مؤتمر اتحاد كتاب المغرب ورمزية القضية الوطنية؟

اتهامات بتهريب المؤتمر ونقل الخلافات الى مدينة محط إجماع وطني وجودي وديموقراطي

 

لاتزال تفاعلات ما بعد الإعلان عن عقد المؤتمر الاستثنائي 19 لاتحاد كتاب المغرب بمدينة العيون تحت «جبهة ثقافية لنصرة قضية الصحرا المغربية» ، تتواصل، بسبب غياب التواصل بين أعضاء الأجهزة المقررة ورئيس الاتحاد، والاقتصار على مجموعات التواصل الاجتماعي، ما يجعل مستقبل المؤتمر والاتحاد معا مفتوحين على المجهول، وهو السيناريو الذي لايبتغيه أي عاقل يرى في الاتحاد ذلك الصرح الثقافي الذي قام بدور طلائعي منذ تأسيسه في التعبير عن وعي جماعي ورؤية ثقافية تنصهر في واقعها الثقافي والاجتماعي والسياسي، وتقدم تصوراتها وبدائلها من أجل المساهمة في بناء تصور مجتمعي يجعل الانسان وبناء الإنسان غايته القصوى مع الانخراط في أسئلة مرحلته والتجاوب معها.
ولأن سؤال البداية مهم وأساسي، فإن أول سؤال يتبادر الى الذهن أمام هذا الوضع هو: هل بمثل هذه البداية الصدامية يمكن أن تنجح هذه المحطة؟ وعلى حساب من سيتم هذا التجاوز إن لم يكن على حساب الشرعية وتاريخ الاتحاد الذي لا نأمل، حقيقة، أن تتم بلقنته على غرار البلقنة السياسية التي عرفتها جل الأحزاب الوطنية العريقة، والتي لم تكن نتيجتها سوى إضعاف وتفكك الخط الحداثي، ونسف تاريخ طويل من التضحيات والنضال.
العديد من الكتاب ومن أعضاء الاتحاد، اعتبروا أن عقد المؤتمر في هذه الشروط التنظيمية وبالغموض الذي يلفه وغياب التواصل والمعلومة، وفي مدينة لها رمزيتها الروحية والوطنية والوجودية لدى المغاربة جميعهم ولا تحتمل الخلاف، لا يمكن أن يؤدي إلا الى الفشل الذي لن تنسحب تبعاته على الاتحاد فحسب، بل على الوطن كله وعلى قضيته الترابية التي تعيش منعطفا حاسما من خلال الالتفاف الدولي حول حق المغرب في وحدته الترابية وهو الالتفاف الذي يتكاثف يوما بعد يوم. كما أن هناك أصواتا اعتبرت عقد المؤتمر بالعيون، هو تهريب له بصيغة مقنعة.
هكذا كتب الكاتب والمفكر عبد الصمد بلكبير في تعليقه على ما يحدث تدوينة عبر فيها عن موقفه جاء فيها:
«تدنيس المقدس(=الصحراء)
هذا هو أقل ما يوحي به، تهريب مؤتمر(اتحاد كتاب المغرب) بعد أن تمت قرصنته سلفا، إلى عاصمة الجنوب المحرر(العيون) وجرح (المركز السينمائي) بها، لم يندمل بعد؟!
على جميع المستويات والاعتبارات، فجميع المواطنين، وأحرى الوطنيين – الديمقراطيين منهم، يستوعبون بداهة وبالحس الوطني السليم بل والتلقائي، أن الصحراء يجب أن تستمر موضوع إجماع، ولا نزاع فيها، إلا مع خصوم وأعداء مغربيتها، ويبقي علاج خلافاتنا وصراعاتنا المختلفة حيث لا ينازعنا أحد على سيادتنا عليها؟!»وأضاف بلكبير أنه «تلافيا لتكرار ما حدث من صراع في دورة(طنجة) من المؤتمر، رعيا للقدسية الوطنية للمكان(=العيون) ولعل هذا الإحراج، مقصود، فسيقتصر ديمقراطيو الاتحاد على مقاطعته، ولكن هل سيمتد ذلك على حقوقهم في استمرار النزاع إعلاميا وقضائيا، وطنيا، مغاربيا، عربيا وعالميا؟! ..»
واستنكر بلكبير في تدوينته ما يحدث بعد «تعطيل أعمال اللجنة التحضيرية المتوافق عليها في طنجة ، وأعضاء المكتب الوطني للاتحاد، الذين لا علم لهم بموضوع المؤتمر نهائيا! فعن أي (مؤتمر) يتم الإخبار، سيكون، إذا تم، حفلا جنائزيا بالأحرى لا مؤتمرا، وضرره على قضية صحرائنا، أرجح من فوائده المتوهمة»، متسائلا بما يشبه الاستنكار: «هل ثمة من يستهدف الإجهاز على المكتسبات الديمقراطية لإدارات المجتمع المدني(الحزبي، النقابي والثقافي..) موجها في الاخير نداءه من أجل رتق هذا الجرح قبل أن يتعمق:
أيها الَكتاب المغاربة، حافظوا على تركة المؤسسين..»
بدوره كتب عبد الدين حمروش، نائب رئيس الاتحاد: «المؤتمر المهرب» ، مذكرا بفشل مؤتمر طنجة ومحذرا من أن يلقى المآل نفسه حيث جاء في تدوينته:
«لا يمكن عقد مؤتمر لاتحاد كتاب المغرب إلا بتهريبه. سبق أن هربوه الى طنجة بالشمال، فحصل الفشل الذريع. واليوم، سيعيدون محاولة التهريب الى الجنوب المغربي، وبالضبط إلى مدينة العيون..
لكن، الفشل في طنجة غير الفشل المحدق بمؤتمر العيون. هم يختارون شعارا وطنيا حماسيا خادعاً «جبهة ثقافية لنصرة الصحراء المغربية»، بينما الأمر لا يحتاج الى كل هذا التهويل في الشعار، مادام المغاربة حسموا وحدتهم الترابية الى غير رجعة. الفشل في العيون أعظم، لأنهم ينقلون إلى مدينة وحدوية صراعاتهم وانقساماتهم. ها هنا، يكمن الفرق».
وشدد حمروش على خطورة استمرار هذا المنحى في التحضير للمؤتمر على حساب قضية مقدسة بالنسبة للمغاربة جميعا» من العار والشنار، ان يقترن اسم عاصمة الجنوب المغربي ب «مؤتمر العيون المهرب»، أو «مؤتمر العيون الفاشل»، أو «مؤتمر العيون المزور». هل يمكن للحسابات الشخصية والضيقة، ضدا على كل قوانين الاتحاد وأخلاقه في التداول على التدبير الديمقراطي للمنظمة بين الاجيال، أن تورط البلد بكامله في قضية مثل هاته؟»
الكاتب والشاعر وكاتب فرع الاتحاد بمدينة أصيلة، إدريس علوش، عبر عن أسفه مما يحدث من تغييب للمقاربة التشاركية في التحضير للمؤتمر خاصة أن المؤتمرات السابقة كان يتم التحضير لها في اجتماعات مسؤولة وبأعضاء لهم الصفة القانونية، وليس بأعضاء جدد من أجل ضمان ترسيم أسماء بعينها في الأجهزة التقريرية والمسيرة للاتحاد.
وتساءل علوش عن الأهداف التي تقف وراء هذه التجاوزات والتي لا تخرج عن المكاسب المادية والمناصب في الهيئات والإطارات الثقافية التي سيتم إخراجها للوجود مستقبلا كدار الفكر والمجلس الأعلى للثقافة.
وأمام هذا الواقع المادي والموضوعي ، يرى علوش أن سؤال ما العمل؟ مطروح اليوم بشدة على لجنة الحكماء داخل الاتحاد للتدخل من أجل وقف هذا النزيف الذي ليس في مصلحة الاتحاد ولا كتابه، وإعادة النظر في شعار المؤتمر «جبهة ثقافية لنصرة قضية الصحراء المغربية» لأن القضية الوطنية هي محط إجماع المغاربة، سياسيين ومجتمعا مدنيا ومثقفين، مجددا أسفه لكون ما يحدث اليوم «لا يشرف تاريخ الاتحاد وتاريخ المؤسسين».


الكاتب : حفيظة الفارسي

  

بتاريخ : 03/01/2023