كمال بنكيران صوت الثقافة المغربية الأصيلة في الديار الكندية

 

‎هاجر الكاتب والصحفي المغربي، كمال بنكيران، إلى دولة كندا سنة 2001، من أجل اكتشاف عوالم جديدة، لأنه كان شغوفا منذ طفولته بكل ما يتعلق بتعدد الجنسيات والتنوع الثقافي، حيث اتخذ هذه الخطوة بعد تفكير عميق وطويل، جعله يغوص في غمار هذه التجربة الغنية التي ساهمت في خلق كاتب وإعلامي مبدع بالديار الكندية.
ويقول كمال بنكيران “نصحني بعض الأصدقاء المقربين بالاستقرار في مدينة مونتريال أو كيبك كون هاتين المدينتين تعرفان بالتنوع والتعدد الثقافي، و فعلا تم اختياري لمقاطعة كيبك الفرانكفونية، التي أبهرتني بتعدديتها الثقافية في الأيام الأولى بأرض المهجر، حيث كنت ألتقي أجانب في المترو أو في الحدائق ينحدرون من مختلف القارات الخمس، ومن هناك كانت بداية أنشطتي الثقافية من خلال التعرف على جمعيات ثقافية تتكون من عدة جاليات أجنبية، ساهمت في التحاقي بجمعية الكتاب الكيبيكيين بالمدينة”.
وأوضح كمال بنكيران في اتصال هاتفي ب”جريدة الإتحاد الاشتراكي” أن “الإنسان عندما يهاجر إلى بلد أخر فهو ينسلخ عن جذوره و موطنه و عن أهله و أصدقائه و أحبابه، و تصبح مسألة الهوية إشكالية مرافقة لإبداعاته و كتاباته”، مشيرا إلى أن الصعوبات الأولى التي واجهته في كندا كانت تتعلق بالاندماج داخل المجتمع الكيبيكي الكندي، الذي يتميز بحضور اللغة الفرنسية و الإنجليزية كلغيتين رسميتين، علاوة على وجود نظام سياسي فيدرالي بكندا و نظام المحافظة في كيبك، الذي يفرض على بعض أرباب الشركات بعدم تشغيل العاملين الأجانب، تحت ما يسمى بالعنصرية الممنهجة والعداء للمهاجرين في ميدان العمل والسكن”.
أما في الميدان الثقافي فليس من السهل الولوج إلى دور نشر الكتاب و التي لا زالت مرتبطة في نشر كتبها بضرورة حضور خصوصية الهوية الكيبيكية الفرانكفونية، فالكتاب الأجانب يعانون من مشكل رفض كتبهم وإبداعاتهم رغم التزايد الكبير الذي تعرفه الجاليات في البلاد، مبرزا أن” المجهود والاستمرارية يلعبان دورا مهما في بلوغ الهدف، وخاصة أن الشعب الكيبيكي يحب التعدد الثقافي لكن يتردد ويتخوف من التعامل مع المواطن الأجنبي، هذا ما يفسر الإنغلاق الذي يسود بين الكبيكيين وأفراد الجاليات الأجنبية المقيمة بالبلاد “.
و أضاف الكاتب المغربي أن “العيش في مجتمع يتسم بالتعددية الثقافية و العمل في إطار فرنكفوني مخضرم، يمكن من خلاله العمل على تطوير الذات و الشخصية، بالإضافة إلى التركيز على الدراسة و العمل و الكتابة و الأنشطة الثقافية من أجل التعريف بالثقافة المغربية الأصيلة في كندا والمساهمة في ترسيخ العلاقات الثقافية بين البلدين”.
وتابع، “رسمت لنفسي أهدافا و حققتها، كما أنني انخرطت في البنيات الجمعوية الكيبيكية، و استطعت أن أفهم طريقة عملهم و أن أخالط بعض الكيبيكيين الكنديين الذين ساعدوني و أوضحوا لي طريقة التغلب على بعض المصاعب وفهمت أن خلق مؤسسات و جمعيات سيكون له دور مهم في ترسيخ دور الجالية المغربية في خلق جسور وبث روح التواصل بين الجانبين من خلال تأسيس جمعية جسور للثقافة”.
كما عملت على إنجاز مجموعة من المشاريع تتعلق بالكتابة والإعلام بين كندا و المغرب أبرزها برنامج Agora, Arts et lettres الذي يبث على قناة ICI الكندية، و تمكنت سنة الفارطة من الاشتغال على مشروع كتاب كبير يتمحور حول العيش المشترك و الذي جمع 27 كاتب مغربي و كندي، وكان عنوانه بالفرنسية Éloge des fusions، وأطمح على المدى المتوسطي في تأسيس مهرجان وطني وربما دولي يجمع كتاب مغاربة العالم من أجل مناقشة إصداراتهم الأدبية والشعرية، والمساهمة في نشر الثقافة والهوية المغربية عبر أنحاء العالم.
ويرى كمال بنكيران أن “مستقبل العلاقات الثنائية بين المغرب وكندا يعد بمجموعة من الشراكات الثقافية والاقتصادية والاجتماعية المهمة..غير أن مستقبل هاته العلاقات رهين بخلق جمعيات ومؤسسات جدد من أجل الحفاظ على مصالح مغاربة كندا وخدمتهم، وخاصة في الآونة الأخيرة التي تتسم بشيء من الشعبوية على غرار مايقع في فرنسا”.
وجدير بالذكر أن الكاتب و الإعلامي المغربي حاز على العديد من الجوائز الشعرية في فرنسا، بما في ذلك جائزة فيرلين، وعمل في العديد من اللجان كمستشار في الممارسة الفنية والثقافية والأدبية في كيبيك، ضمن مجلس الفنون والآداب في مونتريال، ومجلس الفنون والآداب في كيبيك وكذلك المجلس الكندي للفنون، وصدرت له مجموعة من الإصدارات الأدبية مثل: قتلت الشتاء، المرايا تكذب، ظل أنوارك، أوراق الفجر…


الكاتب : أيوب الدلال

  

بتاريخ : 25/09/2024