بيير كازالطا، الذي اشتغل مظليا في الجيش الفرنسي، جاء إلى المغرب بهدف وزمن محددين لا يتعدى السنتين، حيث كان مقررا إطلاق إذاعة مغربية بتأثير دولي ومتوسطي بتعاون فرنسي، لمحاكاة تجربة إذاعات فرنسية RTL وEurpope1، غير أن الكورسيكي مكث بالمغرب زهاء 30 سنة كلها عمل ومكابدة لتطوير المولود الجديد Medi1 من 1980 إلى غاية 2010.
وضع بيير كازالطا  شعار “صوت ولغتان”، لينطلق بث إذاعة «ميدي1» التي استعانت في البداية بآليات دفع كانت مملوكة للإذاعة المغربية.
ساهم كازالطا في تكوين جيل من الإذاعيين والصحفيين من تونس والمغرب وموريتانيا، وأرسى هوية إذاعة البحر الأبيض المتوسط الدولية ونافس بقوة إذاعة طنجة، محتكرا ميدان الإشهار والإعلان. بل امتد إشعاع «ميدي 1» إلى الجزائر ودول المغرب العربي وإفريقيا، بأرقام قياسية في نسب الاستماع، لاسيما بالجارة الشرقية.
يحكي بيير كازالطا، في حديثه لأول مرة لإذاعة “ميدي1” بعد مغادرته المغرب، أن البداية كانت صعبة للغاية مضطرا لانتداب بعض الصحفيين والتقنيين من فرنسا ولبنان خاضوا تجارب إذاعية، كما استعان بأصوات فنانين أمثال عبد القادر مطاع ونعيمة المشرقي والراحل عبد العظيم الشناوي والكاتب الراحل محمد شكري وعبد اللطيف اللعبي، والعملاق بيير بيلمار في فترة لاحقة، وبآليات تقنية بسيطة.
بالموازاة مع ذلك، جعل كازالطا مقر الإذاعة وسط طنجة (الفيلا المشهورة) ورشا مفتوحا ومعهدا إعلاميا، تتلمذ على يده فيه مجموعة من الإذاعيين والصحفيين، لتستمر مغامرة المجموعة الإعلامية “ميدي 1، التي أضحت مكونا أساسيا في الميدان الإعلامي المغربي…
برحيل بيير كازالطا الذي وافته المنية بفرنسا عن سن 85 يوم الإثنين 6 دجنبر 2021، ينطفئ وهج شخصية متميزة طبعت الإعلام المغربي ببصمة خاصة، بشهادة كل من جايله واشتغل تحت إمرته، بدءا بمنابر إذاعية دولية ثم راديو medi1 بباريس ثم الانتقال إلى طنجة. رحل الرجل الذي أسس لأول إذاعة مغربية ببعد دولي، حيث شكل حدث التأسيس لحظة مفصلية في قطاع الإعلام المغربي….