لماذا البحث في سيرة سيدي أحماد اوموسى: الأسباب الذاتية والموضوعية -11-
تكتسي الكتابة حول تاريخ الجنوب المغربي دورا مهما في إغناء المكتبة التاريخية المغربية، نظرا لأهمية هذا المجال في فهم واستيعاب العلاقة بين المركز والهامش ، أي العلاقة بين السلطة المركزية والقبائل وتمكننا دراسة هذه العلاقة بشكل يستجيب والموضوعية التاريخية إمكانية كتابة التاريخ من أسفل. ولعل ما كُتب حول الجنوب المغربي لا يغطي متطلبات الباحثين من مختلف مشارب المعرفة الانسانية، بمن فيهم المؤرخين الذين وجدوا صعوبات ما تزال قائمة لصياغة مونوغرافيات مركبة تتماشى والتوجه الجديد في الكتابة التاريخية الجديدة والتي تركز على التاريخ الاجتماعي والاقتصادي وتاريخ الذهنيات وتاريخ المهمشين أو المسكوت عنهم في الكتابة التاريخية.
شأنها شأن جميع الباحثين الذين استهواهم البحث في تاريخ سوس المجال البكر الذي جاء الحديث عنه إما باعتباره مجالا «لاتناله الأحكام ولا يحصل لأهله بها الغرض»، حسب الحسن الأول، أو كونه مجالا سائبا (بلاد السيبة وبلاد المخزن) أو خارجا عن الطاعة، كما روجت له الإستوغرافيا الأجنبية (السهل والجبل)، أو مجالا لا تحكمه إلا عوائده (العرف والشرع)، فإن الباحثة المساحة بعدة علمية معتبرة سارت على هذا الدرب.
إن كتابة تاريخ مجال سوس انطلاقا من سيرة ولي من أولياء الله الصالحين ليعد مغامرة ومقامرة يمكن أن تجر على صاحبها أنه فقد بوصلة الباحث المتحلي بالموضوعية. لكن بالعودة إلى المادة المصدرية المعتمدة من طرف الباحثة، يمكن الجزم أنها كانت على دراية بهذا المنزلق الشيء الذي جعلها تتحلى بقدر كبير من الموضوعية وأن تتجرد من ذاتيتها وهي ابنة تفراوت تحاول كتابة تاريخ سوس خلال الفترة الحديثة انطلاقا من سيرة شيخ ومعالم طريقته الجزولية دون أن يجر عليها ذلك انتقادا من لدن أبناء المجال. ومن جملة الأسباب التي تفسر اختيار الباحثة لموضوعها هذا تلك المغالطات التي اعترت البحث المونوغرافي الأجنبي، والذي كان يهدف لخدمة أجندات استعمارية ليس إلا، وتنقية خلاصات ودراسات الباحثين السابقين من التعميم المفرط باعتبار نماذجهم المعتمدة في بحوثهم صالحة لإسقاطها على نماذج أخرى. وبالعودة إلى المصادر والوثائق بمختلف أنواعها، الاخوانية، والملكية، والأجنبية فإن شخصية علي بودميعة الحفيد تحجب عنا شخصية المؤسس سيدي احماد أُوموسى، وقد ظل الأمر على ما هو عليه إلى حين إنجاز البحث الذي نحن بصدد توضيح جوانبه واعداد قراءة حوله خلال عدة حلقات مستقبلية. وإذا ما اعتبرنا كون الزاوية السملالية كانت لها مكانة اعتبارية من لدن المخزن السعدي والعلوي فإن ضرورة قراءة الأصول الاجتماعية والثقافية لهذه الزاوية ليعد من بين الأسباب التي تفسر اختيار الباحثة لسيرة سيدي احماد أوموسى بغية إعطاء تفسيرات حول الأحداث التي عرفها سوس ومحاولة منها نزع الزعامة المحلية من علي بودميعة الحفيد ومنححها للجد المؤسس أحمد بن موسى السملالي.
لقد صرحت الباحثة بجرأة علمية أن هدفها من وراء هذه الأطروحة هو كتابة تاريخ الزاوية من أسفل ولكي يتأتى لها هذا فلابد من إعادة المكانة التاريخية الاعتبارية للشيخ المؤسس عوض الحفيد علي بودميعة، ورغم الهنات التي يمكن أن يطال هذا البحث فالدافع حسب الباحثة أكثر من النتيجة إذ تصرح قائلة: « ونحن مقتنعون بأن الاقتصار على جمع معلومات جزئية عن حياة الشيخ أحماد أُوموسى لا يؤدي إلى نتائج كبيرة، بالرغم من كون ذلك الجمع والتحقيق أمرا مهما في حد ذاته» (خديجة الراجي، الزاوية السملالية في مرحلة التأسيس، فصول من حياة الشيخ الصوفي احمد بن موسى السملالي الجزولي التازروالتي:1449م/853ه -1564م/971ه، سلسلة الكتب الرقمية للكلية ع 1- منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية ابن زهر، اكادير،2020، ص4).