كل العالم يعرف منطقة إملشيل بـ «موسم الخطوبة» على خلفية الأسطورة الخالدة المرتبطة بقصة العشيقين «تيسليت» و«إسلي»، وحبهما الجنوني الذي ارتقى بهما إلى فكرة الزواج الذي رفضته قبيلتيهما المتصارعتين، ليضطرا إلى اللجوء نحو جبل ليبكيا خيبتهما، فخلقت دموعهما المنهمرة بغزارة بحيرتين حملتا اسميهما، وأضحتا، إلى اليوم، محجا للزوار والسياح، ومن أسباب نزول هذه المقدمة هي الفاجعة التي عاشت عليها المنطقة، من الاثنين إلى الأربعاء 22/ 24 غشت 2022، إثر غرق شاب في مياه بحيرة «تسليت»، الواقعة بدوار أيت علي ويكو، داخل النفوذ الترابي لجماعة بوزمو، دائرة إملشيل بإقليم ميدلت، ولم تتمكن فرق الانقاذ من انتشاله إلا بصعوبة.
وكان الشاب العشريني، والذي يدعى «مهدي»، والمنحدر من دوار أيت علي ويكو، قد اختطفته أعماق بحيرة «تسليت» بإملشيل، وسط ذهول ودهشة الجميع، وكان قد قصد هذه البحيرة، رفقة بعض أصدقائه، للاستجمام والسباحة، هروبا من الحرارة المفرطة التي تعرفها مناطق البلاد، فشاءت الأقدار الإلهية أن يغرق في ظروف رهيبة اهتزت لوقعها أرجاء المنطقة، قبل أن تتحول إلى موضوع مأساة على منصات التواصل الاجتماعي والمنابر الاعلامية، ولم تتمكن عناصر الوقاية المدنية من العثور على جثته المختفية تحت الماء، إلا بعد مرور يومين، رغم استعمال كل الامكانيات المتاحة، الوضع الذي زج بالمنطقة في احتقان شعبي غير مسبوق.
وإلى حدود صباح الأربعاء، ظلت المنطقة على صفيح ملتهب أدت سخونته إلى استنفار السلطات الإقليمية والأجهزة الأمنية لعناصرها تحسبا لأي طارئ، سيما بعد تأجج الوضع وخروج الساكنة، في أشكال احتجاجية ارتقت إلى حد قطع بعض الطرق الرئيسية، وذلك للمطالبة بتعزيز فرق الإنقاذ بالموارد البشرية واللوجيستيكية لانتشال جثة الشاب الغريق، فيما جدد المحتجون دعواتهم للجهات المسؤولة بإنقاذ المنطقة من التهميش والاقصاء، وبالعمل على توفير فرق الغطس والمعدات الضرورية على مستوى الانقاذ، نظرا لكون المنطقة معروفة ببحرتيها التي يقصدها المئات من الزوار والسياح من أرجاء المنطقة ومن كل البلاد والعالم.
وعلى غرار الرأي العام الذي يتابع مستجدات الواقعة المؤلمة، رابط العديد من المواطنات والمواطنين حول محيط البحيرة، وبينهم أفراد أسرة وأقاربه ومعارفه، وعناصر الدرك الملكي والسلطات المحلية والوقاية المدنية، والجميع على أمل كبير في العثور على جثة الهالك «مهدي»، ونقلها لعملية التشريح من أجل تحديد ظروف وملابسات الحادث، وقد أجمع الكثيرون على أن المعني بالأمر، والبالغ من العمر 22 سنة، كان من حفظة القرآن والبارعين في تجويده وترتيله، ويتابع دراسته بإحدى مدارس التعليم العتيق، وقد سجلت قضية غرقه الكثير من التفاعل والاهتمام بكل جديد فيها إلى حين انتشال جثته وسط استنفار أمني مكثف.