كتاب جماعي عن المقاومة الشعبية بامزاب

 

صدر مؤخرا كتاب جماعي يضم أبحاثا أنجزها فريق من المؤرخين والجامعيين والباحثين في تاريخ وثقافات منطقة امزاب بالشاوية، وذلك من خلال المداخلات التي تم عرضها بالملتقى الرابع عشر للذاكرة والتراث الثقافي بالشاوية الذي انعقد بالجماعة الترابية مكَارطو بدائرة ابن أحمد الشمالية بإقليم سطات يوم السبت 26 يونيو 2021.
كتاب «امزاب : القبيلة والمقاومة الشعبية» يقع في 267 صفحة من الحجم المتوسط، صدر عن منشورات القلم المغربي بالدار البيضاء بدعم من وزارة الثقافة. أشرف على إخراجه فريق البحث بمختبر السرديات بكلية الآداب والعلوم الإنسانية ابن امسيك، جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، وبإشراف وتحرير الأستاذ الجامعي، الكاتب والروائي شعيب حليفي.
جاء في تقديم الكتاب، من خلال كلمة شعيب حليفي أن «دور المثقف والباحث المؤرخ هو بناء العقل وصنع التاريخ الذي يصون القيم الإنسانية حتى لا نتحول إلى آلات بلا قلب أو مشاعر». أما يوسف لعيالي رئيس الجماعة الترابية مكَارطو فذكر بأن «المعمر لما دخل منطقة امزاب ركز كل جهده وجبروته وطغيانه على مصادرة الأراضي من أصحابها الذين استماتوا في التمسك بها والدفاع عنها وعدم الاستسلام لسلطة المستعمر، مما دفع بهذه السلطة الاستعمارية إلى اعتقال أعيان القبائل وإهانتهم وإذلالهم بالجلد والضرب أمام ذويهم ونسائهم وأبنائهم وأقاربهم..»
ينقسم المؤلف إلى فصلين. يتضمن الفصل الأول مواضيع تتطرق لتاريخ وملاحم المقاومة الشعبية للاحتلال الفرنسي للمنطقة بداية من سنة 1908. ساهم في تأليف الكتاب ثلة من الأساتذة والباحثين المهتمين بالتاريخ المحلي. صالح شكَاكَ عن الأعشاش وأولاد امحمد، أسماء الرفاعي تناولت موضوع الحضور المخزني بقبائل أولاد امحمد في القرن التاسع عشر. وبدوره أحمد لعيوني قدم دراسة عن مقاومة امزاب والمذاكرة بإقليم الشاوية ضد الغزو الفرنسي- 1908، الباحث علي فقير تناول مساهمة جماعة مكَارطو في التصدي للتدخل الفرنسي، في حين كتب الأكاديمي شعيب حليفي عن : الشمس تشرق من الشاوية، من الأحمر بنمنصور إلى محمد ولد بوعبيد.
أما الفصل الثاني فيتضمن ترجمة لتقرير إيتيان مييج، أنجزها الأستاذ الباحث يونس لشهب، تحت عنوان : «تقييدات حول مزاب والأعشاش من قبائل الشاوية». وتجدر الإشارة إلى أن إ. مييج اشتغل خلال العقد الثاني من القرن العشرين مساعدا للمراقب المدني بابن أحمد، وتمكن من جمع معطيات عن منطقة امزاب. جاء تقريره شاملا، جامعا لمختلف جوانب الحياة الاجتماعية والفكرية والدينية والاقتصادية، مما جعل هذه الدراسة تدخل في إطار المونوغرافيا التوثيقية، والتي يمكن وضعها في خانة الأنثروبولوجيا السوسيولوجية.
استقى إ. مييج، بحكم مركزه الوظيفي، معلومات تقريره من أعوان السلطة المحلية، وشيوخ وأعيان القبائل. جاءت تفاصيل هذه الشهادات الشفهية لتكون فكرة شاملة عن الجغرافية الطبيعية والبشرية، مع تخصيص حيز هام للأحداث التاريخية. لقد جمعت أرشيفا شفهيا ليصبح مرجعا أساسيا للدارسين ومحبي الاطلاع على جزء هام من إقليم الشاوية. لعب هذا التقرير دورا أساسيا كدليل يعتمد عليه في تسيير شؤون المنطقة، كما ساهم ولا يزال في تدوين تاريخ امزاب.
نور الدين فردي أعد دراسة عن مزاب والأعشاش من خلال كتاب البعثة العلمية الفرنسية بالمغرب.
وقام أحمد كوال بإنجاز دراسة حول قبائل امزاب : المجال والتاريخ، ورابحة صالح تناولت موضوع : المشهد البيئي والآفاق التنموية بهضاب ابن أحمد امزاب.
يشكل هذا الكتاب نواة للبحث، ويقدم قيمة مضافة في محاولة إزالة الغبار عن جوانب من التاريخ المحلي لإحدى مناطق المغرب العميق، واسترجاع الذاكرة لحقبة ما قبل الاحتلال الفرنسي الذي بدأ مبكرا في هذه المنطقة نظرا لأهميتها الاقتصادية والاستراتيجية، باعتبارها بوابة تسهل غزو مناطق تادلة والأطلس المتوسط. كما تناول دخول الاستعمار عن طريق الغزو والإبادة الجماعية لدواوير بأكملها في مواجهة المقاومة الشعبية التي دافع أفرادها بشراسة، يحفزهم الإيمان القوي للحفاظ على أرض أجدادهم وثقافتهم وهويتهم.


الكاتب : أحمد لعيوني

  

بتاريخ : 29/12/2022