لكي يتم تفعيل استفادة المنتقلين من «أمو «تضامن» إلى «الشامل» مع ما يعني ذلك من تهديد لأرواحهم وسلامتهم طيلة هذه المدة
تتواصل فصول وعناوين التدبير الارتجالي للحكومة في تنزيل الورش الملكي للحماية الاجتماعية، فبعد الفضائح التي تشهد عليها الاستمارات التي يجب تضمينها الأجوبة عن الأسئلة التي وردت فيها من أجل تحديد المستفيدين من الدعم الاجتماعي المباشر ومن التغطية الصحية المجانية من غيرهم، وجد المقصيون من نظام «أمو تضامن» بعد تحيين ملفاتهم واتخاذ قرار إلحاقهم بنظام «أمو الشامل» المؤدى عنه، بأنه لا يمكنهم الاستفادة من أي خدمة صحية إلا بمقابل مادي، حتى وإن سددوا الاشتراك الشهري المطلوب، لأن تفعيل الخدمة التي يمكن أن تشملهم وذويهم يتطلب انتظار مدة ثلاثة أشهر كاملة، إلى حين توصل الجهة المعنية بمبلغ 390 درهما، أي 130 درهما عن كل شهر، ليكون هذا المبلغ أهمّ من الحفاظ على أرواح وسلامة المواطنين المعنيين بهذا النظام؟
مواطنون، كانوا في السابق يستفيدون من نظام المساعدة الطبية «راميد»، فتم إلحاقهم بـ «أمو تضامن» ثم وجدوا أنفسهم لاحقا في خانة المعنيين بـ «أمو شامل»، أي أنهم طيلة هذا المسار لم يقوموا بأية خطوة بشكل شخصي تنقلهم من هذا الوضع إلى آخر، فإذا بهم في نهاية المطاف يُحرمون من التغطية الصحية لمدة أشهر، يمكن أن يقع فيها الكثير وأن يتعرضوا إبانها لانتكاسات صحية وخيمة ولحوادث مختلفة، قد تؤدي بهم إلى الموت، إذا لم يجدوا المال الكافي لإنقاذهم وإسعافهم، وهو ما يعني بأن جهة ما تعرّض سلامة المعنيين للخطر، لأنها عوض أن تعيد تفعيل الاستفادة فور تسديد الاشتراك فقد قررت تأجيله إلى تاريخ لاحق!
وضعية أخرى، من بين وضعيات عديدة تؤكد على أن خللا كبيرا يتحكم في تنزيل هذا الورش لأسباب غير مفهومة، وهو ما يعني بأن الكثير من المواطنات والمواطنين أوصدت في وجوههم أبواب المؤسسات الصحية منذ مطلع أبريل إلى اليوم، وقد يكون هناك من تضرروا بشكل أو بآخر من هذا الإجراء الإداري الذي اصطدموا به، ومن بينهم حالة مواطن ينحدر من نواحي سطات وهو من مواليد 1945، هذا المواطن يخضع للمتابعة الطبية منذ فترة بسبب مشاكل على مستوى القلب، وسبق أن حُدّد له موعد يوم الاثنين الأخير لكي يخضع لعملية جراحية، وفقا لتصريحات أقاربه للجريدة، لكن وضدا عما كان منتظرا تم إخبارهم بأنه لا يمكن أن يخضع للتدخل الجراحي لأنه لا يتوفر على التغطية الصحية، التي كانت سارية المفعول أياما قليلة قبل ذلك، وهو ما جعل أسرته تؤكد استعدادها أداء الاشتراك لكي يتم إجراء العملية في موعدها، لكن تبين على أن هذا الحلّ غير ممكن لأنه حتى في حال السداد يجب انتظار مدة 3 أشهر، يضيف أحد أفراد عائلة المريض للجريدة، مما جعلهم يعيدونه إلى المنزل لأنهم لا يتوفرون على 10 ملايين سنتيم مبلغ العملية بدون تغطية، وهي العودة التي تبقى مفتوحة على كل المخاطر المحتملة؟
حالة ليست هي الوحيدة، فقد أكد عدد من المواطنين لـ «الاتحاد الاشتراكي» بأن أقارب لهم كانوا في مرحلة استشفاء في مؤسسات صحية، ولجوها في البداية وهم في وضعية «سليمة» مع «أمو تضامن» وعندما أرادوا المغادرة تم إخبارهم بأنه يتعين عليهم تسديد مقابل الخدمات الصحية التي تم تقديمها لهم لأن التغطية التي كانوا يتوفرون عليها قد تم تعليقها؟ وينضاف إلى هذا الوضع المعقّد ما يتعلق بالملفات الطبية المرضية التي تخصّ عددا كبيرا من المواطنين الذين تم تعليق استفادتهم من التغطية الصحية المجانية، والتي تختلف قيمة مصاريفها المادية، التي لم تعد هي الأخرى مقبولة ويتم رفض تسلمها من طرف «الوكالات» المختلفة لنفس السبب، إذ يتساءل المعنيون عن كيفية تحصيل جزء من المبالغ المالية التي سددوها وما هو مصيرها بعد مرور ثلاثة أشهر، لأن صلاحيتها ستكون مستوفية آنذاك؟ هذه الأسئلة وغيرها، يطرحها المواطنون اليوم بقوة بعد أن وجدوا أنفسهم وسط دوامة من التيه واللبس والغموض، وهم الذين استبشروا خيرا وآمنوا بأن هذا الورش سيفتح لهم أبواب تمكينهم من الولوج إلى الخدمات الصحية المختلفة بشكل سلس وعادل وبعيدا عن كل القيود والإكراهات المادية وغيرها، لكن تبيّن فيما بعد على أن الكثير من الأشياء الموعودة لا تجد طريقها إلى التطبيق كما كان منتظرا على أرض الواقع، الأمر الذي يجعل محنهم وآلامهم تتواصل في انتظار تدارك هذه الهفوات وتصحيح الاختلالات التي يتأكد يوما عن يوم بأن لها وقعا كبيرا وثقيلا على الفقراء والمعوزين.