الأستاذ محمد السوعلي يستعرض المكتسبات المتوقعة ويكشف التحديات المطروحة

اعتبر الدكتور محمد السوعلي، الباحث في القانون العام الاقتصادي، في ندوة علمية حول « الجامعة المغربية: أية مساهمة في مونديال 2030؟»، المنظمة من طرف جمعية المدينة بتنسيق مع كلية العلوم بتطوان، صباح أول أمس الأربعاء، أن «تنظيم كأس العالم بين المغرب وإسبانيا والبرتغال هي لحظة تأسيسية لتحويل الجامعة المغربية إلى رافعة مركزية لبناء اقتصاد معرفي وتنافسي، حيث أن النجاح لا يقاس فقط بعدد الزوار أو الملاعب، بل مدى قدرة المغرب على تحويل هذا الحدث العالمي إلى قاطرة إصلاح عميق يقوده الشباب الجامعي والكفاءات الوطنية، باعتبار الجامعة هي الجسر بين الحلم الرياضي والتنمية الشاملة، وبين الزمن الرياضي والزمن الوطني، وهي من سيضمن أن يكون مونديال 2030 بداية، لا نهاية».
وأوضح السوعلي، خلال هاته الندوة التي حضرها عميد الكلية المصطفى استيتو، وثلة من الأساتذة والباحثين وعدد كبير من الطلبة «أن هذا الحدث الكروي العالمي يتطلب تعبئة أكثر من 30.000 متطوع محترف في مجالات الترجمة، التنظيم، الأمن، التمريض، والاستقبال، مع ضرورة توفرهم على تكوين موحد، بالإضافة إلى الحاجة إلى حلول تكنولوجية للتحكم في تدفق الجماهير، الحجوزات، التنقل، الخدمات الذكية، والتواصل متعدد اللغات».
وأشار السوعلي إلى أن «اللجنة المنظمة تحتاج إلى خبراء في اللوجستيك، الترويج الرقمي، التسويق الرياضي، العلاقات العامة، والمواكبة القانونية». وعلى ضوء ذلك تساءل السوعلي كيف نربط الجامعة بتنظيم المونديال؟، قبل أن يقدم العديد من الاقتراحات والتدابير، من قبيل «إدماج وحدات ودبلومات جامعية في مجالات مثل تنظيم الفعاليات الكبرى، إدارة الجماهير، الترجمة الفورية، الإسعافات، التسويق الرياضي وكذا تأطير الطلبة داخل برنامج رسمي بمواصفات دولية، مع منحهم شهادات اعتماد تدمج في ملفات تخرجهم الأكاديمي. مع تشجيعهم على اختيار مواضيع بحثية مرتبطة بالمونديال، مثل الاستدامة البيئية، الاقتصاد الرياضي، المدن الذكية، تدبير الحشود، بالإضافة إلى إطلاق حاضنات جامعية لابتكار تطبيقات وخدمات ذكية مرتبطة بكأس العالم، مع تنظيم مسابقات وطنية للابتكار الشبابي».
وبخصوص المكاسب المتوقعة للجامعة والطلبة من خلال تنظيم المغرب للمونديال، أكد السوعلي أن «هناك آلاف من الطلبة سيحصلون على تداريب مهنية خلال فترة التنظيم، مما يرفع فرصهم في الاندماج المهني بعد التخرج، كما ستفرز نقلة نوعية في التكوين من خلال اعتماد منطق «الكفاءات» بدل «الشهادات»، وتحفيز التكوين العملي في بيئة حقيقية متعددة الجنسيات والتخصصات. وكذا تدويل صورة الجامعة المغربية».
وفيما يتعلق بالتحديات العملية التي يجب معالجتها، كشف السوعلي أن هذه التحديات تفرض ضرورة تعبئة شراكات مع القطاع الخاص ومؤسسات دولية لتمويل المشاريع الجامعية المرتبطة بالمونديال. وكذا إحداث خلية وطنية تربط بين وزارة التعليم العالي، الجامعات، اللجنة المنظمة، والجهات الفاعلة.
وطالب السوعلي في هذا الصدد بضرورة تحفيز الأساتذة والموظفين الجامعيين من خلال آليات التقدير، النشر الأكاديمي، والترقيات الوظيفية.
وأبرز ذات المتحدث في ختام عرضه أن تنظيم المغرب لكأس العالم 2030 يعتبر حدثا استثنائيا، ويشكّل لحظة مفصلية في مسار التنمية الوطنية، وفرصة استراتيجية غير مسبوقة لإبراز قدرات المملكة على الصعيد الدولي، ليس فقط من زاوية البنية التحتية والتنظيم، بل أيضًا من حيث الاستثمار في الإنسان والمعرفة. وفي قلب هذا التحول، تبرز الجامعة المغربية كفاعل رئيسي من شأنه أن يساهم بفعالية في إنجاح هذا الحدث الكوني وتحويله إلى رافعة للتنمية المستدامة «.
وعن جمعية المدينة الجهة المنظمة أوضح رئيسها يوسف مرزوق» أن فوز المغرب بشرف تنظيم كأس العالم 2030، إلى جانب كل من إسبانيا والبرتغال، يشكل محطة تاريخية بامتياز، تتجاوز البعد الرياضي لتلامس آفاقاً تنموية وثقافية ومؤسساتية واسعة. وهو ما يجعل من هذا الحدث فرصة وطنية كبرى تتطلب انخراط جميع الفاعلين، وفي طليعتهم الجامعة المغربية».
واعتبر مرزوق أن هناك وعي كبير بدور الجامعة كفضاء للتفكير والإنتاج المعرفي، ومختبر لإعداد الأجيال الصاعدة، ومكون أساسي في رسم معالم التنمية الشاملة.
ومن جهته عبر الأستاذ مصطفى استيتو، عميد كلية العلوم بتطوان، عن اعتزازه بالتفاعل الإيجابي الذي أبان عنه الطلبة، مشيدًا بحيويتهم وبمستوى النقاش الذي ساهموا في تعزيزه. واعتبر أن انخراط الشباب الجامعي في مثل هذه المواضيع ذات البعد الوطني يعكس وعيًا متقدما وحسا بالمسؤولية. كما شدد على أن تنظيم مونديال 2030 يعد إنجازا وطنيا كبيرا، تتجاوز دلالاته البعد الرياضي، ليُجسد محطة استراتيجية لترسيخ صورة المغرب كبلد حيوي، بشبابه وكفاءاته ومؤسساته».