كمال داود: صنصال يشبه نبيا قديما، يبتسم للحياة ويستهزئ بكراهية الآخرين

الجزائر تؤكد رسميا اعتقاله، وتصفه ب (دمية اللوبي المعادي لها بفرنسا )

 

أكدت وكالة الأنباء الرسمية الجزائرية ، يوم الجمعة الماضي، وبعد 6 أيام على اختفائه من مطار الجزائر، نبأ اعتقال الكاتب الجزائري الفرنسي بوعلام صنصال، مما أثار تعبئة دولية واسعة للمطالبة بالإفراج الفوري عنه.
الخبر الذي أعلنت وكالة الأنباء الجزائرية ، عبر بيان، والذي تكتم عن أسباب الاعتقال، حمل عددا من الاتهامات خصوصا ضد فرنسا بإثارتها للجدل، حيث وصف البيان قلق فرنسا بأنه” أيقظ محترفي الاستنكار في فرنسا”، وأضاف البيان : “كل اللوبي المعادي للجزائر نهض كجسد واحد للدفاع عن هذا المدعي بأنه مثقف”. وخصّ البيان بالذكر شخصيات مثل إيريك زمور وفاليري بيكريس، واصفا إياهم بأنه بأنهم ينتمون إلى تيار معاد للجزائر. كما أشار البيان الجزائري إلى قضية الصحراء بشكل غير مباشر، معتبراً أن “فرنسا تتحدى سيادة الجزائر وحدودها”.
البيان الذي صيغ بأسلوب لاذع، هاجم أيضا الكاتب بوعلام صنصال ، حيث وصفه ب”المراجِع للتاريخ” و”الدمية المفيدة للوبي المعادي للجزائر في فرنسا”، معتبرا خطوة الاعتقال “قانونية”.
ولا يخفى أن تساوق هذا الاعتقال مع تصريحات صنصال حول أحقية المغرب في صحرائه الشرقية التي ضمتها فرنسا للجزائر في فترة الاستعمار، بالإضافة إلى اعتراف فرنسا الرسمي بدعم سيادة المغرب على صحرائه ، وما ترتب عن زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأخيرة للمغرب، يجعل من هذا الاعتقال ، اعتقالا لأسباب ودوافع سياسية بحتة .
الصحفي محمد سيفاوي الذي استهدفه البيان المستفز بدوره صرح بأن “اعتقال الكاتب صنصال يُستخدم للضغط على باريس” مضيفا في تصريح صحفي أن : “اعتقال بوعلام صنصال ليس إلا محاولة لأخذ رهينة، لأن النظام الجزائري لم يتمكن من تقبّل الموقف الفرنسي تجاه الصحراء. إنه نظام مارق”.
وقد وجه الجائز على غونكور هذه السنة، الجزائري، كمال داود والذي يتعرض منذ شهر، بدوره، لحملة تشويه شرسة من الإعلام الجزائري بعد اتهامه بسرقة قصة حقيقة لإحدى الناجيات من أحداث العشرية السوداء بالجزائر في التسعينيات، في أحداث روايته “حوريات” التي فاز عنها بالجائزة، وجه نداء لكل المثقفين والكتاب من أجل التضامن مع الكاتب المعتقل بوعلام صنصال، والتي لقيت استجابة واسعة حيث وقع عليها عدد من الحائزين على جائزة نوبل للآداب وعدد من المثقفين والكتاب بفرنسا.
وقد جاء في هذا النداء أن “صديقي، الكاتب الجزائري بوعلام صنصال، تم اعتقاله يوم السبت 16 نونبر. هذا الخبر المؤلم يعكس حقيقة مقلقة في الجزائر، حيث أصبحت حرية التعبير مجرد ذكرى في ظل القمع والسجن والمراقبة المستمرة للمجتمع بأسره.
اليوم، كل شيء ممكن: السجن المؤبد بسبب رسالة نصية، الحبس بسبب زفرة استياء. صنصال يشبه نبيًا قديمًا، يبتسم للحياة، يثير المشاعر والصداقة مثلما يثير كراهية المقموعين والغيورين. هو حر ويضحك على الحياة. يكتب كتبًا عن العواصف والأنوار المجردة لعصرنا، ويستهزئ بكراهية الآخرين. يكتب لكنه لا يقتل ولا يسجن أحدًا. براءته أمام الديكتاتورية جعلته يغفل عن واقع الإرهاب في الجزائر خلال السنوات الأخيرة. لقد أهمل النظر إلى القطيع الذي كان ينتظره، وعاد لزيارة بلاده في ذلك السبت. وقد دفع ثمن ذلك غاليًا.
بوعلام صنصال، المعروف بشجاعته والتزامه، كان دائمًا صوتًا ناقدًا ضد القمع والظلم والتطرف الإسلامي الشمولي. في الجزائر، يعيش الكتاب والمثقفون والناشرون وأصحاب المكتبات في خوف دائم من الانتقام، ومن الاتهامات بالتجسس، ومن الاعتقالات التعسفية، والمحاكمات، والتشهير، والهجمات الإعلامية العنيفة عليهم وعلى عائلاتهم. يستهدفهم إرهاب ثقافي حقيقي. آخر معرض كتاب في الجزائر أقيم تحت مراقبة أمنية صارمة، وجرى خلاله تفتيش الكتب ومصادرة بعضها.
لا يمكننا أن نظل صامتين. الأمر يتعلق بالحرية، وبحقنا في الثقافة، وبحياتنا نحن الكتاب المستهدفين بهذا الإرهاب”.

 


الكاتب : ح.الفارسي

  

بتاريخ : 25/11/2024