تكتسي الكتابة حول تاريخ الجنوب المغربي دورا مهما في إغناء المكتبة التاريخية المغربية، نظرا لأهمية هذا المجال في فهم واستيعاب العلاقة بين المركز والهامش ، أي العلاقة بين السلطة المركزية والقبائل وتمكننا دراسة هذه العلاقة بشكل يستجيب والموضوعية التاريخية إمكانية كتابة التاريخ من أسفل. ولعل ما كُتب حول الجنوب المغربي لا يغطي متطلبات الباحثين من مختلف مشارب المعرفة الانسانية، بمن فيهم المؤرخين الذين وجدوا صعوبات ما تزال قائمة لصياغة مونوغرافيات مركبة تتماشى والتوجه الجديد في الكتابة التاريخية الجديدة والتي تركز على التاريخ الاجتماعي والاقتصادي وتاريخ الذهنيات وتاريخ المهمشين أو المسكوت عنهم في الكتابة التاريخية.
كانت للشيخ موضوع الدراسة سياحات صوفية ومجاهدات كثيرة يرويها أصحاب المناقب والتي مكنت صاحبها من حصوله على اتصال مباشر وعميق مع التصوف والطرق الصوفية وبخاصة مع الطريقة الجزولية متمثلة في أهم أتباع الشيخ الجزولي وهو عبد العزيز التباع. وقد لعبت رحلته إلى مراكش دورا حاسما كما شكل للإتصال بالعديد من المتصوفة الجزوليين حيث ستجمعه معهم نفس المدرسة الصوفية، من بينهم على سبيل المثال لا الحصر: عبد الكريم الفلاح، والغزواني، وأبا العزم رحال الكوش، وأبا عثمان سعيد بن عبد النعيم دفين أيت داود وعبد الله بن حسين المغاري. كما اتصل في الجزائر بالشيخ أحمد بن يوسف الملياني الشهير، وهو من أصحاب كبير المتصوفة زروق، وتقول الرواية أنه دخل لمساعدته في خلوة دامت سنتين فأصدر أمره له بعدها بالسياحة. وقد تمكن أحماد أوموسى بفضل هذا الاتصال الوثيق مع كبار متصوفة وعلماء المغرب أن يتمتع بمشروعيته سيما أنه في طريقه إلى استكمل سلسلة سنده الصوفي، وذلك بأخذه عن الشاذلية عبر قناة التباع ثم الجزولي، وقناة أحمد زروق.
قال عنه التمنارتي في الفوائد الجمة:
«سألت الوالد عن صفته فقال: رجل طويل نحيل الجسم رقيق الأطراف، رؤوف بالخلق، صفوح عن زلاتهم، ذو شفقة وحنانة لهم، لين الموعظة، لطيف الحكمة، إذا ذَكر الله أو دعاه تَخوَّصت عيناه وغاب عن رسوم نفسه»
كانت للشيخ حظوة فريدة في زمانه ومقام خاص بين طبقات معاصريه من المتصوفة والفقهاء والرؤساء حتى أن السلطان السعدي عبد الله الغالب شد إليه الرحال بجيشه وحشمه من مراكش إلى زاويته بـ (تازروالت) يقصده قصد المريد لشيخه، ومكث في ضيافته ثلاثة أيام قبل أن يعود إلى مستقره بمراكش.أما السلطان زيدان بن أحمد المنصور الذهبي صرح بالإجماع على شفوفه وسموه على غيره وفي رسالته إلى يحيى الحاحي يقول:
«وقد تَحققتُ وعلمتُ أن ولاية أحمد بن موسى الجزولي كادت تكون قطعية، واشتهر أمره عند الخاص والعام، حتى أطبق أهل المغرب على ولايته»
مباشرة بعد عودته إلى مسقط رأسه بمدشر بومْرْوان أصبح الشيخ سيدي احماد اوموسى رجلا دينيا ذو كلمة مسموعة لدى العامة والخاصة، وما يؤكد ذلك كثرة اتباعه ومريديه، غير أن بنائه للزاوية خارج مدشر بمروان راجع بالأساس على مسغبة 1511-1518/917ه التي عصفت بلدته وأجزاء كبيرة من السوس الأقصى ولربما الامر كان اكبر من ذلك إذ ان الرجل كانت له رؤية بعيدة المدى فمشروعه لايمكن ان ينتشر إلا في مجال يستوعب كثرة المريدين واتباع طريقته المحتملين، ولهذه الأسباب سيتخذ الشيخ المؤسس قرار تأسي زاويته بمنطقة تزروالت حيث المجال يتسم بالخصوبة ويتمتع بشروط الاستقرار وتقع تزروالت بالجنوب الغربي للأطلس الصغير، وعلى مقربة من الطريق الرابطة بين تيزنيت وتافراوت، وعلى بعد أربعين كلم جنوب شرق مدينة تزنيت، وذلك بعد أن جال في بعض الجهات. وقد أسس زاويته في موضع ببسيط تازروالت في منحدر تحيط به الجبال من كل الجهات وبالقرب من مكان مرور واد تازروالت الذي ينحدر من أراضي قبائل مجاط. وتمتد الزاوية وسط مجال أخضر مكون في الأصل من بساتين الشيخ وبيته ومسجده.