في أمسية مسرحية استثنائية، واحتفاء باليوم العالمي للمسرح، استضاف المركز الثقافي الداوديات بمراكش، مساء الثلاثاء 8 أبريل 2025 على الساعة السابعة، عرضا مميزا لمسرحية «كاوس»، من تأليف وإخراج المسرحي المبدع الأستاذ ميراني الناجي، وبأداء منفرد بديع للفنانة المتألقة لبنى لحبيبي.
لقد جاء هذا العرض ليؤكد أن للمسرح، متى اجتمعت فيه براعة النص وقوة الأداء وصدق الرسالة، قدرة فريدة على زلزلة الوجدان واستنهاض الفكر.
«كاوس»، ليست مجرد مونودراما، بل هي تجربة إنسانية مكثفة تسائل الذات المجتمعية وتعري هشاشة العلاقة بين الرجل والمرأة في واقع مغربي لا يخلو من القسوة والازدواجية.
وقد جاء النص المسرحي، بعمقه الرمزي وتماسكه البنيوي، محمولا على نفس درامي طويل، رسم فيه الكاتب ميراني مشاهد الألم والتمرد والخذلان بحرفية عالية، وبأسلوب تتناغم فيه اللغة الشعرية مع الإيقاع المسرحي الداخلي.
أما الممثلة لبنى لحبيبي فقد قدمت أداء يليق بالكبار، إذ تلبست الشخصية بكل تفاصيلها، وأعطتها من روحها وصدقها ما جعلها تنفذ إلى قلوب الحاضرين دون استئذان. لقد أظهرت براعة فائقة في التحكم في الانفعالات وتوظيف الجسد والصوت، مترجمة نصا مركبا إلى لحظة فرجوية آسرة، استحقت عنها تصفيقا حارا عبر عن امتنان الجمهور وإعجابه.
لقد كان أداؤها ناضجا، دافئا، ومتقنا على نحو قل نظيره في مسرح المونودراما.
ولعل ما زاد من تألق هذا الأداء، هو المرافقة الموسيقية التي وضع ألحانها الأستاذ الكبير سيدي محمد الصبان، والتي ساعدت بشكل كبير في تعزيز البعد الشعوري للدور، ومنحت الممثلة دفعة إبداعية ملموسة ساعدتها على التقمص الكامل لشخصيتها، فكانت الموسيقى والتمثيل في تناغم فني راق يلامس الكمال.
إن مسرحية «كاوس» ليست سوى لبنة في مشروع ثقافي مقاوم للنسيان والتيه، وهي تبرهن مرة أخرى على أن المسرح ما زال قادرا على أداء رسالته النبيلة، متى آمن المبدعون برسالتهم، ومتى وجدت التجارب الصادقة من يحتضنها ويدعمها.
«كاوس»: صرخة فنية في وجه الصمت المجتمعي بمراكش

الكاتب : عبد الرزاق سكيو
بتاريخ : 12/04/2025