شاهدت بانبهار شديد جميع أفلام سلسلة John Wick جون ويك الشهيرة لبطلها المخرج والممثل الكندي Keanu Reeves . ورأيت فيها سينما ، دراما حقيقية ،تجسيدا واقعيا لانتصار الخير بمعناه القيمي مهما كان الثمن باهضا . والحقيقة أن فترات من حياة نجم يدعى Keanu Reeves مواليد 1964 تجعلنا نقتنع أن السينما قد تكون طريقا سالكا لفعل الخير . ربما كانت كل الطرق التي تؤدي إليه. فهذا الممثل السينمائي رغم قساوة طفولته وحجم الصدمات التي تلقاها في جانبه الإنساني يلهمنا أكثر من مرة، إذ علاوة على شكله الاجتماعي المتسم بالكثير من الاحترام والرقي والخير عبر المساهمات العديدة في الأعمال الخيرية، فهو كذلك ذلك الكائن المهيب الذي يشبه الوضوح الغامض تماما. سواء عبر حركاته نظراته الصارمة،أو ذلك العزم النافذ في خططه والحرص الشديد في التنفيذ لعملياته الانتقامية وتخطيطاته المحكمة للانفلات من قبضة الأعداء، ذاك هو كيانو ريفز بالتحديد.
تدور أحداث سلسلة أفلام “جون ويك” الجزء الرابع “حول قاتل محترف “ويك” قرر أن يعيش بعيدا عن عالم الجريمة . ولذلك يخطط للعيش مع زوجته في سعادة واطمئنان . قبل أن يحصدها المرض الخبيث بعد الولادة بوقت قصير. ليعيش جون ويك حالة حزن عميق . لكن الظروف ستقذف به في عالم الجريمة من جديد دون أن يخطط لذلك. فالصدفة وحدها ستجعله في مواجهة أحد الشباب المتهورين الذي سيقتل كلبه ويسرق سيارته الفريدة . ولم يكن هذا السارق سوى ابن عاص لأحد كبار رجال العصابات. فتستبد بويك رغبة عارمة للانتقام لتبدا سلسلة من المطاردات ستوحد كافة أشرار الكونتينونتال ضده. وكنت ارافق بحماس متصلب البطل ويك في مصادماته الشرسة ومحاولاته العديدة التي تنتهي بالانفلات والنجاة من قبضة عتاة المجرمين بعد نجاحه في تصفية رموزهم وقادتهم. للإشارة فقد ابتدأت سلسلة جون ويك عام 2014 ويبدو أنها ستمتد. فالأخبار الواردة من هوليود تشي بأن جون ويك يمدد مسيرة نجاحه بجزء خامس في الطريق. لم يتحدد موعد عرضه بعد، من بطولة النجم كيانو ريفز وإخراج تشاد ستاهلسكي.
ولعل حجم أرصدة الخير الكامنة في أعماق البطل كيانو ريفز هي سر نجاحه في السينما كما في حياته الخاصة . كيانو ريفز الممثل الأعلى أجرا فى تاريخ هوليوود والذى وصل إلى 75 مليون دولار عن فيلمه الشهير the matrix كان إنصاته لنبض المحيطين به الروح النابضة بالإحسان داخله، روح الإنسان ونبل طويته . ولأنه ذاق الحرمان في طفولته وعاش قساوة القهر الأسري وتداعياته النفسية السيئة فضلا عن ما أحدثه الفقدان من رجات وعميقة في وجدانه وماتركه من أثر سيء فقدان طفلته الحديثة الولادة ثم زوجته ،وبعدها بوقت قصير ، سيفقد ريفر فينيكس أحد أعز أصدقائه . فحينما يذهب الموت بأعز ما يملك الإنسان ويظل صامدا . يكون قد وهبه الله قسطا من الخير سيرا على المذهب البشري كما خطه الأنبياء واقتفى الأصفياء منه الأثر . وهو ما انعكس في أدواره وطبع شخصيته السينمائية . على أن ما يسترعي الانتباه في هذا ال كيانو هو شخصه الهدوء البارد العنيف في أدائه للأدوار في السينما كما في حياته العامة . فقد تحول بغموضه ومظهره الهادئ وأدائه المدهش إلى حالة خاصة للنجومية ومتميزة من الأداء الهوليودي المثير.
ومن الأمثلة على ذلك ،خلال تصويره فيلم “بيت البحيرة”، سمع كيانو ريفز حوارا دار بين إثنين من مساعدي طاقم الأزياء. إحداهن كانت سيدة تذرف الدموع لأنها ستفقد منزلها إذا لم تدفع للخزينة مبلغا قدره 20000 دولار. قام كيانو سرا بإيداع المال في حسابها. طبعا ليس كل المشاهير يقومون بمثل هذه الأعمال. هناك من نجوم في عالم السينما من أصحاب الملايير أفلسوا دفعة واحدة بسبب جنون العظمة . رغم كونهم ظلوا يحصدون الملايير جراء أعمالهم السينمائية حتى آخر لحظة . لكنهم فشلوا تماما بسبب نقص حاد في جرعات الخير . خلل ما في التدبير يجعل الثري الشهير على حافة التشرد في رمشة عين الأمثلة كثيرة جدا . كيانو يشد على هذه القاعدة ويشكل استثناء .
وعن الظروف التي واجهها كيانو ريفز منذ طفولته القاسية مع والده الذي كان مدمن مخدرات ودائم الاعتداء عليه منذ سن الثالثة هو ووالدته، وتلك كانت أولى الصدمات التي تلقاها في حياته، يمكن القول أنها كانت طفولة قادرة وحدها إفلاسه كإنسان . لقد اضطرت والدته للهجرة من بلد إلى آخر حتى تؤمّن له طعاما مع شقيقته، ولم تكن تدرك أنها تكد من أجل صنع واحد من أكثر نجوم هوليود شعبية واحتراما. ليس لكون أرباح أفلامه ناهزت ما يقرب من مليار دولار فحسب ،وإنما في تبرعه بما يقرب من نصفها للأعمال الخيرية. تزوج كيانو ،وبينما تعد زوجته جينيفر غرفة الطفلة المنتظرة شعرت بآلام رهيبة، وسرعان ما جاء المخاض وولدت الطفلة ميتة، طفلة كانت تمثل الأمل في سعادة دائمة، لتحول الفرح الذي ملأ حياة الأسرة الصغيرة لفترة إلى حزن كبير، تحولت حياة الزوجين إلى جحيم أجبر كيانو طلب الانفصال بهدوء.
في بحثنا عن حياة هذا النموذج من الإنسان نعثر على حادث طريف ونبيل صادف عيد ميلاده في عام 2010، حيث دخل كيانو محل حلويات بمفرده واشترى حلوى بشمعة واحدة. وفيما كان يتلذذ بها خارج المحل أدى فاتورة القهوة والحلوى مجانا لجميع العاملين بالمحل. و عن نصيبه من مشاركته في سلسة ثلاثية ماتريكس Matrix نقرأ كيف تصرف فيه حيث قام بتوزيع 50 مليون دولار على موظفي المؤثرات الخاصة، لأنهم برأيه كانوا الأبطال الحقيقيين للأفلام الثلاثة. كما نعثر على الكثير من المواقف الإنسانية التي تم نشرها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، قام بها ” كيانو ريفز”، فله الكثير من الصور مع المتشردين في الشوارع بالإضافة إلى مآت الاطفال الذين قام بالتبرع لعلاجهم من أمراض السرطان الخبيث .
شيء آخر على جانب كبير من الأهمية في عالم سينما الأكشن . ذلك أن كيانو لم يستعن بشكل دائم بالكومبارس البدلاء كما يفعل الكثير من نجوم الأكشن ، باستثناء أشياء محددة جدا. وفيما تحتفظ سجلات العديد من المستشفيات الكندية بتلقيها هبات وتبرعات بعشرات الملايين من الدولارات منه. يمكن أن تراه كأي مواطن عادي في انتظار المترو أو إحدى وسائل المواصلات العمومية . لأنه الشيء الأكثر واقعية بالنسبة له ، إنه بطبعه لا يخجل من البساطة ويتواضع دائما. وقد التقط أحد المصورين في العام 1997 صورة لكيانو في الشارع جالسا بجانب رجل بلا مأوى، يستمع إلى حياة الأخير ويتناول الإفطار معه.”
في عام 2014 تم إطلاق سلسة “جون ويك: لكن في 24 مارس الماضي تجاوزت إيرادات الحلقة الرابع ” (John Wick: Chapter 4) 363 مليون دولار على مستوى العالم وفق تقرير نشرته الجزيرة . تحدث فيه المشاركون عن التصوير المعقد للفيلم . وقال مخرجه ستاهلسكي آنئذ “عندما ترى كيانو يصعد الدرج والكاميرا تسير معه، فهذا يعني أن الكاميرامان يحمل كاميرا بوزن 60 كلغ يركض خلفه”.
ويأبى النجاح إلا أن يرافقه الشيطان . مرة أخرى يطارد النجم كيانو شبح الفقد، فبعد إصابة شقيقته “كيم” بمرض خبيث سرطان الدم. ترك كيانو ريفز أستوديوهات هوليود والملايين التي كان يتقاضاها مقابل التمثيل في أفلامه ليتفرغ لشقيقته فقط. وقال في تصريح صحفي أوردته الوكالات أنه أصبح ممرضا دائما لكيم في المنزل، وأوقف مسيرته كممثل: “لقد كانت هناك دائمًا من أجلي، كما تعلمون. وسأكون دائمًا هنا من أجلها”.تعافت كيم فيما بعد من مرضها، وأنشأت جمعية خيرية مع كيانو لمساعدة الآخرين الذين يعانون من السرطان.
اليوم يستعد كيانو ريفز للجزء الخامس من السلسلة الناجحة “جون ويك”، وهو الفيلم رقم 80 في مسيرته الفنية التي بدأت في مراهقته عام 1985، ولعل أبرز ما في أداء ريفز هو تلك الاختيارات التي تتنوع بين الرومانسية والأكشن والخيال العلمي، لكنها تكاد تصب في مقولات أخلاقية تتعلق بحياة الإنسان والعوائق التي تصادفه.