ضمن برنامج مهرجان مسرح البدوي بايفران لهذه السنة ( من11 إلى 15 يوليوز 2019 ) تم عرض مسرحية « في انتظار القطار « التي كتبها و أخرجها عبد القادر البدوي في أواسط ستينيات القرن الماضي / قدمها بقاعة المناظرات بايفران، بوجوه مسرحية جديدة، و بإخراج جديد ( حسناء البدوي ).
و كما حظيت هذه المسرحية في عروضها، التي لا تحصى بنجاح وإقبال جماهيري منقطع النظير في أنحاء المغرب زمن سنوات الرصاص، حظيت بمدينة ايفران باستقبال تكريمي لمؤلفها الأستاذ عبد القادر البدوي، و بتصفيقات حارة للفرقة المسرحية الشابة التي أبهرت جمهور قاعة المناظرات بأدائها المتقن، الذي شارك الجمهور في أداء المشاهد الساخنة لهذه المسرحية.
أحداث « في انتظار القطار « تدور بإحدى القرى النائية، التي يعيش جزء من شبابها في السجون، ويعيش البعض الآخر في الهجرة، أما الآباء والأمهات يعيشون عبيدا في منازل الأسياد.
في محطة القطار، الكل ينتظر وصول القطار، الحارس و ابنته، الجلاد و السجين المحكوم بالإعدام من أجل أفكاره، و الحوار الدائر بينهم، يدور حول معاناة ساكنة القرية المهجورة، في ظل إرهاب السلطة التي يمثلها الجلاد الذي ينتمي بدوره إلى فئة المقهورين، و لكنه يمتلك سلطة إعدام من خرج عن طريق أصحاب الحال.
يجري الحوار بين شخصيات المسرحية عبر مشاهد تراجيدية، حارس السكة ( حامل الفنار ) و ابنته العانس، و الجلاد الذي يكره الحياة كما يكره ما عليها، و المحكوم بالإعدام الذي ينتظر بهدوء وصوله إلى المقصلة، و رئيس المحطة الذي ينتظر القطار، و ينتظر تقاعده المرفوض.. كل هذه الشخصيات تتحول في حالة انتظار القطار إلى أصوات تفضح حالة الفقراء، المهمشين، المقهورين، الذين لا حول لهم و لا قوة أمام السلطات الجائرة التي تحرم الكل من حق الوجود.
القطار لم يصل، ولكن الحوار بين الذين أجهضت أحلامهم و الذين حرمتهم السياسة و السلطات الجائرة من حياتهم و من حقوقهم، يخترق بقوة ضمير الجلاد، يخلخله، و يدفعه إلى فك أغلال المتهم و إطلاق سراحه، بعدما تأكد و اقتنع من براءته.
قدمت هذه المسرحية عروضها بنجاح في العقد السادس من القرن الماضي، كمسرحية تراجيدية، إنسانية بكل عناصرها المأساوية، و في عرضها الجديد بمدينة ايفران، أكدت أنها ما تزال صوتا تراجيديا للزمن الراهن، حيث مازال الفقراء و المهمشون والمعطوبون بعصا السلطات يعانون الأمرين، و مازال سكان « القرية الكبيرة « الذين أجهضت السياسة الخرقاء أحلامهم ينتظرون وصول القطار، و ينتظرون يقظة ضمائر الجلادين.
معنى ذلك، أننا مازلنا جميعا ننتظر القطار و ننتظر يقظة ضمير الجلاد. .
بهذه المسرحية الناجحة، يؤكد الفنان المقتدر الأستاذ عبد القادر البدوي، أن مسرحه تقدمي، يقوم علي فلسفة التأصيل و الإصلاح ضمن أخلاقيات و قناعات الحركة الوطنية المغربية، و هو بذلك ظل مسرحا حيا، ينتقل بنجاح من جيل الآباء إلى جيل الأبناء.
أفلا تنظرون…. ؟