ليس من المستبعد ان تزداد أعدادهم بفعل تداعيات أزمة كورونا : انخفاض درجات الحرارة يضاعف معاناة «ضيوف الشوارع» ويدق ناقوس التنبيه لتفادي وقوع ما لا تحمد عقباه

 

«تتوقع المديرية العامة للأرصاد الجوية، أن تكون الأجواء باردة نسبيا … و نزول زخات مطرية محلية … وسيلاحظ نزول بعض الثلوج فوق قمم مرتفعات الأطلس المتوسط… وستهب الرياح معتدلة إلى قوية نوعا ما … وستكون درجات الحرارة الدنيا في انخفاض…» … إنها عينة من العبارات ذات «الحمولة الباردة « التي باتت تؤثث النشرات الجوية الصادرة عن المديرية العامة للأرصاد الجوية، منذ أيام ، مؤشرة على المقدم الوشيك لموسم البرودة وما يستوجبه من احتياطات واتخاذ تدابير استثنائية، تفاديا لوقوع ما لا تحمد عقباه على أكثر من صعيد.
مستجد موسمي طبيعي يستحضر معه المنشغل بـ «أحوال المجتمع»، مشاهد مؤلمة أضحت تتزايد تمظهراتها المحزنة بشكل مقلق في أكثر من مدينة، على امتداد جغرافية الجهات الـ 12، رغم «الخطوات الرسمية» المتخذة سابقا، في هذا الإقليم أو ذاك، من أجل الحيلولة دون اتساع رقعتها؟
يتعلق الأمر بفئة من المواطنين، من مختلف الأعمار ومن الجنسين، وجدوا أنفسهم، على حين غرة، ولأسباب اقتصادية، اجتماعية، نفسية…، عرضة للتشرد والضياع بعد أن صاروا بدون مأوى؟
نماذج عديدة لصور قاسية يلمحها المرء في أكثر من شارع بوسط الدارالبيضاء – على سبيل المثال لا الحصر – كما هو حال أسرة مؤلفة من زوجين وصغيرهما، تتخذ من جنبات إحدى المقاهي المغلقة، المتواجدة على مقربة من ساحة الأمم المتحدة ، مكانا لقضاء الفترة الليلية، حيث تؤشر حقائب مختلفة الأحجام، مركونة بالقرب من الأم، على أن الأمر يتعلق بمأساة اجتماعية سببها المغادرة الاضطرارية لمسكن تعذر أداء واجباب كرائه المتراكمة؟
حالة ليست بالفريدة، حيث أن الوضعية الاستثنائية التي فرضتها «الحرب المتواصلة» ضد تفشي فيروس كورونا ، كان لها أكبر الأثر على آلاف الأسر التي تأزمت أحوالها، بشكل غير مسبوق، بعد أن صارت بدون مورد رزق قار عقب فقدان معيلها الوحيد لمنصب شغله أو تقليص ساعات عمله اليومية والأسبوعية.
وضعية، واستحضارا لموجة الغلاء التي مست أثمان مختلف المواد الأساسية للمعيش اليومي، تنبئ بأنه من غير المستبعد أن «تسقط «العشرات من الأسر – في القادم من الأيام والشهور – في «مخالب» العسر والهشاشة، وبالتالي عدم القدرة على الوفاء بالعديد من الالتزامات، سواء التي تربطها بمؤسسات أو أشخاص، مع ما يعنيه ذلك من تداعيات اجتماعيات ثقيلة متعددة الأوجه «تفكك أسري، فشل دراسي للأبناء… والتواجد الاضطراري بالشارع»؟
مؤشرات لا تدعو إلى التفاؤل، تسائل مدى نجاعة تدخلات الجهات المؤتمنة، محليا، جهويا ومركزيا، في ما يخص إنجاز مهام «الحماية الاجتماعية»، والتي لا ينبغي أن تبقى حبيسة الطابع الموسمي، المحددة آثاره زمنيا ومكانيا، علما بأن مرحلة الحجر الصحي المنصرمة، شهدت تنسيقا «واعدا» للجهود بين السلطات المحلية والفعاليات المدنية والمحسنين، من أجل حماية «ضيوف الشارع» من الضربات الغادرة لـ «كورونا»، فتم تخصيص العديد من المقرات، الإدارية والفضاءات غير المستغلة، في أكثر من مدينة، لإيوائهم المؤقت. تجربة لا ينبغي أن تطوى صفحتها دون قراءة خلاصاتها بـ «النجاعة» المطلوبة، وذلك حتى تشكل أعمدة متينة لـ «برامج حمائية» دائمة لا تباغتها المستجدات والطوارئ، وتفلح في إحداث مقرات «اجتماعية» بشروط ومواصفات تمكن من وقاية آلاف الأجساد المنهكة من «ضربات» الشارع الفتاكة، وتمنح الأمل لكل من تجرع مرارة «غدر الزمان»، تحت هذا الظرف أو ذاك، فردا كان أو أسرة، بأن «الشارع» ليس سوى مرحلة قاتمة عابرة، وأن إمكانية النوم تحت سقف «مأوى قار» يحفظ الحد الأدنى من الكرامة الإنسانية، تشكل انشغالا حاضرا في أجندة الجهات المسؤولة.


الكاتب : حميد بنواحمان

  

بتاريخ : 08/11/2021

أخبار مرتبطة

    عدد الموقوفين على إثر أحداث الخميس بلغ 28 معتقلا   حالة من السخط في أوساط المحيط الجامعي والرأي

أزمة طلبة الطب في المغرب تعد تجسيدًا واضحًا للتوترات المتزايدة بين الدولة وفئة مهمة من الشباب المتعلم المقبل على سوق

أصدر المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، تقريره السنوي الأول خلال ولايته الثانية، عن حصيلة وآفاق عمله لسنة 2023، كمؤسسة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *