بعد التسونامي الأخير الذي ضرب اليابان بداية هذه السنة، واجه تطبيق «NERV Disaster Prevention App» معضلة حقيقية لتوفير المعلومات اللازمة على منصة «إكس» للمتأثرين به. السبب أنَّ البرنامج تجاوز عدد المرات المسموح بها لاستخدام برامج الربط بين المنصات المختلفة لمنصة «إكس»، ما يُعرف بــ «APIs»، وبالتالي لم يعد التطبيق قادرًا على وضع منشورات جديدة على المنصة.
لمن لا يعرف تطبيق «NERV»، هو تطبيق متخصص في توفير التوجيهات الرسمية لمن يتأثر بالكوارث الطبيعية في اليابان، وأحيانًا يكمن الفرق بين الحياة والموت في الحصول على المعلومة الصحيحة في الوقت المناسب. وتطرح هذه السقطة التقنية لمنصة «إكس» سؤالًا أكبر:
لماذا يعاني إيلون مسك حتى الآن في تحسين تجربة المستخدم بعد مرور أكثر من سنة على استحواذه عليها؟
يمكنني اختزال الإجابة لك في سببين: أحدهما تقني والآخر إداري.
أما التقني فهو أن منصة تويتر كانت مصممة بطريقة سيئة جدًا قبل أن يتولاها مَسك. فمن الصعب توقُّع ما ستؤول إليه أي منصة معقدة مثل تويتر في المستقبل، ولا يمكن لمن صممها أن يأخذ في الحسبان شكل النمو المستقبلي لها؛ فتصميم اليوم قد لا يكون مناسبًا للغد. ما أعنيه أنه توجد أجزاء كثيرة من النظام، في البنية التحتية تحديدًا، مثل «قواعد البيانات» (Database) وغيرها، تصمَّم أحيانًا بطريقة محدودة وغير مرنة بقصد أو بغير قصد.
مثلًا، قد يضع المبرمج حدًّا أعلى لمرات الاتصال بتطبيقات الربط بالمنصة «APIs» لعدم توقعه أن أحدًا قد يحتاج إلى تجاوز هذا الحد. أو قد يضع هذا الحد لأنَّ في كل مرة يتصل فيها تطبيق خارجي بمنصة تويتر يكلف هذا الاتصال تويتر مالًا وعتادًا تقنيًا، ومِن ثَم كان من مصلحة المنصة أن تَحُد من مرات الاتصال هذه لخفض تكاليف التشغيل.
وقس على هذا المثال. فكلما زاد تعقيد تصميم المنصة وبنيتها التحتية، صعُبَ على أيٍّ كان تغيير هذه البُنية التحتية لاحقًا؛ لأنها مرتبطة بأجزاء كثيرة جدًا، وإذا غيَّرت جزءًا، وجبَ عليك تغيير ملايين الأجزاء الأخرى المرتبطة به. لهذا عملية التغيير عملية مكلفة ومضنية جدًا تقنيًا.
السبب الإداري هو أن نموذج عمل تويتر كان سيئًا أصلًا: فقد فقدت تويتر قدرتها على الربحية قبل وقت طويل من استحواذ مَسك عليها، إذ اعتمد النموذج بشكل أساسي على المعلنين لتحقيق الأرباح. وحين لم تعد الإعلانات كافية لتغطية تكاليف التشغيل، لجأت تويتر في يونيو 2021 إلى ابتكار مورد ربحي مختلف يعتمد على اشتراكات المستخدمين «تويتر بلو» (قبل استحواذ مسك عليها بعام) والذي لم يكفِ أيضًا لتغطية التكاليف.
وبعدما استحوذ عليها مسك، زاد الطين بلَّة بإغاظة المعلنين على المنصة في مناسبات كثيرة بتغريداته المثيرة للجدل؛ فقرر المعلنون أن «يسحبوا» عليه. كما أنه أغاظ مستخدمي المنصة بإجبارهم على الاشتراك للحصول على التوثيق مقابل مزايا أساسية.
إن هذه الأسباب، إضافة إلى غيرها، هي ما جعلت مسك يود الانسحاب من صفقة الشراء لولا أن مجلس الإدارة قاضاه وأجبره على الالتزام بإتمامها. فوجد البطل نفسه في بئر عميقة من المشكلات التقنية والإدارية التي يجب عليه حلَّها في أسرع وقتٍ ممكن، بينما الخسائر تتراكم على الشركة شهرًا بعد شهر.
لا ندري إلى الآن مدى قدرة «إكس» على «الصَّملة»، لكن ما ينقذ إيلون مسك حتى اليوم أنَّ أقرب منافس إليه، «ثريدز»، كبوته أكبر من كبوة تويتر!