كورنيش عين السبع.. مشروع بـ 100 مليون درهم يُثير التذمر بدل الإعجاب

لا يمكن لزائر كورنيش عين السبع، الذي انتظرته الساكنة بفارغ الصبر، إلا أن يصطدم بالمنظر البئيس الذي تمخض عن أشهر طويلة من التهيئة والتأهيل. كورنيش لا يرقى إلى مستوى التطلعات، رغم الميزانية الضخمة التي رُصدت له والتي بلغت 10 ملايير سنتيم.
النتيجة؟ ممر طويل من الإسمنت، وبضع مرافق أغلبها لا يزال موصد الأبواب، في حضور خجول للتشجير والمساحات الخضراء. بعض النخيل، المرشوش هنا وهناك، تظهر عليه علامات الذبول رغم الأعمدة التي تسنده، وكأن لا حياة فيه.
أما مواقف السيارات، فمتربة، تفتقر إلى التهيئة، تفصلها عن الممر الإسمنتي حواجز خشبية قصيرة رديئة الصنع في مشهد يُكرّس العشوائية بدل التنظيم. وصخور كبيرة منتشرة بشكل يثير التساؤل، دون أن يفهم الغرض منها، سواء كانت عناصر ديكور طبيعي أو بقايا أشغال لم تُنجز، وعلى طول الممشى، تبرز بعض اليافطات برسوم ملونة مكتوبة بالدارجة تحث الزوار على «المحافظة على الميجات من الوسيخات» أو «ترك الرميلات نظيفات»، في مشهد يذكرنا بقصص الأطفال الملونة، وكأننا نخاطب أطفالا صغارا، فإذا كانت النية توعوية، فإن الأسلوب المستخدم يُثير تساؤلات حول الجهة المستهدفة والخطاب الموجه للعموم، ، لكن قبل الحث على «النظافة»، وكأنها عبء نُلقيه على الزوار والمرتادين فقط، كان حريا بالمشروع أن يوفر للجميع فضاء محترما، لائقا، ومجهزا، لا أن يتحول إلى خيبة جماعية على شاطئ بحر لطالما شكل متنفسا وحيدا لساكنة عين السبع والحي المحمدي وغيرهما من الأحياء القريبة رغم الإكراهات والمشاكل التي كانت تؤثثه وتتناسل منه.
لا يشبه هذا الكورنيش الجديد ما اعتاد عليه البيضاويون. فهو لا يتشابه مع كورنيش عين الذياب إلا في الاسم. زواره الكثيرون، الذين صادفناهم يوم السبت الماضي، لم يُخفوا خيبة أملهم مما رأته أعينهم: ممر طويل من الإسمنت، مرافق مغلقة، عشوائية واضحة، بعض الأخبار تشير إلى أن الجماعة رفضت أن تتسلم مشروع كورنيش عين السبع، الذي كانت شركة البيضاء للتهيئة قد تكلفت بإنجازه، عبر طلب عروض وطني، أعلن عنه نهاية 2022، قبل إعطاء الانطلاقة الرسمية للمشروع في منتصف 2024، بعدما سجلت ملاحظاتها خلال زيارات ميدانية، إذ غابت تجهيزات كانت موعودة مثل المسارات الرياضية، الحدائق المنسقة، مرافق النظافة، الولوجيات لذوي الاحتياجات الخاصة، فضاءات الترفيه، وحتى المقاهي والمحلات التي وُعد بها السكان .
جماعة الدار البيضاء كانت قد أطلقت مشروعا هاما لتهيئة كورنيش عين السبع، على امتداد 3.4 كيلومترات، انطلاقا من ساحة ميموزا إلى حدود منطقة عين حرودة، بهدف إعادة تأهيل الواجهة الساحلية وتحسين جودة الفضاء العمومي لفائدة الساكنة والزوار.
وأعلنت الصفحة الرسمية لموقع شركة الدار البيضاء للتهيئة أن هذا المشروع سيتكون من : ممشى رئيسي-ممر خاص بالدراجات والتزلج-ممر للمشاة- ممشى مخصص للعدائين- لوحة نباتية متنوعة تزين الفضاء- حدائق ذات مناظر طبيعية عند نقاط التقاطع- مباني أمنية لتعزيز السلامة-برج مراقبة ثابت إلى جانب أبراج متنقلة-مرافق صحية متوفرة للعموم- كشك للراحة والخدمات- فضاء مخصص لألعاب الأطفال.
أما الجهات المشرفة على المشروع: جماعة الدار البيضاء صاحب المشروع، صاحب المشروع المنتدب هو شركة «الدار البيضاء للتهيئة» ،
يمول المشروع بالكامل من طرف جماعة الدار البيضاء، بكلفة إجمالية تبلغ 100 مليون درهم.
وحسب شركة التهيئة فإن هذا المشروع يمثل خطوة مهمة في مسار تطوير البنية التحتية للمدينة، وتحسين جودة العيش عبر توفير فضاءات ترفيهية ورياضية في بيئة آمنة ومستدامة.
هذا الكورنيش الذي كان المدبرون بالدار البيضاء قد وعدوا بأنه سيكون بمواصفات عالمية، وأنه سيبهر زواره، يبدو أنه لم يخْلِف الوعد الذي قطعه المسؤولون على شؤون المدينة، فهو أبهر الزوار بالفعل، ولكن ليس بشكل إيجابي، بل بأسلوب محبط يكشف حجم التناقض بين الخطاب الرسمي وتطلعات الساكنة والواقع الميداني، فبدل أن يجد الزائر فضاء جميلا، منظما، يتوفر على كل المحتويات التي وعدت بها الشركة المكلفة بالمشروع يصطدم بمظاهر الإهمال، ورداءة البنية التحتية، وتراكم الأحجار والأتربة، ناهيك عن غياب التجهيزات الأساسية التي تليق بمشروع كان يُفترض أن يكون واجهة سياحية للدار البيضاء ومتنفسا يليق بساكنة العاصمة الاقتصادية، وبالأخص ساكنة عين السبع والحي المحمدي وسيدي مومن والبرنوصي وغيرها، لكن الواقع على الأرض يُظهر أن المشروع، كما تم إنجازه، لا يرقى إلى تطلعات المواطنين ولا ينسجم مع ما تم تسويقه من وعود، إذ تغيب عنه مقومات الراحة والترفيه، من مرافق صحية، وولوجيات للأشخاص المعاقين، وأماكن جلوس مظللة، ومساحات خضراء حقيقية، فضلا عن ضعف الإنارة وغياب الأمن في بعض مناطقه.
كل ذلك جعل من الكورنيش موضوع تذمر وسخرية في صفوف الزوار، الذين يعتبرون أن الأموال التي صرفت على هذا المشروع لم تُترجم إلى جودة في الإنجاز، بل إلى استعراض شكلي سرعان ما تكشف عيوبه مع أول زيارة !


الكاتب : خديجة مشتري

  

بتاريخ : 04/06/2025