَ) لقد أتعبتك!
المرأة كانت تعوم بسروال قندريسة، سماوي اللون، قالت لي حين رأتني أنظر إلى أسفلها: ( سروال الحاج )! الحاج يقول لي : حمام الدار البيضاء ماسخ، فإذا كان حمام الرجال ماسخ كذلك، فما أدراك بحمامكن، كان يقول لي:( عومي بسروالي )!
وحدها المرأة التي أعطيتها بالظهر كانت تعوم بتبابين المدينة!


الكاتب : عبد العزيز حاجوي

  

بتاريخ : 02/12/2022