كشف عنها اللقاء التواصلي مع الساكنة والمجتمع المدني : مشاريع تنموية وتأهيل شامل ل»مركز العيون» بجماعة عين تيزغة إقليم بنسليمان

في خطوة غير مسبوقة على صعيد التواصل المؤسساتي المحلي، نظمت جماعة عين تيزغة التابعة لإقليم بنسليمان يوم الخميس 22 ماي 2025 لقاءً تواصليًا موسعًا بقاعة الاجتماعات بالجماعة، بحضور رئيس المجلس الدكتور المليودي البوزيري، المنتمي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وبعض أعضاء المجلس الجماعي من نواب للرئيس ورؤساء اللجان، إلى جانب ممثلي المجتمع المدني وساكنة مركز العيون، القلب النابض للجماعة وعاصمتها الإدارية..
عرف اللقاء حضورًا وازنًا وتفاعلًا كبيرًا من طرف الساكنة، التي عبرت عن ارتياحها لفتح باب النقاش المباشر مع ممثليها المنتخبين، واعتبرت أن هذه المبادرة تعكس وعيًا جديدًا لدى المجلس بأهمية التواصل القائم على الشفافية والوضوح. وشدد الدكتور البوزيري في كلمته الافتتاحية على أن هذا اللقاء يدخل في إطار تفعيل سياسة القرب التي ينهجها المجلس، والتي تجعل من المواطن شريكًا أساسيًا في اتخاذ القرار المحلي، ومصدرًا رئيسيًا لمعرفة الحاجيات الحقيقية التي يجب أن تؤطر أي برنامج تنموي.
خلال هذا اللقاء، قدم رئيس الجماعة عرضا مفصلا حول برنامج تأهيل شامل لمركز العيون، يقوم على تصور تنموي مندمج يرتكز على العدالة المجالية والانخراط في برنامج «المراكز الصاعدة»، كأحد رهانات السياسات العمومية الرامية إلى تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية. وقد تضمن العرض استعراضًا دقيقًا للمشاريع المنجزة، وتلك التي توجد قيد التنفيذ، إضافة إلى التصورات المستقبلية، مدعومة بأرقام ومعطيات تتعلق بالكلفة المالية، وآجال الإنجاز، والآثار المنتظرة على المعيش اليومي للساكنة.
ومن بين المشاريع التي تم الكشف عنها، تأهيل شامل للبنيات التحتية، يشمل الإنارة العمومية، توسيع الطرق، إنشاء مدارات مرورية لتقليص الحوادث، وتوحيد الواجهات الخارجية للمنازل من أجل إضفاء هوية عمرانية موحدة على المركز، إلى جانب مشاريع سياحية خاصة، نظرًا لأن المنطقة تتميز بطبيعة خلابة ومحيطة بالغابة، ما يجعلها موقعًا متميزًا لجذب الزوار وتعزيز التنمية الاقتصادية والثقافية. كما تم الإعلان عن برمجة مالية على خمسة مراحل بشراكة مع وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، بغلاف مالي يقارب 24 مليون درهم، في خطوة تعكس جدية المجلس وإرادته في تجاوز منطق الانتظارية والانتقال إلى الإنجاز الملموس.
اللقاء شكل أيضًا مناسبة لطرح مجموعة من المبادرات الرامية إلى تعزيز البعد الاجتماعي والترفيهي للمنطقة، من خلال تهيئة الفضاء الخارجي للحمام الجديد بإنشاء حديقة عمومية وفضاءات خضراء وأخرى مخصصة لألعاب الأطفال، ويضم قاعات متعددة التخصصات: قاعة رياضية، قاعة للحلاقة، فضاءً مخصصًا للنساء، وأخرى لفائدة الجمعيات والتعاونيات المحلية، في سابقة من نوعها بالجماعة، مما يعكس الطموح إلى تحويل المرافق التقليدية إلى فضاءات حديثة ومتعددة الوظائف، بما يسهم في تحسين جودة الحياة داخل المركز. كما تمت الإشارة إلى مبادرة استراتيجية تتمثل في تقديم طلب رسمي لإحداث مركز للدرك الملكي بمركز العيون، من أجل تعزيز الأمن وتوفير الخدمات الأمنية للساكنة، إلى جانب برمجة مقر للقيادة ومقر جماعي بنفس المنطقة، بما يضمن تقريب الإدارة من المواطن وتجويد الخدمات المقدمة.
ومن بين النقاط البارزة التي أثيرت في اللقاء التواصلي مشكل « الحمام القديم» الذي ظل لسنوات يراوح مكانه بسبب مجموعة من الاختلالات التي شابته خلال الولاية الجماعية السابقة، حيث أوضح الدكتور المليودي البوزيري الجوانب القانونية والإدارية التي كانت تعيق المشروع، مؤكدًا على « أن الجماعة بصدد تسوية وضعية الحمام لإعادة تأهيله». وقد أبان المجلس الجماعي عن انفتاح فعلي تجاه المجتمع المدني، حيث تمت دعوة الساكنة للتعبير عن آرائها واقتراحاتها، بل وحتى تحفظاتها إن وُجدت، في إطار مقاربة تشاركية حقيقية، تتجاوز الطابع النظري نحو ممارسة واقعية تعزز من روح المواطنة وتضمن فعالية المشاريع واستمراريتها.
وفي تصريح لجريدة الاتحاد الاشتراكي أشار رئيس الجماعة إلى أن «اللقاء التواصلي يندرج في إطار رؤية المجلس الرامية إلى تكريس ثقافة الإنصات والشفافية والتواصل المباشر مع المواطنين، معتبرا أن التنمية الحقيقية لا تُبنى في المكاتب المغلقة، بل في الميدان، ومع المواطنين، وبناءً على حاجياتهم الواقعية.» وأضاف: «نحن لا نملك عصا سحرية، ولكن نملك الإرادة والعمل الجاد والتخطيط الواقعي، ونلتزم بأن يكون هذا البرنامج التنموي بمثابة انطلاقة حقيقية نحو تأهيل مركز العيون وجعله فضاءً يوفر الكرامة والخدمات وفرص العيش الكريم لجميع سكانه.» وختم حديثه بالتأكيد على أن المجلس يرحب بكل المبادرات والملاحظات، ويعتبر المجتمع المدني شريكًا أساسيًا في تنزيل المشاريع ومراقبة جودتها واستمراريتها.
من جهته، قال المهدي الكاف، رئيس لجنة التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والرياضية بجماعة عين تيزغة، في تصريح للجريدة: «اللقاء كان مناسبة حقيقية للتواصل مع الساكنة بطريقة مباشرة، وقد لاحظنا صدقًا في الطرح ووضوحًا في الرؤية من طرف المجلس، خاصة فيما يخص تأهيل مركز العيون.» وأضاف: «نتمنى أن تجد هذه المشاريع طريقها إلى التنفيذ في أقرب الآجال، وأن تتواصل مثل هذه المبادرات التي تُشرك المواطن في اتخاذ القرار وتمنحه الحق في تتبع وتقييم ما يُنجز.
واعتبرت الفعاليات الحاضرة أن اللقاء التواصلي لحظة فارقة في علاقة المجلس بساكنة مركز العيون، حيث ساد نقاش صريح وشفاف، عبّر خلاله المواطنون عن انتظاراتهم وتطلعاتهم، في حين أظهر المجلس تجاوبًا ملحوظًا ووعدًا بتبني توصيات اللقاء ضمن أولويات التخطيط الجماعي. وهو ما يعكس طموحًا كبيرًا لبناء نموذج محلي تنموي نابع من صميم حاجيات الساكنة، ومستندًا على شراكة حقيقية بين المواطن والمؤسسة المنتخبة، في أفق جعل مركز العيون قطبًا اقتصاديًا واجتماعيًا حيويًا داخل إقليم بنسليمان.


الكاتب : إلياس الحرفوي

  

بتاريخ : 29/05/2025