قمتان استثنائيتان حول القضايا الإنسانية ومكافحة الإرهاب وتغيير الحكومات المنافي للدساتير بإفريقيا

 

يجتمع رؤساء دول وحكومات الدول الأعضاء ال 54 بالاتحاد الإفريقي، يومي الجمعة والسبت في مالابو بغينيا الاستوائية، في إطار قمتين استثنائيتين حول القضايا الإنسانية ومكافحة الإرهاب وتغيير الحكومات المنافي للدساتير بإفريقيا.
وتنعقد هاتان القمتان الاستثنائيتان في وقت تواجه فيه القارة العديد من التحديات الأمنية والصحية وانعدام الأمن الغذائي، والتغيرات المناخية بالإضافة إلى النزاعات المسلحة الداخلية والطائفية، بالإضافة إلى الصعوبات الإنسانية المتنامية التي ازدادت حدتها جراء التأثيرات السوسيو اقتصادية لجائحة كوفيد 19، والنزاع الروسي الأوكراني.
ومنذ البداية، دق رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، موسى فقي محمد، ناقوس الخطر بشأن النقط المدرجة ضمن جدول أعمال هاتين القمتين: “القضايا الإنسانية والقضية الشائكة المتعلقة بالإرهاب وتغيير الحكومات المنافي للدساتير بالقارة”. وأكد فقي أمام المجلسين التنفيذيين المنعقدان الأربعاء عشية هاتين القمتين أن “الأمر يتعلق بموضوعين يكملان ويغذيان بعضهما، الأسباب والتأثيرات”.
“الصورة التي تبدو من خلال الوضع الإنساني الحالي ليست وردية على الإطلاق، حيث تطغى عليها بشدة المعطيات الإحصائية المقدمة من قبل الوكالات المتخصصة. هذا الوضع المؤسف هو نتاج مجموعة من العوامل البشرية والطبيعية. وهكذا، يضيف رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، فقد انضافت إلى النزاعات المسلحة الداخلية المطولة، والنزاعات القبلية، والآثار المتعددة للتغيرات المناخية على قدرات الإنتاج الفلاحي وعلى المراعي التي تتسبب في وقوع أزمة غذائية وصحية، منذ فبراير من سنة 2020 جائحة كوفيد -19، التي ساهمت في ازدياد حجم الصعوبات، التي اتسعت حدتها اليوم بفعل تأثيرات النزاع الروسي الأوكراني.
وفي معرض حديثه عن ظاهرة الإرهاب والتغييرات المنافية للدساتير، سجل السيد فقي أن ظاهرة الإرهاب هي آفة تهدد بشكل متزايد جميع مناطق القارة.
وأشار إلى أنه “من ليبيا في شمال إفريقيا إلى موزمبيق في جنوب إفريقيا، ومن مالي في غرب إفريقيا إلى الصومال في منطقة القرن الإفريقي مرورا عبر منطقة الساحل وشرق جمهورية الكونغو الديمقراطية في وسط إفريقيا، تزداد حدة الإرهاب اتساعا، ملحقا بذلك أضرارا وخيمة بالمالية والاقتصادات وأمن الساكنة. في كل يوم، يتم تسجيل وقوع الضحايا، وعمليات هجرة للقرى والحقول، وإغلاق مئات المدارس”.
وسجل رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي أن “تضافر جهودنا وتعزيز استراتيجياتنا ودعم شركائنا مكن بالتأكيد من احتواء الإرهاب، لكنه لم يقض عليه بشكل تام”. إنه لا يزال يشكل انشغالا رئيسيا للعديد من البلدان التي تستثمر أهم مواردها لمحاربته وحماية نفسها.
بخصوص تغيير الحكومات بطريقة غير دستورية أكد فقي محمد أنها “ظاهرة حديثة العهد، وتظل لحسن الحظ محدودة على مستوى القارة، وتعكس تراجع المسلسلات الديمقراطية بعدد من البلدان منذ ثلاثين سنة”.
وسجل أن اجتماعات مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي تميزت بقوة خلال السنوات الأخيرة بإدراج ضمن جدول أعمالها قضايا ذات صلة بهذه التغيرات. وقد أثمرت اتخاذ تدابير تهم تعليق عضوية الدول المعنية، مؤكدا من جهة أخرى أن الآجال الانتقالية المعتمدة غداة هذه التغييرات غير الدستورية، أصبحت مصدر خلاف وأحيانا توتر يهدد استقرار الدول المعنية.

تجربة المغرب في محاربة الارهاب وفي الانتقال الديموقراطي

وعشية هاتين القمتين الاستثنائيتين، أكد المغرب أمام المجلس التنفيذي للاتحاد الإفريقي التزامه بالتصدي للإرهاب، والذي تنبع تجربته في هذا المجال من التزامه الراسخ بتحقيق ازدهار ورفاهية المواطن الافريقي.
وأكد محمد عروشي السفير الممثل الدائم للمملكة المغربية لدى الاتحاد الافريقي والمجموعة الاقتصادية لافريقيا التابعة للأمم المتحدة ، الذي ترأس الوفد المغربي إلى أشغال المجلس التنفيذي للاتحاد الافريقيالتحضيري ان التحديدات العديدة التي تواجه القارة الافريقية، وضمنها ، التخلف والفقر، والهجرة، والحروب والنزاعات، تدفع الشباب الى الارتماء في أحضان الجماعات المتطرفة والارهابية، التي تعمل كل ما في وسعيها لاستقطاب هؤلاء الشباب، في محاولة لتقويض قيم الحرية والانفتاح والتسامح.
وبخصوص المسألة المتعلقة بالجانب الإنساني، أكد الدبلوماسي المغربي أن المغرب، تحت القيادة النيرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، جعل من العمل الإنساني ركيزة أساسية في سياسته الخارجية، مؤكدا أن المملكة تمارس بقناعة عميقة دبلوماسية إنسانية فاعلة ومتضامنة مع البلدان الإفريقية الشقيقة.
وأشار الدبلوماسي المغربي إلى أن هذه الدبلوماسية الإنسانية، في أبعادها الإقليمية والدولية، تعكس التزام المغرب بمبادئ الإنسانية واحترام القانون الدولي الإنساني، والقانون الدولي في مجمله. كما تتجسد من خلال الدور الهام الذي اضطلع به المغرب في إعداد وتفعيل ميثاقين عالميين يتعلقان، على التوالي، بالهجرة واللاجئين.
وأشار الى ان انتشار الاديولوجيا الجهادية يشكل التحدي الأكبر بالنسبة لافريقيا، وخاصة بمنطقة الساحل، ومناطق أخرى من القارة ، وذلك عقب الهزيمة التي تلقاها تنظيما القاعدة بافغانستان وداعش في العراق والشام، مضيفا ان دمج هذه الاديولوجيا بالصراعات والتوترات الإقليمية بالقارة ، يتم استغلاله من قبل الحركات الانفصالية.
وحذر الدبلوماسي المغربي من انتشار الإرهاب وتماهيه المتزايد مع الحركات الانفصالية بافريقيا، مؤكدا في هذا السياق على ضرورة الاخذ بنظر الاعتبار الترابط الوثيق بين الامن والاستقرار في تمظهراته الداخلية والخارجية.
وفي معرض تطرقه الى المبادرات التي قام بها المغرب في مجال التصدي للارهاب، ثمن عروشي المقاربة المغربية الاستباقية والمتعددة الابعاد، والواقعية والتي تأخذ بعين الاعتبار الجوانب القانونية والأمنية والدينية والسوسيو- اقتصادية.
وقال في هذا السياق انه على المستوى القانوني، اعتمد المغرب قانونه الأول لمكافحة الإرهاب سنة 2003 ، والذي تم تعديله في العامين 2011 و2015 ، من اجل ضمان انسجامه مع الاتفاقيات الدولية.
وعلى الصعيد الأمني ، يقول الدبلوماسي المغربي، عززت المملكة، الإجراءات الأمنية على المستوى الداخلي، باحداث مخطط (حذر) سنة 2014 ، والمكتب المركزي للأبحاث القضائية في 2015 ، والذي يهدف الى التصدي لتحديات الإرهاب.
وفي الجانب الديني ، يضيف الدبلوماسي المغربي، تبنت المملكة اصلاحا دينيا فريدا من اجل إعادة هيكلة الحقل الديني، مشيرا في هذا الصدد الى احداث معهد محمد السادس لتكوين الأئمة و المرشدين والمرشدات، والذي يستقبل طلبة من المغرب وافريقيا، ومؤسسة محمد السادس للعلماء الافارقة ، من اجل النهوض باسلام معتدل ومتسامح، وضمان الامن الروحي للمغاربة والافارقة.
وأضاف ان المغرب بادر في هذا السياق الى تنفيذ برنامج لتكوين الأئمة بمالي وليبيا وتونس وكوتديفوار، والغابون، وغينيا، والمالديف ونيجيريا، فضلا عن العديد من المبادرات على الصعيد السوسيو – اقتصادي.

تفاصيل مقلقة

‎وكان من المنتظر حضور نحو عشرين رئيس دولة في وقت يرى الاتحاد الإفريقي أن نحو 113 مليون إفريقي بحاجة لمساعدة إنسانية طارئة في العام 2022 وأن “الإرهاب” الجهادي ينتشر في كامل القارة الإفريقية. ويأتي عقد هاتين القم تين بعد عامين عرفت خلالهما
‎القارة أربعة انقلابات وتعليق الاتحاد الإفريقي لعضوية مالي والسودان وبوركينا فاسو وغينيا‫….‬
‎وقال موسى محمد فقي “نحو 113 مليون شخص بحاجة لمساعدة إنسانية في إفريقيا منهم 48 مليون لاجئ وطالب لجوء ونازح داخليا”.
‎ويلفت الاتحاد الافريقي في بيان إلى أن 15 دولة افريقية تحتاج إلى مساعدة “طارئة”.
‎وست عقد الجمعة أول “قمة انسانية استثنائية” ستجمع مانحين لمحاولة جمع أموال.
‎أكثر من 30 مليون شخص هم نازحون في إفريقيا، منهم أكثر من عشرة ملايين طفل دون 15 عاما، بحسب الاتحاد الافريقي، وذلك بسبب النزاعات بين المجتمعات المحلية في بعض المناطق وانعدام الأمن الغذائي.
‎وستتناول يومه السبت القمة الثانية تحت عنوان “الإرهاب والتغييرات غير الدستورية للحكومات” مسألة “الإرهاب” وهو “غنغرينا تنخر تدريجي ا جميع مناطق القار ة، من ليبيا إلى موزمبيق، من مالي إلي الصومال، مرور ا بمنطقة الساحل وبحيرة تشاد وشرق جمهورية الكونغو الديموقراطية”، بحسب رئيس مفوضية الاتحاد الافريقي.
‎شهدت كل من مالي والسودان وغينيا وبوركينا فاسو في العامين الأخيرين انقلابات عسكرية. وعد جميع الانقلابيين بالانتقال إلى حكم مدني لكن أحيان ا خلال مهل غير محد دة أو طويلة جد ا بحسب الاتحاد الافريقي، لكن أيض ا بحسب الاتحاد الأوروبي وعاصمات غربية فرضت أحيان ا عقوبات على المجالس العسكرية القائمة، فيما عل ق الاتحاد الافريقي عضوية هذه الدول حتى إعادة السلطة إلى المدنيين”.
‎وفي تشاد، في 20 أبريل 2021 ، أعلن مقتل الرئيس التشادي إدريس ديبي إتنو الذي كان يحكم البلاد منذ ثلاثين عاما بقبضة حديد، في الجبهة. في اليوم نفسه، أعلن الجيش ابنه محمد إدريس ديبي إتنو “رئيسا انتقاليا” يقود مجلسا عسكريا يضم 15 جنرالا. ووعد بإجراء “انتخابات حرة وديموقراطية” بعد فترة انتقالية تستمر 18 شهرا، في نهاية حوار وطني شامل مع المعارضة السياسية والمسلحة.


الكاتب : الاتحاد - وكالات

  

بتاريخ : 28/05/2022