في الوقت الذي يسجل فيه المغرب حضوره في الدورة الـ69 لـ»لجنة وضع المرأة» التابعة لـ»الأمم المتحدة»، فإن قضية التمكين الاقتصادي للمرأة تشكل أكثر من أي وقت مضى محور المناقشات. ورغم التقدم التشريعي الذي تم إحرازه والإرادة السياسية التي تم إظهارها، يبقى السؤال مطروحا: «هل للمرأة المغربية حقا مكانها في الاقتصاد المغربي؟».
بحسب «لطيفة شريف» رئيسة جمعية «أصدقاء الشريط الوردي» (Amis du Ruban Rose) والناشطة في مجال حقوق المرأة، فإن: «الثقافة الأبوية لا تزال تشكل عقبة عميقة أمام تمكين المرأة المغربية في حقها الاقتصادي». وتؤكد بشكل لا لبس فيه: «ما دامت العقليات لم تتغير، فإن هذه العقبة (وغيرها) ستظل قائمة…».
من جانبها، تدعم وزارة التضامن هذا التحليل من خلال الإصرار على ضرورة التعبئة الجماعية لتوفير فرص للنساء مساوية لتلك المتاحة للرجال. وتعقب: «علاوة على ذلك، فإن غياب الإطار القانوني المحفز يشكل عقبة إضافية. لا يتضمن قانون الشغل المغربي – حتى الآن – تدابير محددة مثل الحصص في مجالس الإدارة أو إجازة الوالدين المناسبة، كما تظل برامج التعليم المستمر غير كافية لتمكين النساء من إعادة التدريب في القطاعات الواعدة مثل: «التكنولوجيات الجديدة» أو «الاقتصاد الأخضر»».
وبحسب «لطيفة شريف»، فإن: «برنامج «إكرام 2» (ICRAM2) الحكومي، على الرغم من الإعلان عنه كرافعة رئيسية، لم يلب بعد التوقعات بشكل كامل. فالأرقام التي قدمتها السلطات المعنية لا تتوافق مع ما يعاش على أرض الواقع، إذ من الضروري إشراك المجالس الإقليمية وتقديم تشخيص صادق»، وعلى أن «العمل على تحسين التعليم، وضمان مستقبل الفتيات، والتوقف عن جعل المساواة شعارا».
في كل قمة رئيسية، تتكرر نفس الالتزامات مرارا وتكرارا: «ضمان مكانة المرأة في عمليات صنع القرار، ومنحها الوسائل اللازمة للعمل والوصول إلى التمويل، كما لا يشكل الإعلان السياسي الذي اعتمد بمناسبة الذكرى الـ30 للمؤتمر العالمي المعني بالمرأة استثناءً». ولكن وراء هذه الكلمات الجميلة، هناك نقاط يصعب استساغتها كـ: «التمييز الجنسي»، «عدم المساواة المستمرة»، «العقبات الهيكلية» لا تزال قائمة، «التقدم المحارب من أجل تغيير واقع المرأة» خاصة الأكثر ضعفا منها».
ترى «لطيفة شريف» أن: «إقرار دستور عام 2011 قد شكل نقطة تحول ظهرت معها آليات جديدة تهدف إلى حماية المرأة وتعزيز إدماجها الاقتصادي الوطني. لكن العقبات لا تزال كبيرة ومتنوعة أبرزها التمييز في الوصول إلى وسائل الائتمان والإنتاج، وخاصة بالنسبة للنساء اللواتي لا يزلن يتحملن عبء العمل المنزلي على أكتافهن، دون تحقيق أي تقدم».
وتتساءل: «كيف يمكننا أن نأمل في مستقبل أكثر مساواة، عندما تقوم بعض الأمهات منذ الطفولة بترسيخ عدم المساواة من خلال تفضيل أبنائهن على حساب بناتهن؟».. إن النضال (من وجهة نظر لطيفة شريف) من أجل «الاستقلال» في أبعاده السياسية والمالية والاجتماعية للمرأة المغربية يجب أن يكون خيارا جماعيا، ولن يتم إلا بمعالجة فشل «نموذج التعليم المدرسي» للفتيات، وتزويد النساء بالأدوات نفسها اللازمة للاندماج في «السوق الاقتصادية»، والتوقف عن التلويح بالمساواة كـ»شعار بسيط»، إذ «ما دامت الكلمات لم تترجم إلى أفعال، ستبقى الخطابات فارغة من أي معاني ومبادرات حقيقية، ولن يتجاوز مداها مفهومي الوعود والأوهام».