احتضن قصر المؤتمرات بالصخيرات، يومي 21 و22 يوليوز 2025، أشغال اللقاء الوطني حول موضوع “تنزيل العقوبات البديلة في ضوء العدالة الصديقة للأطفال”، المنظم من طرف رئاسة النيابة العامة بشراكة مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف). ويهدف اللقاء إلى التهيئة الجيدة لدخول القانون رقم 43.22 المتعلق بالعقوبات البديلة حيز التنفيذ، وتدارس سبل تطبيقه بشكل يضمن حماية مصالح الأطفال في تماس مع القانون وفق مقاربة إصلاحية وإنسانية.
في كلمته الافتتاحية، أكد هشام البلاوي، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض ورئيس النيابة العامة، أن عدالة الأطفال تحتل مكانة خاصة في السياسة الجنائية الوطنية، وأن حماية الأطفال ومصالحهم الفضلى تعد من الأولويات التي يدعو إليها جلالة الملك محمد السادس باعتبار الطفل مخزونا استراتيجيا ورأسمالا لاماديا يجب أن يحظى بالعناية والرعاية.
وأشار البلاوي إلى أن العقوبات البديلة، التي ينص عليها القانون الجديد، تمثل خيارا حضاريا وأخلاقيا يعكس نضج المجتمع ورغبته في بناء مستقبل أفضل لأطفاله، من خلال توفير بيئة تتيح للأطفال في نزاع مع القانون فرصة للإصلاح والاندماج داخل محيطهم الطبيعي، بدلا من الاقتصار على السجن الذي قد يعزز السلوك الإجرامي لديهم بسبب تأثير الأقران داخل المؤسسات العقابية.
وأضاف أن القانون 43.22 يمنح القضاء صلاحية استبدال العقوبات السالبة للحرية بتدابير بديلة متعددة مثل العمل لفائدة المنفعة العامة أو التدابير الرقابية، مع اعتماد نظام تتبع دقيق لتقييم أثر هذه العقوبات تحت إشراف جهات قضائية وإدارية، بما يضمن حسن تنفيذها ويحفظ مصلحة الطفل والمجتمع على حد سواء.
وتناول اللقاء الوطني ثلاثة محاور رئيسية: المحور الأول خصص للسياق والغايات من إصدار قانون العقوبات البديلة، والمحور الثاني بحث الخيارات المتاحة أمام قضاة الأحداث في سن العقوبات البديلة ودور النيابة العامة وقضاة تطبيق العقوبة في تفعيلها، أما المحور الثالث فتناول التكامل والتداخل بين قانون العقوبات البديلة والمبادئ المؤطرة لعدالة الأطفال.
وشارك في اللقاء عدد من قضاة النيابة العامة المكلفين بالأحداث، وقضاة الأحداث، إضافة إلى قضاة مختصين في تطبيق العقوبات، فضلا عن ممثلين عن القطاعات الحكومية والمؤسسات الوطنية والمجتمع المدني، في إطار الحرص على تعميق الحوار وتبادل الخبرات والممارسات الفضلى.
وأكدت رئاسة النيابة العامة، عبر ورقة تأطيرية مقدمة خلال اللقاء، أن هدف السياسة الجنائية الراهنة هو تحقيق توازن بين البعد الإصلاحي والتهذيب والتأهيل من جهة، وحماية مصالح الضحايا والفئات الطفولية الأخرى من جهة ثانية، مع التأكيد على أن العقوبات السالبة للحرية لا يمكن اللجوء إليها إلا كملاذ أخير بعد استنفاد جميع البدائل.
وأشارت الورقة إلى أن القانون الجديد يأتي في سياق دولي يوصي بتقليص استخدام الاحتجاز في قضايا الأطفال، اعتمادا على المبادئ التي حددتها الاتفاقيات الدولية مثل “قواعد بكين” التي تشدد على ضرورة الحرص على أن تكون العقوبات السالبة للحرية في حق الأطفال الاستثناء وليس القاعدة، وأن تكون لأقصر فترة ممكنة.
ويشكل هذا اللقاء الوطني انطلاقة لسلسلة من اللقاءات الجهوية المخطط لها من أجل تعميق دراسة كيفية تنفيذ القانون وتكييف الإجراءات القضائية مع خصوصيات الأطفال ومصالحهم الفضلى، انسجاما مع توجيهات جلالة الملك محمد السادس وحرصه على النهوض بحقوق الطفل.
لقاء وطني بالصخيرات لمناقشة تنزيل قانون العقوبات البديلة في إطار عدالة صديقة للأطفال

الكاتب : جلال كندالي
بتاريخ : 23/07/2025