«كومادير» تطالب الحكومة برؤية واضحة لتوزيع مياه الري وتصيح: «كفى من الضغط على الفلاح»

العجز المائي يهدد بإفلاس 1.6 مليون فلاح بالمغرب

 

وجهت الكونفدرالية المغربية للفلاحة والتنمية القروية رسائل صريحة إلى الحكومة، داعية إلى التعجيل بتصحيح اختلالات منظومة دعم الفلاحين، وتدبير مياه الري، وضمان التقائية السياسات العمومية ذات الصلة بالأمن الغذائي. جاء ذلك خلال ندوة صحفية عقدتها الكونفدرالية يوم الخميس 29 ماي 2025 بمدينة سلا، سلطت خلالها الضوء على ما وصفته بالتحديات الهيكلية التي تُقوض مردودية الفلاحة الوطنية، خصوصاً لدى الفلاحين الصغار والمتوسطين.
وفي مداخلة تأطيرية غنية بالأرقام، أشار رئيس الكونفدرالية، رشيد بنعلي، إلى أن الفلاح المغربي يواجه اليوم وضعية غير مسبوقة تهدد استمرارية الأنشطة الزراعية، في ظل تفاقم العجز المائي، وغياب رؤية واضحة من طرف الحكومة بخصوص توزيع مياه السقي، واستمرار ارتفاع كلفة المدخلات، إلى جانب صعوبات الولوج إلى التمويل البنكي، وتراجع القدرة على الاستثمار.
ورغم التساقطات المطرية والثلجية المهمة التي عرفتها المملكة مؤخرا، أكدت الكونفدرالية أن غياب بلاغات استباقية حكومية بشأن الكميات المخصصة للفلاحين وتوقيت إطلاقها من السدود، أربك برمجة المواسم الزراعية وأفقد المنتجين الحد الأدنى من الاستقرار. وفي هذا الصدد، طالبت الكونفدرالية الحكومة بضمان استفادة الفلاحة من 80% على الأقل من الحاجيات المائية المخصصة للسقي، خاصة في الدوائر السقوية، مع دعوة إلى إشراك التنظيمات المهنية في اللجان الجهوية والإقليمية المكلفة بتدبير الموارد المائية.
وفي ملف الدعم المالي، لم تخف الكونفدرالية استياءها من الخطابات التي تروج لمعطيات غير دقيقة أو مضللة، مؤكدة أن الدعم العمومي المخصص للفلاحة لا يغطي سوى جزء محدود من التكاليف الحقيقية، خاصة في ظل الأزمات المتلاحقة. ولفت بنعلي إلى أن الدعم العمومي بالمغرب لا يتجاوز في أقصاه 7 ملايير درهم يستفيد منها نحو 1.6 مليون فلاح، مقابل دعم سنوي يعادل 100 مليار درهم يستفيد منه 390 ألف فلاح فقط في فرنسا، القوة الفلاحية الأولى في أوروبا. ودعت الكونفدرالية الحكومة إلى رفع الغلاف المالي المخصص للقطاع، ومعالجة التفاوت الصارخ بين حجم الدعم وعدد المستفيدين، خاصة في ظل توالي المواسم الصعبة.
وفي ما يشبه التوبيخ غير المباشر، شدد بنعلي على أن تحميل الفلاح مسؤولية ارتفاع الأسعار أو تدهور سلاسل التسويق أمر غير عادل، مشيرا إلى أن الخلل يكمن في تعدد الوسطاء وغياب تنظيم صارم لقنوات التوزيع. وطالبت الكونفدرالية الحكومة بتقليص عدد المتدخلين داخل السوق، وتثمين سلاسل التوزيع القصير، بما يضمن للفلاحين هامش ربح معقول، ويرفع من قيمة المنتجات الفلاحية داخل الأسواق الوطنية.
كما نوهت الكونفدرالية بالإجراءات التي اتخذتها الدولة في الفترة الأخيرة، وعلى رأسها القرار الملكي القاضي بعدم أداء شعيرة الذبح في عيد الأضحى لهذه السنة، وكذا المبادرات المتعلقة بدعم مربي الماشية، وإعادة تكوين القطيع الوطني، وجدولة الديون، معتبرة أن هذه الخطوات تنسجم مع الرؤية الملكية التي ما فتئت تُعلي من شأن الفلاحة وتُعطي للعالم القروي مكانته المستحقة داخل المشروع التنموي الوطني.
وشددت الكونفدارلية على أن الحكومة مطالبة اليوم، أكثر من أي وقت مضى، بتفعيل التوجيهات الملكية ذات الصلة بالعدالة المائية والسيادة الغذائية، وربط السياسة المائية بالسياسة الفلاحية، مع الحرص على إشراك المهنيين في رسم ملامح الحلول، بدل الاستمرار في تهميشهم أو تحميلهم تبعات أزمات هيكلية لا يد لهم فيها.


الكاتب : عماد عادل

  

بتاريخ : 31/05/2025