لحبيب شباط، الكاتب العام للحزب الاشتراكي العمالي الإسباني بأمبريتي جهة إشبيلية ل «الاتحاد الاشتراكي»

 

«إبراهيم غالي» من مؤسسي منظمة عسكرية قامت بتصفية مايقارب من 300 مواطن إسباني في عقد السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي

 

دعا لحبيب ، الكاتب العام للحزب الاشتراكي العمالي الإسباني بأمبريتي جهة إشبيلية، إسبانيا إلى إعادة النظر في موقفها من نزاع الصحراء، على ضوء السياق الجيوسياسي الجديد الذي اتسم به قرار الولايات المتحدة الأمريكية، والاعتراف بسيادة المغرب على الأقاليم الجنوبية، ويرى المسؤول الحزبي الإسباني أن المغرب يشكل لإسبانيا أولوية قصوى في سياسته الخارجية، لكن للأسف الشديد، يقول، لا تتوفر إسبانيا على سياسة دولة قارة، وكشف أن «إبراهيم غالي» من مؤسسي منظمة عسكرية قامت بتصفية مايقارب من 300 مواطن إسباني في عقد السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، وهناك 130 عائلة إسبانية في جزر الكناري يحملون صفة ضحايا إرهاب البوليساريو منذ 2011 باعتراف من وزارة الداخلية الإسبانية، كما يسلط المسؤول في الحزب الاشتراكي العمالي الإسباني الضوء على العديد من الجوانب التي أثارها استقبال «قائد مرتزقة البوليزايو «من طرف الحكومة الإسبانية على أراضيها بهوية مزورة في الحوار التالي الذي أجرته معه جريدة الاتحاد الاشتراكي.

 

– كيف ترى الأزمة الحالية بين المغرب وإسبانيا ؟

– المغرب وإسبانيا بلدان أقرب بكثير مما يتضح، لكنهما أبعد بكثير مما هو مرغوب فيه. فعلاقة البلدين تمر بأزمة غير مسبوقة في هذه الأسابيع الأخيرة،هناك عدة عوامل تميز وتؤثر في هذه العلاقات منذ عقود، وتجعلها جد معقدة، أولها، القرب الجغرافي بين البلدين، وما يترتب عنه من مشاكل الهجرة غير النظامية والتجارة غير الشرعية، ثانيا موقف إسبانيا السلبي من قضية الصحراء، ومطالبة المغرب المتتالية بفتح خلية تشاور حول وضعية سبتة ومليلية، وأيضا وجود جالية مغربية مهمة في إسبانيا تتجاوز 800 ألف  مواطن ومواطنة. المغرب يشكل لإسبانيا أولوية قصوى في سياسته الخارجية، لكن للأسف الشديد لا تتوفر  إسبانيا على سياسة دولة قارة، من خلالها يستطيع إدارة علاقته مع المغرب، مما يجعلها عرضة لأزمات بشكل دوري، لكن مع كل هذه الحقائق، هناك مجال واسع للتعاون بين البلدين، إذ نجد أن المصالح المشتركة المغربية الإسبانية تتجاوز ما هو اقتصادي، وأصبحت اليوم أمنية بالدرجة الأولى، نظرا للتحولات العميقة التي تعرفها المنطقة، خصوصا في شمال إفريقيا ومنطقة الساحل، حيث تتواجد مجموعات إرهابية متعددة تهدد استقرار أمن المنطقة، إسبانيا والمغرب مطالبان بالتعاون من أجل الحد من هذه الأخطار.

– هل يجوز استقبال شخص بهوية مزورة ومتهم بجرائم ثقيلة خاصة في بلد يصنف نفسه في خانة البلدان الديمقراطية

– طبعا لا، فأي شخص يدخل إلى التراب الإسباني أو إلى المجال الترابي لشينغن، يجب أن يكون بجواز سفر يثبت هويته الحقيقية، وفي اعتقادي أن الجهات التي تقف وراء دخول زعيم الانفصاليين بهذه الطريقة بشكل مقصود أو غير مقصود من أجل العلاج من مرض كورونا أخطأت في تقديراتها، ولم تزن الأمر بالشكل السليم، ولم تزن حجم غضب المغرب من تداعيات استقبال شخص سبق وأن أعلن الحرب على جار مهم بالنسبة لأمن إسبانيا وأوروبا.
الرئيس الاشتراكي السابق ثاباتيرو ووزير دفاعه خوسي بونو صرحا بكل وضوح بأن المغرب جنب إسبانيا عدة هجمات إرهابية، ويجب العمل على تطوير هذه العلاقة، لأنها في مصلحة إسبانيا.
هذه الجهات التي كانت وراء هذه الأزمة غير المسبوقة، أوقعت نفسها في ورطة، وقد ساهمت فيها الجزائر بدون شك، بالطبع لإسبانيا الحق أن تستقبل من تريد على أرضها، لكن هذا الشخص ليس بشخص عادي، فهو متابع من طرف القضاء الإسباني بجرائم يعاقب عليها القانون الإسباني بعقوبات جد قاسية، وكذلك هذا الشخص هو من مؤسسي منظمة عسكرية قامت بتصفية مايقارب من 300 مواطن إسباني في عقد السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي،  وهناك 130 عائلة إسبانية في جزر الكناري يحملون صفة ضحايا إرهاب البوليساريو منذ 2011 باعتراف من وزارة الداخلية الإسبانية، ومازالوا ينتظرون معاقبة الجانين.

–  في اعتقادك، هل ما تم هو توجه عام  أم سوء تقدير من جهة معينة تسعى لضرب العلاقة بين البلدين ؟

– عقلاء إسبانيا والعارفون بالشأن المغربي من سياسيين سابقين وبعض الإعلاميين، يحثون على تطويق هذه الأزمة، ومافتئوا يذكرون الإسبان بأن المغرب يعرف تحولا كبيرا في كل المجالات في العقدين الأخيرين، ويجب تغيير عقلية التعامل معه على أسس صلبة وصريحة، بالمقابل هناك جهات تريد أن تصب الزيت على النار خصوصا بعض الأحزاب اليسارية الصغيرة والحزب العنصري “بوكس” وبعض وسائل الإعلام الرسمية وغير الرسمية التي لا تخفي عداءها تجاه المغرب وانحيازها لأطروحة البوليساريو متخفين وراء قرارات الأمم المتحدة رغم أن هذه الأخيرة لم تعد تتحدث عن الاستفتاء في الصحراء منذ عقود.

– كيف ترى حل هذه الأزمة ؟

– مادامت هذه النزاعات والخلافات المستمرة لم تجد طريقها للحل، فعمق الأزمة سيبقى وسيعاد إنتاجه بشكل دوري.
بشكل صريح وواضح، أقول إن إسبانيا عليها أن تعيد النظر في موقفها من نزاع الصحراء، وذلك على ضوء السياق الجيوسياسي الجديد الذي اتسم به قرار الولايات المتحدة  الأمريكية، والاعتراف بسيادة المغرب على الأقاليم الجنوبية وأن تأخذ بجدية اقتراح المغرب للحكم الذاتي لإقليم الصحراء كحل لهذا النزاع المفتعل من الجزائر، وكذلك على إسبانيا أن تحل معادلة تحسين علاقتها سواء مع المغرب أو الجزائر، التي دائما تكون على حساب جودة العلاقات مع البلد الآخر، كذلك من الواجب على فرنسا إن كانت بالفعل صديقة للمغرب، أن تحدو حدو الولايات المتحدة الأمريكية لكي تجر معها باقي الدول الأوروبية في الظروف الحالية.
للتخفيف من الأزمة يجب ترك مسؤولي الجانبين، سواء من إسبانيا أو أوروبا والمغرب، لكي يعملوا كثيرا وإن كان بصمت أفضل.
ويجب العمل على المستوى البعيد من أجل تحسين صورة البلدين لدى شعبيهما، لأن هناك مستويات عالية من الجهل المتبادل الذي يمتد إلى نخبهما وجل قادتهما، فعدم التفاهم وانعدام الثقة يتغذى بشكل مباشر من قلة معرفة الآخر، وهذا لا يتم حله فقط باتصالات على مستوى النخب، بل يجب أن تشارك فيه الأحزاب وفعاليات المجتمع المدني بشتى روافده، دون نسيان الدور الكبير الذي يمكن أن تلعبه الجالية المغربية في أوروبا من أجل تطوير هذه العلاقة،لأن المغرب يحتاج إلى أوروبا وأوروبا تحتاج إلى المغرب.


الكاتب : أجرى الحوار: جلال كندالي 

  

بتاريخ : 02/06/2021