لــيـْــسَ بَـــعْــــدُ

الأشجارُ تَرْعَشُ مُلْتَذَّةً
بماء المطرِ الطَّروبِ،
وعلى أهْدابِها الوَطْفاءِ،
علَّقَ قُزَحٌ قوْسَهُ
ليَسْتريحَ.
والأرضُ تخلعُ عنها
أسْمالَ الجَرَبِ الوبيلِ
وحِدادِ الصّبْرِ الطويلِ،
ناثرةً، فوقَ أَسْكُفِ الأبوابِ،
وأفاريزِ الشُّرُفاتِ الجَوْزِيَّةِ اللَّونِ،
أشْرِطةَ غُبارٍ
وضوءٍ وابتهالْ،
حاضنةً أسرارَ الراحلينَ
كما تَحْضُنُ شمسٌ ميقاتَها
أوْ
يَتيمٌ ضياعَهُ.
أمّا الليلُ فيتَنَفَّسُ من
« عَرَق لؤْلُؤ الرؤى «،
أميراً، بايَعَهُ رَعيلٌ مُفَدَّى
من شعراء الـــجـــنِّ.
لكنْ،
قلْ لي:
ــ مَنْ فضَّ سدّادَةَ الجرَّةِ المسحورةِ
شَرِبَ زيتها الخرافيَّ،
ثمَّ، فتحَ اللَّفائفَ
وَهَتَكَ سرّها؟
وَمَنْ طوَّعَ السِّدْرَةَ بتعازيمهِ
فأَسْقَطَ نَبْقَها
وانْثَنَى مُنْتَشياً
يُغنّي؟
وَمَنْ بوَّقَ للأحياءِ هُتافاتِ القبورِ
وانْتَهَرَ الريحَ الشَّافيةْ
فَوَلَّتْ باكية؟.
قُــــلْ لـــي:
الأرضُ هذي التي تَحْمِلنا،
يَميناً أوْ يساراً تَدورْ
على ذيْلِ تنّينٍ
أمْ على قرْن ثورْ؟
ومن سيَنْفُخُ، غداً، في الصُّورْ،
إذا أضْوانا الفجرُ،
وضاقتْ بنا القبورْ؟
ومتى يحِينُ وقتُ القيامِ،
وتَصِلُّ أجراسُ النشورْ؟.
فهذا ظلامٌ كثيفٌ
تَمَطّى بصُلْبِهِ،
وذاكَ شعاعٌ عليلٌ
يبْزُغُ منْ
قمرٍ ناحلٍ
يعومُ في بُحيرةِ دَمٍ،
مُخَرَّماً، مُرَنَّقاً
بالثّآليلِ والبُثُورْ.
فمتى يَحِينُ وقتُ القيامِ،
متى وقتُ القيام يحينُ..
متى يَحينُ..
ومتى
تــصِـــلُّ أجراسُ النُّـــشُـــــورْ؟.


الكاتب : محمد بودويك

  

بتاريخ : 09/06/2023