قطاع المؤسسات والمقاولات العمومية مقبل على زلزال عنيف خلال 2021

 جلالة الملك دعا إلى إصلاحه على وجه السرعة والحكومة تعترف باختلالاته التي تنهك ميزانية الدولة أجور وتكاليف المستخدمين بالمؤسسات العمومية ابتلعت أزيد من 37 مليار درهم في 2020 العديد من الشركات التابعة للدولة التي تمتص الدعم من المال العام «لا مبرر لوجودها»

 

تعتزم الحكومة بداية من السنة المالية 2021، تنزيل مخطط إصلاحي واسع وغير مسبوق في مجال تدبير وإعادة رسم خريطةالمؤسسات والمقاولات العمومية، بناء على التوجيهات الملكية الواردة تباعا في خطاب العرش بتاريخ 29 يوليوز الماضي وكذا الخطاب الملكي بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية، وهي التوجيهات السامية التي دعت بإلحاح إلى وضع أسس نموذج جديد لحكامة وتدبير ومراقبة المؤسسات والمقاولات العمومية.
ويرتقب أن يحدث هذا الورش الإصلاحي الكبير والمنتظر منذ سنوات طويلة، زلزالا قوياوقطيعة مع التدبير الحالي للمحفظة العمومية التي تتكون من 225 مؤسسة عمومية تنشط في قطاعات متنوعة و43 مقاولة عمومية ذات مساهمة مباشرة للخزينة، بالإضافة إلى 492 شركة تابعة ومساهمات عمومية، منها 54 في المائة مملوكة بالأغلبية من طرف هذه المؤسسات والمقاولات العمومية، كما سيشمل المخطط الشركات ذات المساهمة المباشرة التي تملكها الجماعات الترابية والتي يبلغ عددها 22 هيئة.
وقد اعترفت الحكومة في ديباجة مذكرتها التقديمية لمشروع قانون المالية 2021، بأن هناك العديد من «الاختلالات ومظاهر القصور» التي تعيق تطور المؤسسات والمقاولات العمومية، وهو ما أكدته مرارا نتائج التشخيصات المنجزة من طرف مختلف الهيئات الرقابية، وعلى رأسها البرلمان والمجلس الأعلى للحسابات والافتحاصات الخارجية المنجزة بطلب من رئيس الحكومة والمفتشية العامة للمالية.
ومن بين هذه الاختلالات التي تضاعفت بسبب السياق المترتب عن جائحة كوفيد 19، والتي انعكست آثارها بشكل سلبي على العديد من المؤسسات والمقاولات العمومية، تضاعف عدد هذه الأخيرة لا سيما تلك التي لها طابع غير تجاري، مع وجود تداخل فيما بينها أو مع الهياكل الإدارية التابعة للوزارات، واعتماد كثير من المؤسسات والمقاولات العمومية على الميزانية العامة وتزايد احتياجات الكثير منها للدعم المباشر للدولة كضمان لاستدامتها، ناهيك عن غياب الانسجام وضعف المردودية…
ومن أبرز التدابير الاستعجالية التي تعكف عليها الحكومة حاليا لتسريع المخطط الإصلاحي لهذا القطاع، الذي كان موضوع توجيهات ملكية منذ مجلس الوزراء المنعقد بتاريخ 10 أكتوبر 2018، إعداد مشروع قانون بإحداث الوكالة الوطنية المكلفة بالتدبير الاستراتيجي لمساهمات الدولة وتتبع نجاعة أداء المؤسسات العمومية، وذلك بهدف تعزيز دور الدولة كمساهم، وكذا مشروع قانون يتعلق بإصلاح المؤسسات العمومية ويهدف، على الخصوص، إلى تحويل جميع المؤسسات والمقاولات العمومية ذات الطابع التجاري إلى شركات مساهمة، من أجل تعزيز حكامتها، وحل أو تصفية بعض المؤسسات والمقاولات العمومية التي لم يعد وجودها مبررا، وإحداث شركات قابضة متجانسة من أجل ضمان النجاعة والانسجام، بالإضافة إلى إرساء منظومة لتقييم مهام هذه المؤسسات والتأكد من جدوى الاحتفاظ بها.
ويشير آخر تقرير أعدته وزارة الاقتصاد والمالية حول «المؤسسات والمقاولات العمومية» برسم القانون المالي 2021، إلى أن هذه الأخيرة ستشهد في المجمل تراجعا في رقم معاملاتها هذا العام بناقص 4 في المائة قبل أن يتحسن تدريجيا خلال السنوات الثلاث القادمة ليصل إلى نحو 308 ملايير درهم.
وقد أصبحت العديد من المؤسسات والمقاولات العمومية تشكل عبئا حقيقيا على ميزانية الدولة، خصوصا على مستوى تكاليف المستخدمين التي ارتفعت سنة 2020 لتصل إلى أزيد من 37.3 مليار درهم عوض 35.3 مليار درهم خلال سنة 2018، ويتوقع التقرير أن تتطور هذه التكاليف بشكل تصاعدي خلال الفترة ما بين 2021 و2023.


الكاتب : عماد عادل

  

بتاريخ : 28/10/2020