لا شيء هنا يغري

تحت جنح ليل دامع من خوفِ ما يطوقني، رغم كوني أقبع مكتوماً كجرذ بين جدران، أنظر إلى كل ما يتفجر ما بين أصابع فنان، من أطراف تتطاير من أجساد شتى، تقطعت حبال أصواتها التي لم ينقطع منذ عقود دويُّها في سمع جبال وسهول وشواطئ خلجان، من ارتفاع منسوب فتك في مواجهات لا تكافؤ فيها، وأنا في صدام مع ألف قناع وقناع .
على مساحة خطوة ليس أكثر، أفقد ملامحي على امتداد أمتار تتغير أسماؤها، ومواقعها حتى لا تعود لذاكرة أن ترجعني منهكاً إلى بيتٍ غادرته منذ ما لا أستطيع تحديده من ثوان أو أيام أو أزمان، فقد انطفأ في عيني بريق تحت معاول من أشعة ليزر، لم أرها وإن كانت عبثت بملء قدراتها في مقلتي بأنامل ساحر يراني ولا أراه، لأني لم أحفظ بريقاً كان في عينيّ كأحد عشاق هذه الأرض، التي كان كل شيء يخضر فيها حتى الصخر على مرتفعات تعرفني فيها .
لكن أنذا في زمن ناريٍّ انطفأت أشياء كانت من قبل هنا تخضرُّ إذا نبتت،
لكن لمّا حجَروا فيها عليّ،
ما عاد هنالك في حنجرتي حبل يجمعني بمسامع تصغي لي في هذا الكوكب،
حين انجرَّتْ أرضي كي يصدمها ما لا تقدر أن تلمسه من أجسام صارت منذ شهور في هيجان
تضحك منا وتضج ، بملء العبث الساخر من أي وميض صار يشع هنا أوْ كان.

***
لن ينقطع الموتٌ، وها هو ذا عدَّاد من أشواقي لا يتوقف مشتعلاً في فقداني من أحببتهمُ، شأن العدّاد المرهقِ في صالح شيطان قهقه منذ رأى سقطة إنسان،
مدفوعًا بحسابات وحسابات، لكن لا ينفعني أن كنت أشكك في صدق نوايا أفواه كانت تتبسَّم حين أكون.
جرْذٌ أنا في أثلج ركن من هذي الكون، حتى في هذا الصالون الغارق الصمت وإن أبصرت على أحد الأركان به، كتبًا فاضت بجميع صراخي منذ علَتْ في الأرض هنا الهمساتُ.
لم يتوقف صوتي مصطدمًا بعماي ْ،
ونزول خطاي إلى أكثر نيران لم أومن يوما بسوى قدرتها في تدمير بناياتي ، وما يبنيه سوايْ.
فلتشتعلي بالأدمع يا طرقات تتجهمني في هذا الدرب الموبوء،
لست سوى جرذ لكن قدراتي ليس تحدّ، كما أومن.
وها أنذا أشهد كيف يخرب أضأل مخلوقات الأرض حياتي، ومباهج عيش الناس.
فعلى أي بحور الجان أنا أمضى ؟ أم أنا في بلد مسحور في صمت الوقت الخائف؟
إذ لا شيء هنا يُغرِي صوتًا .يعقلُ ، أو ريشًا ذا قَـلبٍ،
أن يشدو أو يبكي بعد غياب الإنسان؟


الكاتب : أحمد بنميمون

  

بتاريخ : 13/11/2020