لقاء علمي بخنيفرة حول البحث التاريخي وإشكالية فهم التراث ببلاد زيان

في إطار برنامجه «محاضرة الشهر»، استضاف «المركز الثقافي أبو القاسم الزياني»، بخنيفرة، مساء السبت 18 فبراير 2023، لقاءً مفتوحاً مع د. إدريس أقبوش في محاضرة حول: «البحث التاريخي وإشكالية فهم تراث زيان»، سجلت حضورا نوعيا من الفاعلين والمبدعين إقليميا، ومن المهتمين بالتراث والشأن الثقافي والتاريخي.
اللقاء المنظم بفضاء القراءة بالمركز الثقافي، افتتحه مسؤول المركز، الباحث ذ. المصطفى فروقي، بكلمة وضع فيها الحضور في صميم اللقاء من باب «حاجة تاريخ وتراث المنطقة منطقة زيان لما يكفي من الضوء على اعتبار كونها من المناطق التي لم تنل حقها من التوثيق والبحث التاريخي بالشكل المناسب».
ومن جهته، انطلق د. إدريس أقبوش في عرضه من مجموعة من التساؤلات المرتبطة بموضوع المحاضرة، ودلالاته؟ ومن مفهوم التراث؟، وواقع التمييز بين مفهومي التراث والتاريخ؟، وإشكالية تغييب منطقة زيان من الأبحاث التاريخية؟، فيما توقف عند سؤال مدى الاعتناء القائم بالتراث المدون مقابل تغييب المنسي؟، وعند إمكانية تحقيق النهضة بالتراث كما هو الحال ببعض الدول الأوروبية؟، ذلك قبل مروره عبر سؤال مدى تمكن الباحث من تحليل التراث أو قراءته بعيدا عن دائرة الإيديولوجيا.
وفي ذات السياق، لم يفت المحاضر التركيز على «معضلة عدم اهتمام الفاعل المحلي بالبحث في تاريخ المنطقة مقارنة مع ما قام به الآخرون عن مناطقهم»، فيما استحضر كتابات الوزاني والسوسي، وكتابات المستعمر الفرنسي، حول هذه المنطقة ومحيطها، منها اغرم أوسار نموذجا، ليتساءل، من خلال عين عبدالله العروي، حول «واقع استبعاد تراث وتاريخ المناطق الهامشية رغم كونها أساس التاريخ المغربي»، ليربط المحاضر ذلك بمعاناة منطقة زيان من التهميش رغم انفتاح المدرسة التاريخية على باقي المناطق.
وصلة بالموضوع، تحدث المحاضر عن «القضايا والأحداث التي لحقها التحريف والتزييف والأوهام الإيديولوجية في الكتابات التاريخية»، سيما المكتوبة برؤية أجنبية، حتى أن مجموعة من المصطلحات، يضيف المحاضر، «بعيدة كل البعد عن حقيقية المجال»، وأن عددا من الباحثين «وجدوا صعوبة في فهمها وتفكيكها».
وعلاقة بذلك، أشار المحاضر، د. إدريس أقبوش، في ذات عرضه، لما يُعرف ب «السّيبة والعُرف»، وكيف تم تدوين مفهومهما وأسبابهما بخلفيات وأهداف معروفة، وتناولهما مجرد همجية وجهل بالقيم والأخلاق، قبل تطرق المحاضر لما يجب على الباحث في التراث التسلح به من أليات وأدوات، وكيفية خلق «ذهنية معاصرة» من باب «تغيير النظر بالبحث العلمي والأنثروبولوجي والابستمولوجي والعلم الاجتماعي لأجل كسب القدرة على تفكيك شفرات الكتابات التاريخية»، وعلى «كشف ما بلغه من حقائق دون إحراج ولا طمس».
ومن جهة أخرى، لم يفت المحاضر الحديث عن الرواية الشفهية و»حاجتها لما ينبغي من الإلمام العلمي والاتقان اللغوي والتدقيق التاريخي»، و»مدى استحالة الاعتماد على بعضها أو تدريسها للأجيال كحقيقة مطلقة»، مذكرا بجمجمة أقدم إنسان عاقل، والتي جاء اكتشافها بجبل إيغود المغربي وغيرت تاريخ الوجود البشري رأسا على عقب بعد سنوات من الحديث عن جمجمة الإنسان المكتشفة بإيثوبيا واعتبارها الأقدم».
وعن أصل زيان، رأى المحاضر أنه كباحث «لم يصادف شيئا دقيقا في أبحاثه سوى ما بُني على فرضيات وتأويلات غامضة، أو ما كتبه الأجانب بناء على ميزان مصالحهم»، حيث أكد على «حاجة تاريخ زيان لمدرسة خاصة به تكون مكتملة الأطراف والرؤى»، ، لأن الأبحاث الفرنسية لم تكن تهتم لا بالتراث ولا بالأعراف بقدر اهتمامها بالتدخل العسكري».
وتم تتويج اللقاء بفتح باب المناقشة في وجه الحضور، وتم من خلاله إثراء النقاش بالكثير من الأفكار والآراء، من قبيل الدعوة إلى إحداث مركز بحثي يجمع التخصصات والأبحاث الإيكولوجية، فضلا عن تساؤلات متعددة، من بينها هل طمس التاريخ جرى عن قصد أم دونه؟، ومدى ملابسات خضوع المؤرخ لأجندات معينة؟، ما الحدود الجغرافية لمجال زيان؟، هل هناك أزمة مثقف أم أزمة توثيق؟ ماهي أدوات تصفية الرواية الشفاهية وغيرها.


الكاتب : أحمد بيضي

  

بتاريخ : 25/02/2023