تقرير المجلس الأعلى للحسابات وقف على تفاوتات في التكوين والكثافة الطبية
أكد التقرير الأخير للمجلس الأعلى للحسابات على ضرورة مراجعة برنامج التكوين وتوحيد المعايير الخاصة بالطبيب العام، مشيرا إلى أن إعادة تعريف هذه الأخيرة يعتبر أحد المحاور الرئيسية لإصلاح الدراسات الطبية، حيث تم في هذا الإطار تحديد تسع خصائص للطبيب العام، التي كان من المفترض أن تتشكل أساسا الإصلاح.
وأبرز المجلس الأعلى في تقريره المتعلق بهذه النقطة، أن الخصائص التي تم تحديدها، لم يتم وضعها في دفاتر الضوابط البيداغوجية المتعلقة بشهادة الدكتوراه في الطب، مؤكدا على أنه لم يتم إجراء مراجعة معمقة لبرنامج التكوين بما يتماشى مع المعايير الجديدة الخاصة بالطبيب العام، إذ لا يزال البرنامج المعمول به اليوم هو نفسه الذي تم وضعه في سنة 1983، مع إضافة عدد قليل من الوحدات، مثل تقنيات التواصل وتكنولوجيا المعلومات وآليات البحث، الأمر الذي لم يتح بلورة وتطوير تكوين جديد ومناسب.
وعلاقة بموضوع التكوين الطبي، كشف تقرير المجلس الأعلى للحسابات أن هذا النظام في القطاع العام عرف تطورا هاما، حيث تعزز بإنشاء كليات جديدة للطب والصيدلة، مما ساهم في الرفع من الطاقة الاستيعابية لمؤسسات التكوين، إذ انتقلت من 14.070 طالب سنة 2011 إلى 26.094 سنة 2022، كما عرف عدد المقاعد على مستوى كليات طب الأسنان ارتفاعا من 1653 سنة 2011 إلى 2403 في 2022، فضلا عن انضمام متدخلين جدد من خلال كليات الطب التابعة للقطاع الخاص وتلك التابعة للمؤسسات ذات المنفعة العامة. إلا أنه وبالرغم من تزايد هذه المؤسسات، فقد سجّل التقرير، تمركز التكوين في محور الرباط والدار البيضاء ومراكش بحصة تصل إلى حوالي 60 في المائة من الطاقة الاستيعابية الإجمالية، مبرزا أن سبب ذلك يعود لعدم اكتمال التغطية الشاملة لجميع جهات المملكة آنذاك بكليات الطب والصيدلة وطب الأسنان، حيث ورغم برمجة إحداث 7 كليات جديدة للطب منذ 2007، إلا أنه وإلى حدود سنة 2022 لم يتم إحداث إلا ثلاث كليات.
ونبّه التقرير أيضا إلى النقطة المتعلقة بالكثافة الطبية بين الجهات، مشيرا إلى أنه وإن كان عدد الأطباء المتخرجين قد عرف ارتفاعا ملحوظا، منتقلا من 961 طبيبا سنة 2011 إلى 2221 في سنة 2021، إلا أنه تم تسجيل تباين في هذا الإطار بسبب ارتباط نسبة الكثافة بعدد الكليات المتوفرة، مؤكدا على تصحيح التفاوتات الجهوية في هذا الإطار، مع تسجيل ملاحظة أساسية أخرى تتمثل في تجاوز الطاقة الاستيعابية في بعض الكليات بسبب الارتفاع المتزايد لطلبة الطب، حيث وصل في كلية مراكش مثلا أكثر من 167 في المائة، و 119 في المائة في كلية الطب والصيدلة بالرباط، في حين أن هناك كليات أخرى لا تتجاوز طاقتها الاستيعابية 50 في المائة، مع استحضار مشاكل التأطير البيداغوجي وما يرافق ذلك من تأثير على جودة التكوين.