كحلزون على جذع ميت

 

أريد أن أكون مجرد حصاة في كوكب بعيد
لا أن أقيس الغيم بعينيَّ
أو أحصي الموتى الذين يحلقون في رأسي
دون هبوط
أريد أن أرسم شجرة بحجم كبير
وأجعلها تمارس الوثب الطويل
على الحياة
أريد أن أكون على الأقل نملة في تجويف صخرة
وأن أنحني وأميل مع القمح والطقس
لتلمع أنيابي على قطعة سكر مهملة
في ما مضى كانت تهمني الأبواب والساعات
وكانت صورتي التي لم تكمل زينتها بعد
تنتظرني هناك:
طفل متوج بريش أبيض غير نظيف
يتكئ صباحا على عرض أحلامه
وفي المساء يغمره السعال
فيتدلى بأقصى جهد
ولا يصل إلى سطح الأرض
وها أنا الآن أتمسك بأي شيء
أضع يدي على فمي
لتخلو غيومي من الصراخ
وأرمي عني الحبال التي تلاحقني
لأتعلم بناء ظلي دون اتكال
على الشمس
أريد أن أصير قويا بما يكفي
لأنام باطمئنان بين ذراعي الريح
ليس مهما أن أسقط تحت شجرة
أو بين فكي نبع
أو في عش نسور
ليس مهما أن تلتقي عيناي بعينيه
ذلك القمر المشوه
أو تلك الشهوة الممزقة بالرصاص
المهم أن أنثر مخالبي على ظهر الضوضاء
وأن أيبس ببطء كحلزون على جذع ميت
أريد أن أتعلم من الحجر تحولاته
من السماء أعمدتها اللامرئية
من الموج كلامه الذي لا ينتهي
من الظلمة يقينها
من الجناح وداعه
ومن السراب تلاعبه بشكل النجوم
لا أريد أن أكون لسانا ضد لسان
وعنقا ضد عنق
يكفي أن أمضي كوقع الحفيف على الحصى
خاليا من اليقظة والدخان
ومجردا من السيوف والشتائم
ومن العقرب الذي يغرز شوكته
في حبل الوريد
أريد أن أعضَّ هذا الجوف الممتلئ بالخيطان
بالحقائب
بالعجرفة
بالقمح
بالدموع
وبالكتب الهائلة التي تسيل
كي تضيع في صحراء بعيدة
أريد أن أتجفف من دمي
لأنجو من كمائن القلب
ومن اسمي
لأفهم لماذا يُشبّه دانتي المقابر
بالإزار المثخن بالثقوب
أحياناً تطير الأسماء لتختفي
في ثقب على السطوح
وقد تحط بقليل من الحظ
في صحن الأشياء
وقد تنظر إلى السماء لتصطاد الغيم
أو الموج الذي يعلو ويهبط
وقد تختلج أمام وردة، أو لا تظهر إطلاقا
لكني أريد أن أنهي هذا الخط
بقهقهة طويلة
تفلق الجبل إلى نصفين


الكاتب : سعيد منتسب

  

بتاريخ : 21/01/2022