«ليس على العدالة لوحدها أن تطفئ نار التمرد» نقابة القضاة الفرنسيين تخرج عن صمتها على إثر مقتل الشاب «نائل المرزوقي»

 

خرجت نقابة القضاة الفرنسيين (Syndicat de la Magistrature) عن صمتها بخصوص أعمال الشغب التي عرفتها فرنسا عقب مقتل الشاب ذي الأصول الجزائرية «نائل المرزوقي» (17 سنة) بعد أن أطلق عليه أحد رجال شرطة المرور النار أثناء فحص مروري لعدم امتثاله لأوامره مما أشعل فرنسا لدرجة أجبرت الرئيس الفرنسي «إيمانويل ماكرون» على عقد اجتماع طارئ لمجلس الوزراء،
وقالت النقابة في بلاغها الذي عنونته بـ: «موت نائل: ليس على العدالة لوحدها أن تطفئ نار الثورة: «بالأمس عشنا التراخي، التلقين، التسييس، الاتهام بكل الشرور.. ويبقى السؤال هل ستعود العدالة مرة أخرى لتتزين بفضائلها السليمة؟
دعونا لا نخطئ.. فهذا الخطاب القائل بـ «احترام عمل العدالة»، الذي تستخدمه الحكومة ورئيس الدولة وبعض نقابات الشرطة وجميع المنتقدين المعتادين لاستقلال القضاء، لا يخدم سوى غرض واحد: «ألا وهو عدم التصدي للمسألة المنهجية التي أثارتها مرة أخرى وفاة مراهق من حي للطبقة العاملة تحت رصاص الشرطة”.
ونعكف بالسؤال أيضا: كيف يمكننا أن نفشل في تحليل هذه اللباقة و الاحترام المفاجئ للعدالة، وأن نتجاوز اعتباره كأداة للتملص من المسؤولية والتهرب المؤسف منها؟. بعيدا عن مسألة المعالجة القضائية للقضية، فإن الزوبعة التي أثيرت عقب مقتل هذا المراهق على يد ضابط شرطة بعد رفضه الامتثال له، ليست إلا مسألة سياسية بالفعل.
من الواضح جليا، أن المؤسسة القضائية ليست معفاة من النقد.. بل، ويجب أن تسعى جاهدة لمعالجة أوجه القصور التي تواجهها في التعامل مع عنف الشرطة، كما يجب أن تنمي استقلالها القضائي كل يوم، بما في ذلك من الشرطة، وينبغي عليها أن تكافح – وألا تدع نفسها تنجرف – من خلال رد فعل متمثل في تجريم الضحايا والذي تنقله بعض وسائط الإعلام برضا تام عن مدى التزييف الذي يقع فيه، علما منها أنها بالكاد قد تستطيع فعل شيء ما، أو قد لا تستطيع أن تفعل شيئا ضد خطاب سياسي ينكر وجود عنف الشرطة أو الممارسات التمييزية للشرطة.
في نفس السياق، لا يمكننا أن نخفي مدى معاناة السلطة القضائية، فالقوانين تتوالى واحدة تلوى الأخرى، وكذلك الإجراءات المقررة والمعمول بها، من قبيل بناء نظام للشرطة يقوض حقوق المواطنين وحرياتهم، ويحرمهم من الوصول إلى العدالة، ويمنع السيطرة القضائية الحقيقية على الشرطة، لا لشيء إلا باسم «الأمن».
وعليه، تدعو نقابة القضاة الفرنسيين (Syndicat de la Magistrature) إلى:
-إلغاء الفقرة 4 من المادة (L.435-1) من قانون الأمن الداخلي، التي تسمح باستخدام الأسلحة في حالة الرفض للامتثال، هذا لأن الارتفاع المقلق في عدد الوفيات والإصابات الناجمة عن نيران الشرطة أثناء توقف حركة المرور دليل مأساوي على تزايد انعدام الأمن بالنسبة للمواطنين في تعاملهم مع الشرطة؛
-تضمين قانون مبدأ تغيير المشهد في أي تحقيق في عنف الشرطة، وتوقع أن يكون هذا التغيير في المشهد إلزاميا، وأن يقرره المدعون العامون بشكل منهجي، انطلاقا من هذا التساؤل: كيف يمكن لقاضي الصلح أو المدعي العام أو قاضي التحقيق، الذي يعمل يوميا مع ضباط الشرطة الخاضعين لولايته ورؤسائهم، أن يظل محايدا عندما يتعين عليه التحقيق مع أحدهم؟
-إنشاء دائرة تحقيق مستقلة؛ مكونة من المتخصصين في القضايا الأمنية، والمؤسسات المسؤولة عن ضمان أخلاقيات قوات الأمن ومن النماذج الأجنبية،حيث جميعهم يتناقشون تبني مثل هذا النموذج، على عكس الخاص بـ»المفتشية العامة للشرطة الوطنية» (IGPN) تماما.
انطلاقا من كل ما ذكرناه، ندعو أكثر من أي وقت مضى إلى إجراء إصلاحات بعيدة المدى في ممارسات الشرطة والقضاء، و التي ستكون الطريق الوحيد لإعادة كسب ثقة المواطن في كل من كيانات الشرطة والقضاء».


الكاتب : المقدمي المهدي

  

بتاريخ : 04/07/2023