كابسولات رمضانية 2

يارسول الله خذ بيدي

“علاش التلفزات ديال الموغريب مخاصمين مع خالدات الأغنية الدينية المغربية في رمضان؟ علاش المسؤولين على البرمجة مسعفتهومش الذاكرة باش ينقبو في الأرشيف المغاربة أو جلهم يبغيو يسمعو قطعة غنائية دينية للرواد مثلا- يا محمد صاحب شفاعة للراحل اسماعيل أحمد.. يارسول الله خذ بيدي … ويالقاطعين لجبال زائرين النبي.. ومن ضي بهاك..للراحل محمد الحياني… سواء قبل الآذان أو بعدو …. ياسلام… أغاني مغربية أصيلة تشد الروح أنجزت بموفور الصدق بعذب الكلام وجميل اللحن.
وحيث أن الأغنية المغربية الأصيلة متوفرة بالأبيض والأسود، وهي من خالدات التراث الديني الفني المبثوث والمسموع وتنتمي للزمن الجميل، الوقت أكثر من مناسب للتنقيب والبحث لعل الإبداع الفني الأصيل، ينقذ ماء وجه البث العنيف والمترتجف الذي يطبع هذا الموسم…. الأغنية الدينية المغربية عندها عشاقها وقيمتها كلمة ولحنا.. فلمصلحة من تغييبها؟ وفي هذه المناسبة الفضيلة؟ ولم لا تجد لها موطئ قدم طيلة شهر الفضيل لا قبل الآذان ولابعده؟

صفاقة ضحايا كاميرا فاشي

“بالرب حتى ن…” جملة يرددها مقدم سلسلة كاميرا فاش لهذا الموسم طارق البخاري تكشف عن مسلكيات غريبة ومتناقضة في سلوك الفنانين وردود أفعالهم إزاء الوضعيات المفاجئة التي يجدون أنفسهم ضحايا لها. وهي في الحقيقة .. تحتاج الى أطباء متخصصين للكشف والتحليل وتقديم العلاج المناسب. ردود فعل لا تليق بمقام الفنان، ولا يمكن أن تبث لخلق الفرجة وشد الأعصاب، هي جمل لقيطة من بنات الدرب… باستثناء فاطمة الزهراء الإبراهيمي الحسناء السنبلة التي لم تكتف بتلقين طاقم الكاميرا فاشي درسا في أدب المعاملة، بل في الصحافة أيضا ..تبارك الله على فاطمة الزهراء الابراهيمي وخلاص ..

التنقيب في أرشيف التلفزيون مطلوب

لو قدر لي أن أختار في ما يمكن متابعته خلال شهر رمضان بعيدا عن حموضة السيتكومات وحلقيات جامع لفنا المكرورة منذ عشرات السنين، لم تمت استشارتي للحظة واحدة حول ما يمكن إرضاء به ذوق الجمهور المغربي المتنوع في تضاريسه وأذواقه، لاستبعدت مادة الإشهار لفترة غير الإفطار، ولها ما تريد بعد ذلك، إنها مادة تفوح منها روائح الصفقات وحاجات..، لو قدر أن أستشار لاقترحت التنقيب في أرشيف القناتين الأولى والثانية، وانتقاء بعض السلسلات والمسلسلات ذات النكهة التراثية، فالذاكرة الجماعية للتلفزيون حبلى بالجميل والمفيد من برامج وأعمال فنية درامية وغيرها، وتلك التي تنهل من واقع المجتمع بعيدا عن مساحيق الجيل الجديد. ثمة ما يمكن أن يكون غنيا ومفيدا واسترجاعه من باب الذكرى سينفع المومنين ..وانتظارات الناس.. فهل ننتظرانتقاء بعض من تلك الكنوز التي تم عرضها بداية إحداث التلفزيون المغربي …؟

كليشيهات

واهمون ومصدومون أولئك المغاربة الذين ما زالوا يعتقدون أن تلفزتهم بقنواتها المفردة بصيغة الجمع ستتحفهم بجميل الإبداع وعذب الكلام وتشنف أسماعهم فنيا وأدبيا وتخفف عنهم أعطاب أيامهم المريرة الكالحة. فما ظهر وما اختفى حتى اللحظة ونحن على مشارف الأسبوع الثالث من رمضان الفضيل من برامج لم ينجح في جلب المتعة والفائدة الحقيقية، ولم يستطع ملامسة أذواق الناس خلال شهر رمضان الكريم والارتقاء بها نحو المتعة الهادفة والنجاعة المطلوبة، لذلك سيصدمون بالتأكيد، كما السنوات الماضية، ليس لأنهم سيجدون أنفسهم أمام وجوه محروقة، وتجارب مكرورة، ومشاهد معطوبة وكليشيهات طائشة تبحث لها عن موطئ قدم في ساحة كوميديا الجنون فحسب، وإنما من سوء ما سيواجههم في رحلتهم الرمضانية من بشاعة وسفالة وقلة حياء ومجانية، وعدم استيعاب الرسائل الموجهة من قبيل النقاد والمهتمينو لله الأمر من قبل ومن بعد ..

تلفزة رمضان تضحك بنا معنا علينا

كل ما يتقاسمه الناس من بضاعة سمعبصرية ضمن مجموعات عبر الوات ساب والفايسبوك وانستغرام من نكت وفيديوهات سخيفة ومفبركة وخردة ستتحول بإذن عليم حكيم إلى مادة مرئية على شكل سيتكومات وكابسولات وسلاسل تدعي زورا وبهتانا الفنية وتزعم الفرجة الهادفة ..لكنها في حقيقة أمرها مجرد صفقات عشوائية من أموال دافعي الضرائب تتحول بسخاء على شكل كاشيهات لفائدة وجوه وصداقات .. سحقتها المساحيق وأصاب الملل من يشاهدها مبثوثة على الشاشات آناء الليل وأطراف النهار في سياق موجة رتابة وخسة سيكتبها التاريخ بمداد الأسى والحزن العميق.

برامج تغييب الفطنة

ما يشاهده المغاربة قبل الآذان وبعده مجرد مستودع للنكت، خزان لا ينفذ من الضحك الخاتر، إذ بعد انصرام زمن المشاهدات سيتوجه الناس للضحك على بعضهم البعض، ولا أحد سيتجرأ على أن تكون الحكومة موضوعا للضحك. ولا سياستها موضوع تداول ورأي عام ..ستلاحظون ذلك، وتتأكدون من أن الضحك عند المغاربة وعند القائمين على تدبير شؤون حياتهم آلة من بين أدوات الضبط والهيكلة والتعليب، بعيدا عن وجه المستقبل وانتظاراته، كل ما سيحتاج إليه المواطن في رمضان الفضيل متعلق ببطنة، مع الإصرار على تغييب الفطنة. إنه القدر الكوميدي اللعين الذي ظل ويظل وسيظل يتربص ب40 مليون مغربي الى أن يقدر لله أمرا كان مفعولا …..

الكوميديا القدر المستعجل

القناتان الأولى والثانية ولأسباب مخدومة، تراهنان على الكوميديا، ولا شيء غير الضحك قادر على استقطاب الناس، وشراء انتباه 30 مليون نسمة، لذلك، لا تذخر جهدا لصرف مال العام على التفاهة العامة، فكل ما ستحمله البرمجة، طيلة الشهر الكريم مجرد طوفان من النكت المصورة، والفذلكات المحكية والخرافات المسموعة والمروية. وتلك التي على شكل وصلات إشهارية والباقي على بالكم …


الكاتب : عزيز باكوش

  

بتاريخ : 25/05/2019