حين كنت اقرأ تقديم الكتاب الذي كتبه من أعرفه و من لا أعرفه ـ شخصيا ـ عبد الباقي بلفقيه و قاسم مرغاطا .. كانت تتراءى أمامي صورة بن عليلا حيث قرأت من ضمن ما قرأته : « … كتابة بلسان الشك والتردد و الحيرة .. وهو اللسان الذي يقف أمام عتبة الزوال والانتهاء والرحيل .. ص 13 من الكتاب، قلت حين قرأت ذلك ظننت أن عثمان لن يرحل عنا، بل سيرحلنا كلنا .. ولكن ، هي الحياة هكذا . وحين قرأت « .. كتابة تبحث عن الأشياء الصغيرة الخبيئة تحت قشرة الجسد والحياة والعابرين والراحلين …» في نفس الصفحة من الكتاب . قلت في نفسي :» يا الله هما يكتبان ما لم أستطع التعبير عنه «
من أين سأدخل للكتابة عن هذا وعثمان من المعروف عليه أنه كان كثير الاختلاط ، بل يحب الاختلاط ، يجلس بين الجماعة وهو مطرق يفكر وكأنه لوحده ، ولا يتكلم إلا إذا طلب منه ذلك .. ففلسفته في الحياة هي الشك ، والكلام مشكوك فيه ومشكوك في مقصديته وصوابه ..
« غريب هذا الضيف دوما على كلامه !!» ص 32.
.. وما يتكرر في الشذرات ( لم أقم بدراسة إحصائية ) : الحب، عالم الإنسان والإنسانية ، الشمس، الصداقة، رائحة الأم، الشك، الخيانة، الغباء (الذي يكرهه ) الدهشة، الهشاشة، اليأس، الدجل و الخواء، الحلم و الموت، الفاجعة مرة والفواجع أخرى .. ولا يعتبر كل ما هو خارج العقل مقبولا، والحب مرتبط بالقلب عادة، وهو لا يؤمن به، إلا إن كان إنسانيا صرفا ..
« لا أرى الحب عقلا يليق بي « ص 45 ف « كل شيء قابل للتأويل إلا هذه الحياة « ص 60.
مفهوم المشاركة شيء أساسي بالنسبة له، إذ لا يحب أن يكون فردا تائها ، يحب المشاركة في كل شيء خصوصا في الحلم والضحك والسعادة . في حين لا يحب القهقهات .. يحب من يضحك من (كبده) لا عليه. ضحكا حقيقيا لا قهقهة فارغة لأن .. « لغز الضحك آت من خلل في ينابيعه « كما يقول في الصفحة 62 من الكتاب أو كما قال في ص 65 « الحب ، ضعفنا العظيم، حين يتجلى بمطلق قوته! «
كان عثمان يتألم في صمت وسكوت حين يرى الآخر مقهورا أو مدحورا : « يؤلمني يا وجهي، من ودع وجهه !» ص 67 . و هو من تمرد على بلاغة اللغة العربية (الطباق) فالموت لديه يقابل الحب عوض شيء آخر كما جاء في الصفحة 74 « في هذه الحياة ما هو أقوى من الموت ، وجه الحب « « ..المجد لفوضاي « ..ف « كم أراني إنسانا حين يتخلى الكل عن تفاهته ! « ف « في الحياة ما لا يعقل حبها !» فالحياة بالنسبة له لن ينتصر عليه غضبها ..
تدخل كتابة عثمان ضمن السهل الممتنع، فالتعبير لديه رائع لدرجة أنني أتساءل ـ كيف له ـ في التقديم والتأخير فقط أن يقول ما قاله .. وإليك أيها القارئ الحصيف الفرق بين كلام عادي وكلام يستحق أن يكون ضمن هذه الشذرات « على التدمير يستعصي كل ما يأتي من جهة الحب « ص 79 .. و لو قال ـ مثلا ـ يستعصي على التدمير .. وقدم الفعل أترانا سنأبه لهذا الكلام .. لا أظن . فقد يكون التعبير جميلا، ولكننا نعتبر الجملة عادية .. وخير ما أختم به ذلك التذييل الذي كتبه آيت حنا الذي نعت كتابة عثمان ب «.. صادقة حرة وحارة « حيث كتابة آيت حنا، واقع بشكل مقض لرؤيتنا وجوهنا في المرآة ورؤية الشك في اليقين لدرجة أن كلمات الرجل « تكمن في كشف أقنعة الزيف» لذلك وكما يتكرر في الشذرات كما فتئ يقولها عثمان ويكررها، نقول: «لسنا على مايرام».
«لسنا على ما يرام» قراءة في «على مسافة من لساني» لعثمان بن عليلا

الكاتب : عبد الله خليل
بتاريخ : 25/04/2025