قضايا من التاريخ الجهوي للجنوب المغربي خلال القرن 19 من هو أحمد بن موسى السملالي المشهور بسيدي أحماد اوموسى 13

تكتسي الكتابة حول تاريخ الجنوب المغربي دورا مهما في إغناء المكتبة التاريخية المغربية، نظرا لأهمية هذا المجال في فهم واستيعاب العلاقة بين المركز والهامش ، أي العلاقة بين السلطة المركزية والقبائل وتمكننا دراسة هذه العلاقة بشكل يستجيب والموضوعية التاريخية إمكانية كتابة التاريخ من أسفل. ولعل ما كُتب حول الجنوب المغربي لا يغطي متطلبات الباحثين من مختلف مشارب المعرفة الانسانية، بمن فيهم المؤرخين الذين وجدوا صعوبات ما تزال قائمة لصياغة مونوغرافيات مركبة تتماشى والتوجه الجديد في الكتابة التاريخية الجديدة والتي تركز على التاريخ الاجتماعي والاقتصادي وتاريخ الذهنيات وتاريخ المهمشين أو المسكوت عنهم في الكتابة التاريخية.

 

حسب الأستاذة خديجة الراجي فسيدي أحماد أوموسى «ينتسب إلى الأصل الإدريسي الحسني. ويعود استقرار أبناء المولى إدريس بن عبد الله في منطقة سوس إلى الفترة التي تلت سقوط الإمارة الإدريسية وتشتت الأدارسة في مختلف مناطق المغرب، بما فيها منطقة “تامدولت”. وبعد خراب هذه الأخيرة خلال القرن 14م انتقل ساكنتها، بما فيهم الأدارسة، إلى كل من: إسافن، وإداوزكي، وإداوكنسوس، وإداوسكا أوفلا. ومن الذين انتقلوا من تامدولت سيدي زوزان جد الأسر الولتيتية، فاختار الإستقرار في إداورسموك بمنطقة “تافروات نايت مولود”. وفيما بعد انتقل أحد أبناءه وهو إدريس بن زوزان من “تافراوت نايت مولود” إلى “إلماتن” في إداورسموك (ارسموكة) حيث ولد له موسى بن إدريس بن زوزان لينتقلا معا إلى “بومروان” والتي تقع في الطريق الرابط بين تزنيت وتافراوت ببلاد إداوسملال، حيث مسقط رأس الشيخ احماد أوموسى
وتمثل “بومروان” إحدى فروع قبيلة إداوسملال، فهي و”أيت مولاي” تشكلان أبرز أماكن الإستقطاب الروحي لكل سكان الجنوب المغربي، فعرفت المنطقة بروز العديد من الأولياء من أمثال محمد بن سليمان الجزولي صاحب “دلائل الخيرات“، وأبي بكر بن سليمان. فوسط هذا المناخ الصوفي إذن، كانت ولادة أحماد أموسى سنة 853ه/1449م بقبيلة إداوسملال من أبوين عاديين هما: السيد موسى بن عيسى، والسيدة تاونُّو البعقيلية. ورغم قلة ما كتب عن طفولته، فإن الذي يبدو هو أن طفولته كانت طفولة عادية كغيره من أطفال القبيلة، فكان يتسرع إلى مواقع اللهو؛ إذ تقدمه الحكايات وهو يحمل “ألُّون” أو “البندير”، ويساهم فيما يقوم به أقرانه من إفساد للغلل والمرافق. ومما تذكره أيضا بعض الأخبار التاريخية تعرض أمه السيدة تاوْنُّو لاعتداء قبيلة إداوسملال ونهبهم لبقرتها، مما يُفسَّر بغياب العصبية لدى أسرة الشيخ بالمنطقة. خلال سياحته الطويلة حصل لاحماد أوموسى اتصال مباشر وعميق مع التصوف والطرق الصوفية وخاصة مع الطريقة الجزولية متمثلة في أهم أتباع الشيخ الجزولي وهو عبد العزيز التباع. كما شكل تواجده بمراكش مناسبة للإتصال بالعديد من المتصوفة الذين جمعته وإياهم نفس المدرسة الصوفية، من بينهم: عبد الكريم الفلاح والغزواني وأبا العزم رحال الكوش، وأبا عثمان سعيد بن عبد النعيم وعبد الله بن حسين المغاري. كما اتصل في الجزائر بالشيخ أحمد بن يوسف الملياني الشهير، وهو من أصحاب الصوفي الكبير زروق، فدخل بمساعدته في خلوة دامت سنتين أمره بعدها بالسياحة. وقد استطاع احماد أوموسى بفضل هذا الإتـصال أن يستكمل سلسلة سنده الصوفي وذلك بأخذه عن الشاذلية عبر قناة التباع ثم الجزولي، وقناة أحمد زروق».

 

 


بتاريخ : 26/03/2024