كان على متن الطائرة التي نقلت المصاب الأول إلى المغرب تصريح مسافر لبرنامج إذاعي يكشف حقائق «صادمة» بشأن نجاعة التواصل حول كورونا المستجد

لم يكن يتوقع أحد من الضيوف المشاركين في حلقة برنامج «بلا زواق»، الذي تبرمجه إذاعة «أصوات» مساء كل يوم جمعة، أن جلستهم الأثيرية خلال الجمعة الأخير، لمناقشة موضوع «كورونا المستجد»، وسبل الوقاية منه، والإجابة عن عدد من علامات الاستفهام المحيطة به، على مستوى التوعية والتحسيس، والإجراءات الوقائية لتفادي المرض، وكذا إشكالية المضاربة، كما هو الحال بالنسبة لموضوع «الكمّامات»، وتسليط الضوء على الشقّ المرتبط بالمؤسسات التعليمية، ستعرف «تفجير» مفاجأة من العيار الثقيل، تسائل الجهات المختصة وعلى رأسها وزارة الصحة، بشأن كيفية التعاطي مع الحالات المشتبه في إصابتها بالمرض أو التي خالطت مريضا تأكدت إصابته، في سياق من السياقات؟
عدد من المشاركين في «بلاطو» البرنامج الإذاعي، المعنيين بالشأن الصحي، وجدوا أنفسهم يستعينون بلغة التفاؤل وبنبرة التحفيز، للتفاعل مع مستمع اتصل بالبرنامج، طرح ما عاشه، «بلا زواق»، باعتباره أحد ركاب الطائرة التي حلّت بأرض الوطن في وقت سابق، والتي كانت تقلّ المواطن المغربي الذي تم الإعلان رسميا عن كونه مصابا بـ «كوفيد 19». المفاجأة التي كشف عنها المتصل، تكمن في أنه لم تربط به الاتصال أية جهة صحية أو غيرها، ولم يطرق باب منزله أو يتصل بهاتفه أي مسؤول، موضحا أنه لم يكن على علم بتفاصيل واقعة اكتشاف مريض مصاب بكورونا المستجد، ولا بإمكانية أن يكون قد تعرض للعدوى، باعتباره أحد ركاب الطائرة نفسها، لو لم يتوصل بلائحة المسافرين التي تم تسريبها، التي شكّلت موضوع نقاش ودعوات لحماية المعطيات الشخصية وفتح بحث رسمي في الموضوع، التي وجد ضمنها اسمه بين أسماء باقي المسافرين، فبحث عن الرقم الذي يجب أن يتصل به لكي يبدّد مخاوفه ويعرف من خلاله الإجراءات التي يجب أن يتقيّد بها، وبالفعل ركّب الرقم متصلا، فردّ عليه مخاطبه وطلب منه بعد معرفة فحوى اتصاله الانتظار لحولي 15 دقيقة، وفقا لتأكيد المستمع/المتصل، وأمام غياب جواب، اضطر المواطن لمعاودة الاتصال ثانية، وهذه المرة وجد تفاعلا أفضل من الأول إذ مكّنه مخاطبه من التواصل مع طبيبة، التي أشاد بطريقة تواصلها معه، ووجّهته بعد أن طرحت عليه جملة من الأسئلة التي استشفت منها غياب أية أعراض مرضية تظهر عليه، نحو المستشفى، وهناك خضع لعدد من الفحوصات، وطُلب منه العودة إلى محلّ سكناه والمكوث فيه لوحده لمدة 7 أيام، تنضاف إلى المدة التي قضاها بعد وصوله إلى أرض الوطن يوم 27 فبراير.
وأوضح المتحدث، الذي يبلغ من العمر 66 سنة، أنه أخلى منزله من أفراد أسرته وظل به وحيدا، مشيرا إلى أنه يتصل كل يوم بالطبيبة هاتفيا ويبلغها بوضعه الصحي وبدرجات حرارة جسمه، التي تتراوح ما بين 36 و 37 درجة مئوية، وبنتيجة قياس ضغطه الدموي، إلا أن كل هذا لم يبدد مخاوفه وقلقه، إذ اتصل بالبرنامج من اجل استفسار ممثلتي وزارة الصحة حول إذا ما كان وضعه سليما، أم العكس، خاصة في ظل إحساسه بآلام على مستوى الكتف، فتوصل عبر الأثير الإذاعي، أو من خلال اتصاله الهاتفي بالبرنامج، بإجابات عامّة، يمكن للمستمع والمتتبع أن يستنتج بأنها لم تبدد شكوك المعني بالأمر بشكل كامل، إذ أن شخصا وحيدا في منزله، عاش تلك الأجواء، هو عرضة لأن يساوره الشك في كل صغيرة وكبيرة يحسّ بها؟
الاتصال الهاتفي لـ «أبو علي»، شكّل لحظة استثنائية في زمن الحلقة الإذاعية، وكشف عن وجه آخر، مخالف لما تم تداوله أو شكّل موضوع تساؤلات لبعض المستمعين المتصلين، إذ بيّن أنه يمكن للبعض أن يكون مريضا ويتفاعل مع محيطه الداخلي والخارجي وتتسع دائرة تواصله مع الأشخاص وهو ما يعني احتمال اتساع دائرة انتشار العدوى، الأمر الذي كان من الممكن حدوثه في حالة المتصل، لو قدّر الله وكان قد أصيب بالفيروس، لكن العناية الإلهية كانت رحيمة به وبغيره، وهو ما يطرح أكثر من علامة استفهام بشأن أسئلة المبادرة والتدخل الاستعجالي والاستباقية والنجاعة، لأن هفوات قد تكون صغيرة، يمكن أن تترتب عنها عواقب وخيمة وتداعيات اكبر، وهو ما يتطلب صرامة أكثر في التعامل مع «كوفيد 19»، وتوفير كل الإمكانيات البشرية واللوجستيكية لمحاصرة دائرته، على الأقل، تفاديا للانتقال إلى مراحل أخرى، لا أحد يتمناها.


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 10/03/2020