تمكن المغرب من تزويد إسبانيا بالكهرباء عبر الكابلات البحرية، وذلك خلال اضطراب مفاجئ شهدته الشبكة الأوربية. فبينما يعتمد الربط الكهربائي بين البلدين على ثلاثة كابلات بحرية، تبلغ قدرته الإجمالية 1.400 ميغاواط، تمكّن المغرب من استخدام هذه الكابلات بشكل عكسي لتصدير الكهرباء نحو إسبانيا، في وقت كانت فيه الشبكة الإسبانية تعاني من انقطاع مفاجئ.
وبحسب معطيات غير رسمية، فإن المغرب كان يستورد عند لحظة العطب ما بين 400 و500 ميكاواط من الشبكة الإسبانية، ما يعادل إنتاج محطة حرارية متوسطة. لكن بمجرد توقف التدفق من الشمال، تمكنت الوحدات الوطنية من تعويض النقص وتوليد فائض جرى تصديره مباشرة نحو إسبانيا عبر الكابلات البحرية، في إطار آلية توازن فوري فعلتها مراكز التحكم الجهوي.
وبدأ الربط الكهربائي بين المغرب وإسبانيا قبل أكثر من عقدين من الزمن، حيث جرى تشغيل أول شبكة بطاقة 700 ميغاواط، وذلك في تسعينيات القرن الماضي. وفي عام 2006، تم إنشاء رابط ثانٍ بموجب مشروع «ريمو» الذي ساهم في مضاعفة قدرة الربط بين البلدين لتصل إلى 1.400 ميغاواط، وهي قدرة ساهمت في تعزيز تبادل الطاقة الكهربائية بين البلدين.
خلال الحادث الطارئ الذي حدث في الشبكة الأوروبية، حيث تعرضت إسبانيا إلى انقطاع مفاجئ في الكهرباء، تم توقيف تدفق الطاقة إلى المغرب، مما استدعى تدخلًا فوريًا لتلبية الطلب الداخلي وتوفير الكهرباء بشكل طارئ. في تلك اللحظة، كان المغرب يستورد نحو 400 إلى 500 ميغاواط من الشبكة الإسبانية، ما يعادل تقريبًا طاقة محطة حرارية متوسطة، لكن المغرب بفضل احتياطياته الكهربائية تمكن من تعويض هذا النقص بسرعة.
هذا التحول جاء بفضل تعبئة فورية للقدرات الاحتياطية الوطنية، حيث جرى تشغيل محطات حرارية في كل من المحمدية وتهدارت والجرف الأصفر، إلى جانب الاستعانة بوحدات متنقلة تعتمد على الغازوال والطاقة الشمسية المخزنة. وسمح هذا التوليف من المصادر بضمان استمرارية الإمداد الوطني وتوفير هامش إضافي تم تصديره عبر الربط نفسه.
ويملك المغرب قدرة إنتاجية تصل إلى 11.200 ميغاواط، موزعة بين الطاقة الحرارية (65%) والطاقة المتجددة (35%)، إضافة إلى هامش احتياطي قدره 15% من إجمالي الطلب. هذا الهامش أتاح له استيعاب الصدمات المفاجئة دون اللجوء إلى القطع العام، بل وأتاح له تصدير فائض الكهرباء عبر الكابلات البحرية إلى إسبانيا.
وبفضل تقنيات الربط الحديثة التي توفر العزل التام بين الشبكتين، لم تنتقل الأعطال بين الجانبين، ما سمح باستخدام الكابلات الثلاثة (التي تمثل ربطين كهربائيين مختلفين) بكفاءة رغم اضطراب الشبكة الإسبانية. ولعل هذا الحدث يعكس الاستعداد التام للمغرب لتصدير الكهرباء، خاصة في أوقات الأزمات الطارئة، بعد أن كانت شبكة الربط تستخدم أساسًا لاستيراد الكهرباء من إسبانيا خلال فترات الذروة.
وفي إطار تعزيز التعاون الطاقي بين البلدين، أقدمت إسبانيا على تخصيص استثمارات بقيمة 1,06 مليار يورو لتعزيز الربط الكهربائي مع المغرب عبر مضيق جبل طارق، مما سيمكن من رفع القدرة الإجمالية للربط إلى 2.100 ميغاواط بحلول 2026.
كيف زوّد المغرب إسبانيا بالكهرباء عبر الربط البحري

الكاتب : عماد عادل
بتاريخ : 30/04/2025