قناع الغرب.. البروتوكولات المضللة: 4- إدارة «المساعدات الميتة»!

في رواية «مشكلة سبينوزا» لإرفين د. يالوم، نقرأ على ما يلي: «التفت هتلر إلى ألفريد، وقال: «آه باعتبارك صحفيا، أرجو أن توافقني الرأي بأن الحقيقة هي كل ما يصدقه عامة الناس….»..». لا تهم الحقيقة «الواقعية» ما دامت الحقيقة تعتمد على نحو كلي على الأداء الإعلامي، لأن هذا هو ما يؤثر بالفعل في تكوين الصورة العامة للقوة المهيمنة. ولهذا يستثمر الغرب ثروة هائلة لبناء قوته الإعلامية وإنشاء وسائل إعلامية تحقق أهداف سياساتها الخارجية وتؤثر في اتجاهات الجماهير في دول العالم.

 

لا يترك ترامب عقيدته التجارية تبرد إطلاقا. فما إن تدفَّأ بحرارة الكرسي الرئاسي حتى قرر بدون هوادة أو تردد خفض ميزانية الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (يو إس إيد) بنسبة 92٪، مما خلف صدمة داخل موظفي الوكالة التي أنشئت بموجب قانون أصدره الكونغرس الأمريكي عام 1961 وتدير ميزانية سنوية تبلغ 42.8 مليار دولار؛ وهو الأمر الذي ترتب عنه إلغاء ما يقرب من 5800 برنامج مساعدات على مستوى العالم والإبقاء على حوالي 500 برنامج فقط. كما وقَّع، أيضا، أمرا تنفيذيا بوقف المساعدات المالية لجنوب أفريقيا التي هاجم سياستها الخارجية، خاصة في ما يتعلق بملاحقة إسرائيل أمام المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب إبادة جماعية في غزة. أضف إلى ذلك أنه قام بعملية ابتزاز، على الملء وأمام كاميرات التلفزيون، في حق أوكرانيا، وعرض عليها إما تقديم تنازلات في حربها ضد روسيا والتوقيع على «اتفاقية المعادن، وإما الاستغناء عن المساعدة التي تقدمها إليها واشنطن». هذا دون أن ننسى وقاحته غير المتوقعة بالعرض الذي تقدم به إلى مصر والأردن لـ»توطين الغزاويين» على أراضيهما، ثم شراء قطاع غزة وتحويله إلى «ريفييرا الشرق الأوسط» حتى دون أن يعرف العالم «ممن يريد أن يشتري غزة؟».
ما يفعله الرئيس الأمريكي حاليا ليس إلا «إظهارا» لما كان يقوم به الغرب طيلة 80 سنة، كاشفا عن الوجه الخفي لـ»إدارته الأخلاقية»، وأهداف المساعدات الإنسانية التي ترتكز على «تقديم الفتات» لصيد الثروة، والدفع بالدول التي تتلقى المساعدات إلى الإدمان عليها، مما «يسقطها» في التبعية، بل في فساد الزعامات التي تراكم الثروة على حساب سيادة الأوطان.
يقول محبوباتي: «يوثق كتاب «المساعدات الميتة»، الذي نال مبيعات عالية من تأليف دامبيسا مويو، كيف أعاقت المساعدات الغربية تطور أفريقيا من خلال سحب حوافز التنمية الذاتية، فأصبحت الدول الأفريقية مدمنة على المساعدات ومرتبطة بسلسلة إعادة دفع الفوائد على ديونها. وعوضا عن حل مشاكل أفريقيا، ساهمت المساعدات في تفاقمها، أود أن أضيف نقدا جديدا على برامج المساعدات الغربية، فأنا أتحدى الفرضية الواسعة الانتشار بأن النية وراء المساعدات الغربية هي إيصال الخير إلى المانحين. إنني أعتقد أنه لو أجريت دراسة موضوعية واسعة النطاق حول المساعدات الغربية، فإنها سوف تظهر أن النية الأساسية هي تعزيز المصالح الوطنية للمناحين، وليس خدمة مصلحة المستفيدين من المحزن أكثر أن عددا قليلاً فقط من دافعي الضرائب الغربيين يعلمون أن بعض الشركات قد هيمنت على المساعدات المالية التي تهدف لتعزيز مصالحهم الوطنية. أخبرتني كلير لوكهارت: «تعود منظومة الغوث الآن بالنفع على مجموعة ضيقة جدا من الشركات التجارية التي تعمل كاتحاد احتكاري، وقد استولت على أموال دافعي الضرائب… وهي تحصل على المكاسب المالية الفجائية وتقدم أداء سيناء.
أين يكمن الدليل على أن النية وراء العون ليست مساعدة المنتفعين؟ ثمة كمية هائلة من الأدلة، وسوف أستعرض عدة أمثلة كالآتي: فشل منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، الفساد في المساعدات الأميركية لأفغانستان ارتباط مساعدات صندوق النقد الدولي بأنماط تصويت) أعضاء مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، المساعدات الغذائية البطيئة والباهظة والأنانية وغير الفعالة في كثير من الأحيان، وازدياد كمية المساعدات المرسلة إلى البلدان الفاسدة».


الكاتب : سعيد منتسب

  

بتاريخ : 05/03/2025