ليبيا تتحرك لترحيل المحتجزين بعد ضغوط دولية والمغرب يبذل جهودا لنقل أبنائه لأرض الوطن

نتيجة للوضع الذي أصبح سيئا ومتفاقما بسبب العدد الهائل للمحتجزين من المرشحين للهجرة غير الشرعية، بدأت ليبيا تخرج منذ شهر عن صمتها خاصة وأن ملف المغاربة المحتجزين كان يناقش باستمرار سواء خلال اللقاء مع نجلاء المنقوش، وزيرة الخارجية والتعاون الدولي الليبية، نائب رئيس المجلس الرئاسي الليبي عبد الله اللافي، الشهر الماضي، الذي أكد أنه سيتم ترحيل المغاربة المحتجزين قريباً في إطار عمليات منسقة بين وزارة الداخلية المغربية والسلطات الليبية. وجاء ذلك عقب محادثات مع ناصر بوريطة وزير الخارجية خلال مؤتمر مشترك عقد بالرباط.
خلال هذه الورقة نرصد الوضع الحالي في دولة ليبيا التي عززت الحراسة الحدودية في الجنوب الغربي لدولة ليبيا فبالإضافة الى «درج» في كل من «غدامس» و «سيناون» ووضع متاريس أمنية لتأمين الطريق وتذليل بعض الصعوبات التي تواجه رجال الأمن في تأمين الطريق

 

ليبيا تعترف بوجود تجاوزات وأخطاء
في تدبير إشكالية الهجرة غير الشرعية

الحركية التي عرفها ملف المحتجزين في ليبيا ومن بينها المغاربة، والتي اشتغلت عليها وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الافريقي والمغاربة القاطنين في الخارج بصمت الى جانب أجهزة أمنية موازية كان شغلها الشاغل التحقق من هويات المغاربة، التي تتخذ وقتا أطول تؤخر من الحصول على جوزات المرور أو تسهل الترحيل.
ونتيجة للوضع الذي أصبح سيئا ومتفاقما بسبب العدد الهائل للمحتجزين من المرشحين للهجرة غير الشرعية، بدأت ليبيا تخرج منذ شهر عن صمتها، خاصة وأن ملف المغاربة المحتجزين كان يناقش باستمرار مع نجلاء المنقوش، وزيرة الخارجية والتعاون الدولي الليبية.
كما تناول قبل شهر من اليوم كل من الأستاذ المستشار صديق الصور النائب العام ووزيرة الخارجية والتعاون الدولي الليبية تفعيل آليات التواصل بين وزارة الخارجية والتعاون الدولي بحكومة الوحدة الوطنية وبين الجهات النظيرة والمنظمات الدولية والإقليمية التي يتناول عملها المواضيع ذات الاهتمام المشترك لأجل تقاسم المعلومات بشأنها مع مكتب النائب العام، خاصة النتائج التي أسفر عنها العمل على ملف مكافحة الهجرة غير الشرعية بالشراكة مع دول الجوار والسياسات الموضوعة لأجل التصدي لها، وما اتخذ من إجراءات لمعالجة الملاحظات المسجلة على كيفية إدارة مراكز ايواء المهاجرين.
ومن جانبه أكد نائب رئيس المجلس الرئاسي الليبي عبد الله اللافي، الشهر الماضي، أنه سيتم ترحيل المغاربة المحتجزين قريباً في إطار عمليات منسقة بين وزارة الداخلية المغربية والسلطات الليبية. وجاء ذلك عقب محادثات مع ناصر بوريطة وزير الخارجية خلال مؤتمر مشترك عقد بالرباط.
ويقيم معظم المغاربة المحتجزين في ليبيا بشكل غير قانوني، فأغلبهم قصدوا هذا البلد للهجرة بطريقة غير شرعية إلى أوروبا، وتوجد مجموعات أخرى من المغاربة محتجزون للأسباب نفسها في الجزائر وتونس.
يأتي أبناء مدينة خريبكة في الدرجة الأولى من بين ضحايا تجار البشر عبر الوطنيين وهم من جنسيات مختلفة، مرشحون للهجرة هدفهم الوصول الى «لامبيدوزا» الايطالية و ينضم إليهم أبناء قلعة السراغنة وسوق السبت والدار البيضاء ومدن أخرى. وبسبب هذا الوضع عاشت ليبيا ضغطا خلال الأسابيع الأخيرة لتبدأ جهودا لوقف نزيف الهجرة السري إليها عبر الجنوب الغربي الليبي خاصة من منطقة «درج».
وعلى اعتبار منطقة «درج» من المداخل الأساسية التراب الليبي فلم تتردد إلى اليوم و في قرار لا رجعة فيه بسبب ضغوط دول شقيقة من بينها المغرب، فقد تم تعزيز الحراسة الحدودية في الجنوب الغربي لدولة ليبيا فبالإضافة الى «درج» في كل من «غدامس» و «سيناون» ووضع متاريس أمنية لتأمين الطريق وتذليل بعض الصعوبات التي تواجه رجال الأمن في تأمين الطريق.
وفي الآونة الأخيرة، وجهت عائلات المحتجزين، بدعم من عدة منظمات غير حكومية، نداءات متعددة إلى السلطات لإعلامهم بمحنتهم وطلب إعادتهم إلى أوطانهم، وإلى مسؤولين ليبيين خلال زيارتهم للمغرب أو من خلال سفارة وقنصلية المغرب بالجمهورية التونسية.
وبعد كل هذه المدة التي تجاوزت السنوات، اعترف متدخلون في تدبير إشكالية الهجرة غير الشرعية في ليبيا في اجتماع بوزارة الداخلية الليبية أن ثمة تجاوزات وأخطاء أوقفت برامج ( الترحيل الطوعي، الاجلاء الإنساني، إعادة التوطين) وإيفاء المنظمات الدولية بتعهدات بعدم تكرار التجاوزات ووضع آليات فعالة لاستئناف برامج الترحيل مرة أخرى.
ورحلت أول أمس السلطات الليبية طوعيا 53 مصريا مهاجرا مصريا غير شرعي وذلك من مطار «معتيقة» الدولي تتويجا لجهود جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية. وجاءت عملية الترحيل بالتعاون مع مكتب وزير الداخلية، ومصلحة الجوازات والجنسية وشؤون الأجانب وبالتنسيق مع السفارة المصرية في طرابلس.
وقد ضم الاجتماع، الذي يروم إشراك المنظمات الوطنية ببرامج الترحيل، .رئيس جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية عميد «المبروك عبد الحفيظ ميلاد» مع رئيس مكتب المنظمة الدولية للهجرة، ورئيس مكتب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين مصحوبين بمسؤولي أقسام الترحيل بالمنظمتين، وبحضور السيد رئيس المنظمة الليبية للهجرة واللاجئين ومدير إدارة العمليات والسيطرة، ومدير إدارة المنظمات والتعاون الدولي، ورئيس مكتب العلاقات والمراسم، ورئيس قسم الرعاية الصحية بجهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية.
وقبل أيام كثف جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية الليبي حراسته على الجنوب الغربي من الحدود الليبية – الجزائرية، حيث استفحلت في الأشهر الأخيرة ظاهرة الهجرة غير القانونية التي يلعب فيها تجار البشر عبر وطنيين دورا كبيرا..
الوضعية المزرية التي يعيشها المئات من المحتجزين من جنسيات مختلفة وغياب محاور وحيد شكلت ازمة مع بلدان صديقة لليبيا من بينها مصر والصومال و المغرب.. وهي إشكالية حقيقية في ليبيا بسبب إغلاق السفارة المغربية وقنصليتها .. جراء الاعتداء عليها في أبريل 2015.
إن هذه الوضعية، جعلت بلدا كالمغرب، يعرف في الاسابيع الأخيرة وقفات احتجاجية لأسر الضحايا أمام وزارة الخارجية والشؤون الافريقية والمغاربة القاطنين في الخارج مطالبين التدخل لإنهاء مأساة أبنائهم يشتغل دون توقف لإيجاد حلول خاصة على مستوى سفارة المغرب وقنصليتها في الجمهورية التونسية، تنتهي بالترحيل الى أرض الوطن
وقد عجت مواقع التواصل الفوري ووسائل التواصل الاجتماعي والصالونات الحوارية الخاصة بقضية المحتجزين المغاربة على الخصوص، بصور تنقل وضعيات مزرية لشباب لمغاربة داخل غرف في بيوت كان أملهم هجرة غير شرعية أمنة بعدما تم تشديد الحراسة على مخارج ومداخل غرب المتوسط نتيجة التعاون المغربي الاسباني لمكافحة الهجرة غير الشرعية، ليتحول أملهم الوصول الى الفردوس الأوربي الى جحيم.

وحدات أمنية ودوريات صحراوية بكافة مكوناتها تنزل بكثافة لمراقبة

القواطع الحدودية في الجنوب الغربي الليبي

خلال بداية الأسبوع الجاري أصبحت ليبيا مقتنعة بالوضع المقلق جعلها تؤمن بشكل جدي تأثير تنامي تمرير المرشحين للهجرة غير القانونية بشكل لافت وكبير على الوضع الاقتصادي والاجتماعي والأمني. مما دفع وحدات أمنية ودوريات صحراوية بكافة مكوناتها النزول بكثافة لمراقبة القواطع الحدودية في الجنوب الغربي الليبي الذي تعتبر منطقة «درج» و»بوابة الخميس» أهم ممراتها الى التراب الليبي عبر الأراضي الجزائرية.
وأكد جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية الليبي قبل أيام أن التمركز الأمني «أوال» تمكن من ضبط مركبة ببوابة الخميس التابعة لإدارة الدريات الصحراوية على متنها عدد من المهاجرين غير الشرعيين من دول جنوب الصحراء بعد دخولهم متسللين عن طريق الحدود الجزائرية.
إن التحقيقات التي يجريها مكتب النائب العام المسؤول عن النيابات العامة المتخصصة نوعيا في التحقيق في الوقائع المرتكبة في هذا الإطار، و المرتبطة بأنظمة دخول وإقامة الأجانب والوقائع الداخلة ضمن أوجه تنظيم الهجرة غير الشرعية.. ، أظهر النائب العام أن التحقيقات التي أنجزتها النيابة العامة أظهرت تنامي ظاهرة تنظيم الهجرة غير الشرعية على نطاق واسع لأجل تحقيق منافع مادية غير مشروعة من قبل القائمين عليها، كما أشار إلى أن نشاط «الجمعيات» و»المنظمات» القائمة على تنظيم عمليات الهجرة ليشمل أنماطا أخرى من السلوك ويتعلق الأمر بالاتجار بالبشر وبالأعضاء البشرية وغسل الأموال وتمويل التنظيمات المحظورة. ومن بين المتخصصين في الاتجار بالأعضاء البشرية بعد تمرير المرشحين الى الأراضي الليبية وافد صومالي الجنسية يدعى حسن قيدي، تم ضبطه و إحضاره، و المتهم بقيادة شبكة منظمة تعمل على تنظيم عمليات الهجرة غير الشرعية، و الاتجار بالبشر، وتعمد قتل العشرات من المهاجرين لأجل الاتجار بأعضائهم، ومواقعة عدد من المهاجرات تحت سطوة التهديد، وحجز حرية المهاجرين وتعريضهم للمعاملة القاسية لإرغام ذويهم على دفع مبالغ مالية نظير إطلاق سراحهم.
وعرج الأستاذ المستشار الصديق الصور النائب العام النائب العام في موضع اخر على التذكير بواقع حرص المنظمات والجمعيات العاملة داخليا على نسج شبكة ارتباط مع مجموعات أخرى يوصف نشاطها بعبر الوطني، معتبرا ان ألية عمل تلك المجموعات بهذه الطريقة يتطلب من وكلائه رفع نسق العمل لأجل انجاز تحقيقات تتعلق بالتدفقات المالية والأنماط التي تتخذها هذه الجماعات لتمويه مصدر التدفقات بسرعة ونجاح.
وقال في موضع اخر بأن أن التقارير والبلاغات العرضة على مكتبه تشير الى احجام عناصر جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية على القيام الواجب المسند اليه او هذا ما يتطلب من القائمين على الجهاز اتخاذ إجراءات عاجلة وناجزة لفرض الالتزام بموجبات الوظيفة العامة.

المنظمات والجمعيات العاملة في ليبيا تنسج شبكة ارتباط

مع مجموعات أخرى يوصف نشاطها بعبر الوطني

مجهودات المؤسسات الليبية المعنية بقضية الهجرة ونتيجة للقاءات المراطونية أسفرت على على خلفية واقعة حجز حرية عدد من المهاجرين الحاملين للجنسية المصرية و إنزال صنوف التعذيب بهم – بما في ذلك المعاملة المهينة – لحمل ذويهم على دفع مبالغ مالية تحت وطأة مشاهدة التسجيلات المرئية التي توثق مشاهد التعذيب .
توصل عناصر وحدة تقنية المعلومات والاتصالات -بمكتب النائب العام -بالتعاون مع مكتب تحريات المنطقة الحدودية الغربية، إلى تحديد هوية مرتكب الواقعة المعروف على مواقع التواصل الاجتماعي باسم (الحاج حكيم). وقد اخذوا فيما بعد في تتبعه ورصده حتى تم إلقاء القبض عليه.
وبفراغ الجهة الضبطية من إجراء سماع أقواله، باشرت نيابة العجيلات الابتدائية إجراء استجوابه، وأسفر هذا الإجراء على إثبات واقع اقترافه لواقعة تعذيب المجني عليهم عقب حجزه لحريتهم وحرمانهم منها لأجل الحصول على منافع غير المشروعة.
كما أسفرت إجراءات التحقيق على إثبات واقع انخراط المتهم في نشاط الجماعات الإجرامية التي تمتهن تنظيم عمليات الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر عبر عدة دول، وبأنه تولى في الآونة الأخيرة تنسيق عمليات الهجرة غير الشرعية عبر إدارة منظمة تعمل تحت سيطرته في الداخل ولها ارتباط مع شبكات أخرى تعمل لصالحه بدول الجوار.
وبذلك انتهت النيابة العامة إلى الأمر بحبس المتهم الحاضر احتياطيا واصدرت أوامر بضبط وإحضار شركائه في ارتكاب الأفعال المسندة إليه.


الكاتب : يوسف هناني

  

بتاريخ : 14/09/2021