“لطيف لحلو.. ستون سنة من السينما” هو عنوان الكتاب الجماعي الذي أصدرته مؤخرا الجمعية المغربية لنقاد السينما بمشاركة ثلة من أعضائها. وهذا الكتاب (146 صفحة من الحجم المتوسط) هو تجميع لأشغال اللقاء 14، المنظم بطنجة يومي 10 و11 فبراير 2023، من لقاءات “سينمائيون ونقاد”، التي دأبت الجمعية المذكورة على تنظيمها منذ سنوات. وقد تمحورت أشغال هذا اللقاء حول التجربة السينمائية الطويلة للرائد السينمائي المغربي الأستاذ لطيف لحلو (84 سنة)، من خلال برنامج عام تضمن عروضا لعينة من أفلامه القصيرة والطويلة مع مناقشتها انطلاقا من قراءات ساهم بها النقاد والباحثون عبد العلي معزوز وسعيد شملال وبوبكر الحيحي، عبر ثلاث جلسات سيرها تباعا النقاد خليل الدمون ومحمد البوعيادي ومحمد اشويكة.
تتوزع نصوص هذا الكتاب الجديد على قسمين أحدهما بالعربية والثاني بالفرنسية. يتضمن القسم العربي ثمانية نصوص من توقيع الأساتذة عبد العلي معزوز وبوبكر الحيحي وعبد النبي دشين وسعيد شملال وعبد اللطيف محفوظ ومحمد صوف وعز الدين الوافي ومحمد بنعزيز. أما القسم الفرنسي فيشمل حوارا مع المخرج لطيف لحلو، أجراه معه رئيس الجمعية الأستاذ خليل الدمون، وثلاثة نصوص من توقيع الأساتذة بوشتى فرقزايد ونور الدين محقق وياسمين بوشفر.
تجدر الإشارة إلى أن الناقد السينمائي خالد الخضري قد أشرف سنة 2015، ضمن منشورات مهرجان “الأيام السينمائية لدكالة” بالجديدة، على إصدار الطبعة الأولى من كتاب جماعي بعنوان “لطيف لحلو.. عميد السينما المغربية”، تلتها طبعة ثانية سنة 2017، شارك في تحرير موادهما، بالإضافة إلى الخضري، كل من محمد صوف وأحمد سيجلماسي وإدريس القري وبوشتى فرقزيد وعبد المجيد سداتي وعمر بلخمار ومحمد الخيتر ومحمد اشويكة ومحمد باكريم وسعد الشرايبي ويوسف آيت همو وبوبكر الحيحي ومهينيك بلاس.
فيما يلي ورقة مركزة تعرف بالقيدوم لطيف لحلو وأعماله الفنية:
انطلقت التجربة السينمائية للرائد لطيف لحلو في مطلع الستينيات من القرن الماضي وبصمت تاريخنا السينمائي عبر محطاته المختلفة على مستويات عدة: موضبا ومخرجا ومنتجا ومقاولا سينمائيا وصاحب رأي وغير ذلك. ولا زال رغم تجاوزه سن الثمانين يمارس عشقه للسينما عبر الإنتاج والإبداع والمشاركة في الندوات والمهرجانات واللقاءات المهنية وغيرها.
عبد اللطيف من مواليد الجديدة يوم 3 أبريل 1939، تابع بعد البكالوريا دروسا في السوسيولوجيا من 1957 إلى 1959 بجامعة السوربون، وبالموازاة مع ذلك التحق بمعهد الدراسات السينمائية العليا بباريس (IDHEC) وتخرج منه سنة 1959 بدبلوم في المونطاج (الفوج 14). بعد عودته إلى المغرب اشتغل بالمركز السينمائي المغربي كموظف ابتداء من سنة 1960 وركب لفائدته مجموعة من الأفلام القصيرة والروبورتاجات السينمائية، تتمحور مواضيعها حول الحياة في البادية المغربية، كما نشر مقالات ودراسات بالمجلات الوطنية والأجنبية حول السينما المغربية. اضطلع ابتداء من سنة 1965 بمهمة مدير البرامج بالتلفزة المغربية وأخرج لفائدة هذه الأخيرة سلسلتين وثائقيتين ومجموعة من السهرات المباشرة، وعاد سنة 1967 إلى المركز السينمائي المغربي كمخرج وموضب رئيسي، وفي سنة 1972 استقال من وظيفته وأسس رفقة مجموعة من المهنيين شركة “سينيتيليما” التي قطعت أشواطا مهمة في تطورها وأصبحت حاليا من بين الشركات الكبرى بالمغرب التي تتوفر على آليات حديثة لتصوير الأفلام وتوضيبها وعلى تقنيين متخصصين من أجل تقديم خدمات في الإنتاج وتنفيذه وإدارته وغير ذلك من العمليات المرتبطة بإنجاز الأفلام السينمائية والتلفزيونية والوصلات الإشهارية وتقديم الخدمات المختلفة للإنتاجات الأجنبية المصورة ببلادنا…
تتكون فيلموغرافيته من مجموعة من العناوين من بينها خمسة أفلام روائية طويلة أخرجها في الفترة من 1969 إلى 2013 وهي: “عيد الميلاد” (2013)، “الدار الكبيرة” (2009)، “سميرة في الضيعة” (2007)، “غراميات” (1986)، “شمس الربيع” (1969).. وهذا الفيلم الأخير (أي فيلمه الروائي الطويل الأول) الذي قام ببطولته الممثل حميدو بنمسعود (1935- 2013) شكل إحدى بدايات السينما المغربية الموفقة إبداعيا إلى جانب فيلم “وشمة” (1970) لحميد بناني وأفلام أخرى.
وبالإضافة إليها أخرج لطيف لحلو للتلفزيون المغربي (قناة دوزيم) فيلما متميزا بعنوان “حيط الرمل” (2003) وآخر بعنوان “كاتب تحت الطلب” (2005)، كما أخرج منذ سنة 1962 مجموعة من الأعمال الوثائقية لفائدة المركز السينمائي المغربي ومؤسسات عمومية وخاصة نذكر منها على سبيل المثال: “وازرعوا الشمندر” (1963) و”سين أغفاي” (1967) و”بضواحي تساوت” (1968) و”المغرب أرض الرجال” (1972) و”اللوكوس
(1974) و”الغرب ماضي وحاضر” (1976) و”زراعة القمح بتادلة” (1981)…
وعلى مستوى المونطاج ركب لطيف لحلو الأفلام القصيرة التالية: “من أجل لقمة عيش” (1960) للراحل العربي بناني و”أعظم يوم بإملشيل” (1961) لعبد العزيز الرمضاني و”شجرة الزيتون” (1962) للراحل العربي بنشقرون و”الجديدة” (1964) للراحل محمد التازي بن عبد الواحد و”صيادو السمك بآسفي” (1964) لعبد العزيز الرمضاني و”المكتب الشريف للفوسفاط: أسرة كبيرة” (1964) للراحل العربي بنشقرون، وكلها من إنتاج المركز السينمائي المغربي.
أما على مستوى الإنتاج (أو إدارته أو تنفيذه أو المشاركة فيه) فقد دخلت شركته “سينيتيليما” كطرف في العملية الإنتاجية لمجموعة من الأفلام الروائية الطويلة: “حرب البترول لن تقع” (1974) لسهيل بنبركة و”خيول الحظ” (1995) للجيلالي فرحاتي و”وجها لوجه” (2003) لعبد القادر لقطع و”الأجنحة المنكسرة” (2004) لعبد المجيد الرشيش و”ماروك” (2005) لليلى المراكشي…، والأفلام القصيرة: “لعبة القدر” (1993) لعمر الشرايبي و”همسات” (1998) لحكيم بلعباس و”على جناح السلامة” (2001) لعزيز السالمي والفيلم التلفزيوني “سعيدة” (2001) لعبد المجيد الرشيش. وفي الشق الأجنبي هناك ما يفوق عشرة أفلام، صورت جزئيا أو كليا بالمغرب، نذكر منها على سبيل المثال “بعيد” (2000) لأندري تيشيني و”مقهى الشاطئ” (2000) لبونوا كرافان…