أكد المستشار الاتحادي السالك الموساوي في تعقيبه على رئيس الحكومة عزيز أخنوش بمجلس المستشارين، يوم الثلاثاء الماضي، في الجلسة الشهرية، بخصوص «ميثاق اللاتمركز الإداري ورهان العدالة المجالية والاجتماعية»، على أهمية محطات الإصلاح التي شهدها نظام اللاتمركز بالمغرب عبر سنوات.
وبفضل الرؤية المتبصرة لجلالة الملك كان من الضروري التفكير في اختيارات وأنظمة للتدبير تشكل رهانا مفصليا في تنمية وحكامة تدبير الشأن الترابي، لكن، يشدد السالك، رغم ما يقارب خمس سنوات من صدور مرسوم هذا الميثاق، وما تلته من قوانين تنظيمية خاصة بالجهات والجماعات الترابية، مازال المشروع متعثرا، وهي فترة كافية للوقوف على الحصيلة الأولية لصدور الميثاق وفرصة لتجاوز المعيقات التي تعترض تطبيقه من خلال الانفتاح على الفاعلين الذين لهم ارتباط وثيق بتدبير الشأن المحلي وبموضوع اللاتركيز الإداري، وعلى رأسهم المنتخبين المحليين خصوصا رؤساء الجهات والجماعات الترابية، بحكم أنهم الأكثر احتكاكا بالشأن المحلي، ويعرفون جيدا الإشكالات التي تعانيها الجماعات الترابية.
وطالب المستشار السالك الموساوي الحكومة بتحمل كامل مسؤولياتها في إلزام القطاعات الحكومية بتنفيذ التزاماتها بشكل يضمن نوعا من العدالة المجالية، وضرورة إبرام عقود برامج تعتبر بمثابة خارطة طريق جديدة للحكامة، إذ من شأن عملية التعاقد هذه أن تحفز القطاعات الحكومية من جهة على إحداث وتطوير سياسات عمومية متكاملة تراعي خصوصية كل جهة وكل جماعة ترابية، وأيضا لضمان مشاركة الجميع في برامج التنمية وكذا تعبئة الموارد البشرية والمالية الكافية لتنفيذ هذه السياسات، وكذا الحرص على إعمال آلية الالتقائية والتنسيق في البرامج بين مختلف القطاعات والمتدخلين خاصة بالعالم القروي والمناطق النائية.
وشدد المستشار على اعتماد رؤية جديدة لتكوين وتشغيل موارد بشرية تأخذ بعين الاعتبار خصوصيات ومستلزمات كل جهة على حدة، وأنه لم يعد مقبولا اليوم أن نستمر في إعداد سياسات تنموية تساهم في تكريس الفرق الشاسع بين مختلف جهات المملكة، وتعمق الحيف الذي طال مناطق من المغرب لم تنل نصيبها من التنمية.
وأضاف أن هذه مناسبة للتأكيد أنه من خلال الوقائع والتحليل، مازلنا أمام ارتباك واضح في عملية البناء التنموي بالجهات، وأستحضر هنا توصيات وملاحظات اللجنة الاستشارية حول الجهوية، والتي رصدت مجموعة من الصعوبات التي تواجه نوايا الإصلاح، ووضع التنظيم الجهوي في سكته الصحيحة، سواء ما تعلق منه بالتحصيل والإمكانيات الجبائية والاقتراض، وكذا الموارد البشرية والمساطر المتعلقة بالميزانيات.
وهي إكراهات أوصت اللجنة بالقيام بعملية تأهيل اجتماعي قصد التصدي لأوجه الخصاص المسجل في ميادين الصحة، والتعليم، والسكن الاجتماعي، والتزود بالماء الصالح للشرب والكهرباء والبنيات الطرقية.
وهي عملية ترى اللجنة كذلك أنها لا يمكنها لوحدها أن تضمن تحقيق التكافؤ على المستوى الجهوي، إذ يجب تعزيزها باستكشاف ووضع آليات تضامن فعالة تجسد التلاحم والتكامل بين الجهات، ودعم قدرات الجهات على الانخراط بشكل تام في المجهود التنموي الوطني من خلال القيام بتدابير تهدف إلى تثمين وتنويع والرفع من الموارد المالية للجماعات لتمكينها من الاضطلاع بمهامها الجديدة وإعادة تجديد المساطر من أجل فتح المجال أمام تعزيز السياسة التعاقدية وتوفير قاعدة صلبة لعملية اللاتمركز.
وذكر السالك أخنوش قائلا « أثناء عرضكم للبرنامج الحكومي منذ سنتين، التزمتم بتفعيل ما سميتموه «بالأولوية الثالثة»، وهي تكريس الحكامة الجيدة في التدبير العمومي، بتأكيدكم على «تفعيل الجهوية المتقدمة واللاتمركز الإداري، وأيضا «بتقريب وتحديث الجهاز الإداري مع تعزيز مراقبة جودة الخدمات العمومية»، مع تذكيركم بالعمل على «تقليص الفوارق المجالية»، وهي تعهدات ضمن أخرى نتمنى أن نلمس تفعيلها بشكل شمولي على أرض الواقع، اللهم إلا استمرار نظام الأكاديميات التعليمية المحدثة سلفا، وورش الحماية الاجتماعية، لتبقى باقي القطاعات مغيبة على الجهات والجماعات الترابية، ولتستمر انتظارات وتطلعات المواطنين نحو غد أفضل، كما نتمنى أن تكون المقترحات المقدمة خلال هذه الجلسة مصدر إثراء جماعي لتلمس الطريق نحو الاختيارات الكبرى التي تؤسس لمغرب الديمقراطية والكرامة والعدالة الاجتماعية.»