للسينما.. موعد إذاعي لا يمكن إغفاله

 

على متن سيارتي متوجها إلى مقر عملي صباحا حتما، ثمة صدفة رائعة في انتظاري على الهواء مباشرة، يتعلق الأمر بفسحة إذاعية متحركة لا تتعدى بضع دقائق، سأسمع واستمتع فيها إلى إحدى الحلقات الملهمة في النقد السينمائي للمتمكن بلال مرميد على محطة إذاعة ميدي 1.
ولعل ما يذهل حقا في هذه الصدفة، ليس تلك الرغبة الجامحة والمحمومة لإعادة الاستماع إلى الحلقة ثانية و ثالثة حتى التخمة، أو تسجيل الحصة الإذاعية والاحتفاظ بها على الفور. وإنما ذلك الاعتقاد الواهم و الغبي الذي يجتاحني، كما لو أنها تذاع ستذاع لآخر مرة . فيما هي موثقة في سماوات الله المفتوحة بكل الصيغ، وعبر كامل الامتدادات الرقمية.
بلال مرميد هو فعلا من«ظواهر» مغربية متفردة في مجال النقد السينمائي. هذا الشاب الذي يتحذر من قبيلة ابن بني يازغة ( الزاوية بوكرين)، إقليم صفرو والده هو بوكرين مرميد رجل تعليم متقاعد. و بلال إلى ذلك أحد النقاد السينمائيين الشباب المتميزين إنه الـ FBM ذلك الشاب الذكي و الجريء الذي تميز بطربوشه الحاجب للشمس، و بفضحه كثيرا من العبث الفني و لوبيات الفساد في القطاع السينمائي المغربي.. ولا يزال
بلال جعل للسينما ركنا ثابتا على محطة ميدي1 «سينما بلال مرميد» ويقدم طبقا دسما شهيا ولذيذا يوميا من الإثنين إلى الخميس بعد موجز الثالثة والنصف بعد الزوال في «موزاييك» وفي السابعة وخمس وخمسين دقيقة مساء في مسائية ميدي1. طبقا بوصفة و مقادير محددة السينما المغربية والمغاربية، وبارتباط مع الأحداث السينمائية العالمية الكبرى في «كا» و«الأوسكار» و«برلين»..
ثابتة حول السينما في مجلات مغربية وعربية
هذا الصحفي الصفريوي الألمعي يسعى جاهدا، و بكل ما أوتي من أسلحة و مهارة لسانية نقدية إلى التميز، و ينجح في ذلك حتما. فمن خلال مقالاته النقدية الأسبوعية، يحاول أن يبين للمستمعين، المشاهدين أن السينما صناعة وفن واستثمار عالم. وأن بعضا من المنشغلين بالصورة وأبعادها وجمالياتها، ومن يزعمون الاكتواء بنار الإخراج السينمائي بالمغرب، الذين ما فتئوا يستنفرون الوقت، و هم يتقافزون حول غنيمة الدعم التي يهبها المركز السينمائي المغربي بسخاء لبعض الأجلاف، أنهم بأعمالهم السافلة الوضيعة المنحطة، لا يكتفون بركوب ظهور المشاهدين المغاربة كدواب، بل يتمادون إلى وضع عصابة على عيونهم .
أن هذه الفئة (دون تعميم طبعا) لا تدرك أن المشاهد المغربي على قدر من الذكاء، حيث يستطيع أن يرى الأشياء و بوضوح من تحت العصابة، لأنه ليس غبيا ولا أميا، بل إنه يريد أن يجهر بحقه، في مشاهدة عمل فني يليق بإنسانيته، يرتقي بذوقه الفني والجمالي، ويوازي حجم التكلفة المالية الباهضة تغطي مجمل تلك السفاهات..
بلال مرميد صحافي بإذاعة ميدي 1، منذ 2003 توفق لحد الأستاذية في مواكبة وقائع أشهر المحطات السينمائية الدولية المهتمة بالصورة و جمالياتها، مهرجان «كان» السينمائي برلين، وله تجربة مماثلة في متابعة و مواكبة في محطات سينمائية دولية مراكش، و كذلك جوائز الأوسكار الرائعة الصيت..
تميز بلال في مجال يستحقه، عزز قيما وممارسات ما أحوج النقد الفني والسينمائي بالمغرب إلى مقاربتها، ونقصد الابتعاد عن أسلوب التعويم اللفظي والغموض والكتابة التجريدية، ونهج منطق الصراحة والواقعية في المقاربة النقدية، لكن، بمنسوب وافر من الجرأة والإقناع قل شكله لدى الكثيرين. امض قدما سيد بلال، أنت المتميز الجدير بمقامك.


الكاتب : عزيز باكوش

  

بتاريخ : 31/08/2020

أخبار مرتبطة

تاريخ المغرب في حاجة ماسة إلى أعمال سينمائية وازنة بهذا الحجم وهذا المجهود لتعميم المعرفة بالهوية التاريخية للمملكة   جرت

“ناقشت الطالبة الباحثة فاطمة الزهراء الأمراني أطروحتها لنيل شهادة الدكتوراه في الآداب أمام لجنة أساتذة و خبراء تتكون من محمد

  توفي الفنان المصري صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما حيث شيعت جنازته يوم الحمعة الماضي من مسجد الشرطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *