نشرت صحيفة «زود دويتشه تسايتونغ» الألمانية تقريرا سلطت من خلاله الضوء على التهديدات التي وجهها الاتحاد الأوروبي بفرض عقوبات جمركية على المنتجات الأمريكية، على خلفية تصريح الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بفرض عقوبات جمركية على المنتجات الفولاذية الأوروبية.
وقالت الصحيفة، في تقريرها إن رئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر، أخذ التهديدات الأمريكية بفرض عقوبات جمركية على وارداتها من الفولاذ المصنع في أوروبا، على محمل الجد. وأفاد يونكر بأن «أوروبا قد ترد الفعل بشكل فوري في حال فرضت الولايات المتحدة رسوما جمركية على وارداتها من الفولاذ». وتابع يونكر «لن نبقى مكتوفي الأيدي إزاء الإجراءات التعسفية التي من شأنها أن تضر بصناعتنا وتهدد آلاف مواطن الشغل في أوروبا».
وأكدت الصحيفة أن سعي ترامب لحماية صناعة الفولاذ والألمنيوم في بلاده، عبر التهديد بفرض عقوبات جمركية على الواردات الأوروبية لم يستفز أوروبا فحسب، بل أثار مخاوف دول العالم كافة من اندلاع حرب تجارية عالمية. في هذا السياق، أعربت كل من البرازيل وكندا، اللتان تعدان أهم دولتين تزودان الولايات المتحدة بالفولاذ، عن اعتزامها اتخاذ إجراءات مماثلة في حق واشنطن، فيما حذرت الصين من تداعيات هذه التهديدات على التجارة الدولية.
وأشارت الصحيفة إلى أن صندوق النقد الدولي أعرب عن انشغاله من تبعات التهديدات الأمريكية على بقية دول العالم، حيث قد تتذرع دول أخرى بحماية أمنها القومي من أجل فرض قيود تجارية. وتجدر الإشارة إلى أن القرار الأمريكي بفرض عقوبات جمركية على الواردات الأوروبية جاء ردا على السيطرة الصينية على السوق العالمي للفولاذ، من خلال إغراقه بفولاذ زهيد الثمن منذ سنوات.
وأوضحت الصحيفة أن اكتساح الصين للسوق العالمية عبر توفير الفولاذ بأثمان زهيدة أثار قلق الأوروبيين، الذين حاولوا حل الخلاف في إطار مجموعة العشرين. ومن جهته، خير الرئيس الأمريكي التخلي عن النهج التوافقي مسلطا الضوء على ضعف الصناعة الأمريكية، التي من المفترض أن تخلق مواطن شغل لمواطنيه. وعلى هذا الأساس، عمل ترامب على حماية بلاده من العولمة، عبر فرض رسوم جمركية على واردات الفولاذ والألومنيوم.
وأفادت الصحيفة بأن البيت الأبيض علل هذه الإجراءات الجمركية بحماية الأمن القومي. وحيال هذا الشأن، أورد رئيس المفوضية الأوروبية يونكر أن «الإجراءات الأمريكية لحماية الصناعة المحلية تعسفية». ومن جانبها، وصفت وزيرة الخارجية الكندية، كريستيا فريلاند، التعليلات التي بررت بها الإدارة الأمريكية قرارها بغير المقبولة.
وأوردت الصحيفة أن عواصم الدول الأوروبية أعلنت يوم الجمعة عن تأييدها لنهج المفوضية الأوروبية فيما يتعلق بالتهديدات الأمريكية. كما أعرب كل من رئيس المفوضية الأوروبية يونكر، والمفوضة الأوروبية للشؤون التجارية، سيسيليا مالستروم، عن استعدادهما للرد على واشنطن. ويوم الجمعة الماضي، أعلن يونكر عن استعداد الدول الأوروبية لفرض عقوبات على المنتجات الأمريكية، علما أن هذا القرار يتوافق مع قوانين منظمة التجارة العالمية.
وأضافت الصحيفة أن بروكسل تستعد لخوض حرب تجارية. وفي حال شملت قيود التوريد شركات أوروبية، فقد يرد الاتحاد الأوروبي بالمثل في غضون أيام قليلة. وبمجرد إعلان ترامب عن أول تهديداته، بادرت المفوضية الأوروبية بتحديد قائمة السلع الأمريكية التي ستخضع للرسوم الجمركية. ولم تضم هذه القائمة المواد الفولاذية فحسب، بل شملت أيضا بعض المنتجات الفلاحية والصناعية.
وذكرت الصحيفة أن الدول الأوروبية استهدفت المواد التي ينتجها حلفاء الولايات المتحدة؛ على غرار الدراجات النارية. ولا يرغب الاتحاد الأوروبي في الانتقام من واشنطن على المستوى الاقتصادي فحسب، بل يسعى إلى الوقوف في وجه سياسة ترامب القومية والظهور في ثوب المدافع عن الأسواق المفتوحة.
ونقلت الصحيفة عن المفوضة الأوروبية للشؤون التجارية مالستروم أن «الإجراءات الأمريكية ستؤثر سلبا على العلاقات الأطلسية»، مؤكدة أن «الاتحاد الأوروبي سيعمل في أقرب وقت ممكن على تسوية النزاع فيما يتعلق بصناعة الفولاذ والألومنيوم لدى منظمة التجارة العالمية». لكن يبدو أن «الخطوة الأمريكية الأحادية قد تحول دون ذلك».
وذكرت الصحيفة أنه في الوقت الذي أعلن فيه الرئيس الأمريكي عن فرض عقوبات جمركية، كانت الصين تستعد لخوض حرب تجارية. وحيال هذا الشأن، أوردت وزارة التجارة الصينية أنه «إذا لم تحترم الولايات المتحدة الأمريكية قوانين التجارة متعددة الأطراف، واتخذت إجراءات تمس بالعلاقات الاقتصادية والتجارية، ستبادر بكين باتخاذ الإجراءات المناسبة لحماية مصالحها وحقوقها المشروعة».
ووفقا للصحيفة الصينية «غلوبال تايمز»، تكمن الخطوط العريضة للخطة الصينية تجاه التهديدات الأمريكية في استبدال طائرات البوينغ الأمريكية بطائرات الإيرباص، إلى جانب وقف توريد السيارات الأمريكية وهواتف الآيفون، فضلا عن فول الصويا والذرة.
وفي الختام، بينت الصحيفة أن أوروبا لا تنتظر أن يعدل ترامب عن تنفيذ تهديداته المتعلقة بالعقوبات الجمركية. وعلى الرغم من العلاقات التي تجمع بين مختلف العواصم الأوروبية وواشنطن، إلا أن فرص نجاح الاتصالات المتعلقة بهذا الشأن ضئيلة.
كيف تستعد أوروبا لخوض حرب تجارية؟
بتاريخ : 10/03/2018